قصة الغراب والأوز أو (Raven and the Geese) هي حكاية شعبية جمعت من الأسكيمو الذين يعيشون في أمريكا الشمالية، للمؤلف: كلارا كيرن بايليس، نُشرت عام 1922، للناشر: شركة Thomas Crowell، الولايات المتحدة الأمريكية.
الشخصيّات:
- الغراب.
- الأوزة.
- والد الأوزة.
- القطيع.
قصة الغراب والأوز:
عاش الغراب لفترة طويلة بمفرده، لكنّه سئم أخيرًا وقرر أن يتزوج، كان الوقت متأخرًا في الخريف ولاحظ أنّ الطيور تتجه جنوبًا في قطعان كبيرة، طار بعيدًا وتوقف مباشرة في المسار الذي سلكه الأوز والطيور البرية الأخرى في طريقهم إلى أرض الصيف، وبينما كان جالسًا هناك رأى أوزة شابة جميلة تقترب، أخفى وجهه بالنظر إلى الأسفل حتى تتوهم أنّه كان أوزة سوداء، وصرخ: من تتمنى أن تتزوجني؟ أنا شخص لطيف جدًا.
طارت الإوزة دون أن تصغي إليه فشعر بالغضب من سلوكها تجاهه، وبعد فترة وجيزة مرّ عدد من قطعان الحمام الأسود، ثمّ قال الغراب مرة أخرى: من يريد الزواج منّي، لكنّ الحمام طار، انتظر مرة أخرى وهذه المرة مرّت بطة بالقرب منه، وعندما صرخ الغراب بنفس الكلمات، أدارت البطّة رأسها قليلاً، ففكر الغراب قائلاً: سوف أنجح هذه المرة، وخفق قلبه سريعًا بأمل، لكنّ البطّة مرّت دون النظر إليه، ووقف الغراب حزيناً ورأسه محني.
سرعان ما جاءت عائلة من الأوز الأبيض، تتكون من الوالدين وأربعة أبناء وأخت، صرخ الغراب: من يتمنى أن يتزوج بي؟ أنّا صياد جيد وأنا شاب وسيم، وعندما أنهى حديثه نزلوا خلفه مباشرة، وفكّر الغراب مرة أخرى: بالتأكيد، الآن سأحصل على زوجة، ثمّ نظر حوله ووجد حجرًا أبيضًا جميلًا في حفرة ملقى بالقرب منه، حمله وشده على جذع عشب طويل وعلقه في رقبته.
حالما فعل هذا دفع ريشه لأعلى حتى انزلق إلى رأسه مثل القناع، وتحوّل فجأة إلى شابًا داكن اللون، وفي الوقت نفسه، دفع كل من الأوز ريشهم بنفس الطريقة، وأصبحوا أناسًا جميلين المظهر، مشى الغراب نحوهم، وكان مسرورًا جدًا بمظهر الفتاة، وأعطاها الحجر الذي علقته حول رقبتها، وبفعلها هذا أظهرت أنّها قبلته كزوج لها، ثمّ قاموا جميعًا بسحب ريشهم، ليصبحوا طيورًا مرة أخرى، وطاروا بعيدًا باتجاه الجنوب.
رفرف الأوز بجناحيه بشدة ولكنه كان بطيء في طيرانه، بينما كان الغراب على أجنحته الممتدة يطير أسرع من مجموعته، وكان الإوز يحدّق خلفه بإعجاب، قائلاً: كم هو خفيف ورشيق! وكانت العروس الصغيرة فخورة جداً بزوجها الرائع، لكنّ الغراب لم يكن معتادًا على رحلات الإوز الطويلة طوال اليوم، وأصبح متعبًا، وقال: من الأفضل أن نتوقف مبكراً ونبحث عن مكان جيد لقضاء الليل.
وافق الآخرون على ذلك، فتوقفوا وسرعان ما ناموا، وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي، كان الغراب ينام بشدة لدرجة أنّ أب الأوزة كان عليه أن يهزّه ويقول: استيقظ! استيقظ! يجب أن نسرع لأنّ الثلج سوف يتساقط هنا قريبًا، يجب ألا نتباطأ، وبمجرد أن استيقظ الغراب تمامًا، تظاهر بأنّه حريص على الابتعاد، وكما في اليوم السابق، تقدّم على جميع الآخرين بجناحيه المنتشرين على نطاق واسع، وقد أعجب به الآخرون كثيرًا، وخاصة زوجته الشابة.
استمر طوال الرحلة في الطيران فوق رفاقه أو أمامهم، وكانت عروسه تقول في كثير من الأحيان لإخوتها الأوز الآخرين: انظروا كيف يطير برشاقة دون أن يضطر إلى تقليب الأجنحة الثقيلة كما نفعل، وكانت تقارنه دائماً بأفراد مجموعتها وتعطيهم نظرة حادة جعلتهم يشعرون بسخافاتهم بسهولة، وبعد هذه الملاحظات غير اللبقة، بدأ الأشقاء الأوزة الأربعة يشعرون بالحسد من الغراب.
