كثيراً ما نحكم على الأشخاص أو الأشياء من ظاهرها، ولكن إذا كان الحكم ظاهرياً غالباً ما يكون خاطئاً، يجب علينا دائماً أن نتعمّق بالأمور ولا نحكم قبل أن نفهم الحقيقة المخفية، سنحكي في قصة اليوم عن سنجاب كان يجب اللعب مع الحيوانات، ولكنّه كان يظهر للحيوانات أنّه حيوان نهم؛ وذلك لأنّه يجمع طعامه في فمه فظنّت الحيوانات أنّه يأكل بشراهة، وغادرت الغابة ولكن السنجاب شعر بالحزن وأراد أن يثبت لهم حقيقة الأمر، وعندما فعل ذلك اعتذرت منه الحيوانات وعادوا ليعيشوا ويلعبوا مع بعضهم البعض.
قصة السنجاب الحزين
كان هنالك سنجاب يسكن الغابة، عاش مدّة طويلة دون مأوى فكان ينتقل من مكان إلى آخر، انتظر حتى أصبح هذا السنجاب كبيراً وجاء فصل الشتاء، وأخيراً أصبح لهذا السنجاب منزلاً ومن حوله الكثير من الأعشاب والحشائش الخضراء، وكان السنجاب سعيد جدّاً بذلك المنظر بالإضافة إلى برك الماء الصغير المتجمّعة بسبب الأمطار.
ذهب السنجاب وبدأ يجمع طعامه الذي كان عبارة عن البندق و الجوز واللوز، وقام بحفر حفرة في منزله حتى يقوم بتخزين هذا الطعام، بينما كان منهمكاً في عمله، وكان يحمل البعض من البندق نظرت له الحيوانات بطريقة غريبة، وصارت تهمس بين بعضها البعض قائلة: هذا السنجاب الذي يعيش معنا يبدو أنّه سنجب نهم ويحب الطعام، لا بد أنّه سيأكل طعامنا جميعاً هيا بنا لنغادر المكان.
غادرت الحيوانات جميعها الغابة، ووقف السنجاب وكأنّه قطعة من الثلج بمكانه لا يتحرّك، وشعر أنّه سيذوب تحت قطرات المطر، فجأةً انتفض السنجاب من مكانه وكان يريد أن يلحق الحيوانات ليشرح لهم الأمر، وعندما ذهب حيث يجلس القرد والحيوانات الأخرى قال لهم: ألا تعلمون أن عمل السناجب هو جمع الطعام؛ فأنا لست نهماً، بينما كان السنجاب يتكلّم إذ غادرت الحيوانات الغابة ولم تأبه بكلامه.
شعر السنجاب بعد ذلك بأن الغابة قد تحولّت إلى جحيم؛ فلا أحد بها وصار السنجاب يمشي ويكلّم نفسه وهو حزين للغابة ويقول: كيف لي أن أبقى منبوذاً بهذا الشكل، لا بدّ أن أوضّح الأمر لهذه الحيوانات، فجأةً وقف السنجاب واتكأ على جذع الشجرة، وهو يشهر بأنّه لا يحب مسكنه الجديد هذا.
أغمض السنجاب عينيه وصار يتذكّر ذكرياته التي عاشها قديماً في فصل الشتاء مع الجدة والأهل والأصدقاء، وصوت الأحاديث والضحكات العالية والحفلات الصاخبة التي كانوا يقيمونها، فجأةً خطر بذهن هذا السنجاب فكرة رائعة وقال في نفسه: إن الحفلات هي التي تجمع الأصدقاء سويّةً، لا بد أن أقوم بإعداد حفلة وأدعو إليها كل حيوانات الغابة وسيكونون سعداء بها.
أسرع السنجاب وبدأ بجمع الثمار وجذوع الأشجار، كانت الحيوانات بطرف الغابة تنظر له وتقول فيما بينها: انظروا لهذا السنجاب النهم يقوم بجمع الطعام، لا بد إن كنّا قد بقينا معه فسوف يخلّص على طعامنا كلّه، كان السنجاب قد جمع أعواد الأشجار وأشعل بها النار، عندما رأت الحيوانات دخان النار أسرعت لترى الأمر، وإذ بهم يرون ظل السنجاب وكان يقف ورائهم.
عندما التفتوا ورائهم شاهدوا السنجاب يقف ويقول لهم: أهلاً بكم لقد أعددت هذه الحفلة من أجلكم، هذه حفلة شواء سنأكل الطعام ونلعب ونضحك سويةً، فجأةً صمتت الحيوانات جميعها وكانت تنظر لبعضها البعض، وبدأت تغادر المكان، طأطأ السنجاب رأسه وصارت دموعه تسيل من الحزن ويقول في نفسه: لماذا تنبذني تلك الحيوانات، فأنا قمت بإعداد هذه الحفلة من أجلهم، لماذا غادروا وتركونني وحيداً؟ لا بدّ أنّني سأظلّ في أعينهم السنجاب النهم.
بعد مدّة من الوقت عادت تلك الحيوانات وكانت تحمل معها الثمار وأنواع الفاكهة المختلفة، لم يصدّق السنجاب ما رأى وقالوا جميعاً: لقد عدنا لنحيي حفلة شواء رائعة سويّةً، فرح السنجاب كثيراً وبدأت الحيوانات بنصب أعواد جوز الهند والموز والأناناس، وبعضهم قام بنصب أعواد السمك الطازج، وصاروا يتكلّمون ويضحكون ويتبادلون الحديث وكانوا سعداء للغاية.
نظر السنجاب للحيوانات وقال: لقد كنت أريد أن أشرح لكم هذا الأمر؛ فأنا لست نهماً كما تظنّون، أنتم ظننتم أنّني أقوم بجمع الطعام لأنني نهم، ولكن في حقيقة الأمر أنا فقط أقوم بتخزينه في فصل الشتاء وأحياناً أخزّن الطعام في فمي؛ لذلك تجدون فمي مليء بالطعام في أغلب الأوقات، نظرت الحيوانات لبعضها البعض وكانت تشعر بالندم لحكمها السريع على ظاهر هذا الحيوان، اعتذر منه الجميع بعد إدراكهم للأمر الصحيح، وصاروا جميعاً أصدقاء.