توقفوا في إحدى الأمسيات على شاطئ البحر حيث كانوا يتغذون على التوت الذي كان وفيرًا هناك، ثمّ استقروا وناموا، وفي الصباح ، كان الأوز يستعد للبدء دون انتظار الإفطار، وصرخت معدة الغراب للحصول على المزيد من التوت، لكنّ والد الأوزة قال إنّهم لا يستطيعون الانتظار، كان أفراد الأوز قد حثّوا الأب سرًا على عدم الانتظار، لأنهم قالوا: أختنا تأخذ بعض الغرور من زوجها، وسنقوم بكسر غرورهما.
خاف الغراب من الرحلة الطويلة عبر البحر، لأنّه سمع والد الأوزة يقول سنتوقف مرة واحدة فقط لعبور هذه المياه، هناك جزيرة في وسطها، وهناك سنرتاح لفترة قصيرة ثم نذهب إلى الشاطئ الأبعد، شعر الغراب بالخجل من أن يقول أنّه يخشى أن لا يتمكن من الوصول إلى ذلك الشاطئ الأبعد، لذلك صمم على البقاء مسافراً معهم والمخاطرة بنفسه وانطلقوا جميعًا.
استمر الإوز بالطيران بسرعة، وبعد وقت طويل بدأ الغراب يتخلف عن الركب، كان جناحيه المنتشران على نطاق واسع يؤلمانه، لكنّ الأوز ظل ثابتًا بلا كلل، ولم يعد الغراب مغروراً من خلال الإعجاب بملاحظات رفاقه، لأنّه كان يرفرف بصعوبة، وفي بعض الأحيان كان ينزلق على جناح صغير ممدود لبعض الوقت، على أمل تخفيف جناحيه المتعبين، لكنّه كان يسقط أكثر فأكثر خلفه.
أخيرًا نظر الإوز إلى الوراء وقال أفراد الأوز بسخرية: اعتقدنا أنّه خفيف ونشط، فقال والد الأوزة: لابد أنّه تعب، يجب ألا نضغط عليه بشدة. سنرتاح، ثمّ سبح الأوز على الماء بالقرب من بعضهم البعض، وجاء الغراب جاهدًا وسقط على ظهورهم، وهو يلهث لالتقاط الأنفاس، وفي وقت قصير تعافى جزئيًا، ووضع إحدى يديه على صدره، وقال: لدي رأس سهم هنا من حرب قديمة كنت فيها، وهذا يؤلمني كثيرًا، هذا هو سبب تعبي.
جعل زوجته تضع يدها على صدره لتحسس رأس السهم الذي قال إنه يشق طريقه إلى قلبه، ولكنّها لم تكن تشعر بشيء سوى قلبه ينبض مثل مطرقة دون أي علامة على وجود سهم، لكنّها لم تقل شيئًا، لأن أفراد قطيعها كانوا يتهامسون، ويقولون: لا نصدق تلك القصة حول السهم في قلبه! كيف يمكن أن يعيش مع سهم في قلبه؟ثمّ استراحوا مرتين أو ثلاث مرات، وسبحوا على ظهورهم كما كان من قبل.
ولكن عندما رأوا الشاطئ البعيد أمامهم قال والد الأوزة: لا يمكننا أن ننتظر أكثر، لأنّهم كانوا حريصين على الوصول إلى الأرض والعثور على الطعام، ثمّ نهضوا جميعًا وطاروا، كان الغراب يرفرف ببطء خلفهم، لأنّ شعر بثقل جناحيه، وظل الإوز يتقدم بثبات نحو الشاطئ، بينما كان الغراب يغرق في الأسفل، ويقترب من الماء المخيف، وعندما كادت الأمواج تلمسه صرخ لزوجته: أرمني بالحجر الأبيض، لديه قوى سحرية، ارميني بالحجر الابيض بسرعة.
وهكذا ظلّ يصرخ حتى فقدت جناحيه فجأة قوتهما وطفا بلا حول ولا قوة على الماء، ومع وصول الأوز إلى الشاطئ، حاول أن ينهض من الماء لكن جناحيه بدا وكأنهما ثقيلان، وانجرف ذهابًا وإيابًا على طول الشاطئ، نشأت الأمواج وطفت فوقه حتى غمرته الماء، وكان من الصعب للغاية رفع منقاره فوق السطح ليتنفس قليلاً بين العواصف.
بعد فترة طويلة ألقته موجة كبيرة على الأرض، وعندما تدفقت عائدة، حفر مخالبه في الرمال لينقذ نفسه من الانجراف إلى البحر، وبمجرد أن تمكن من ذلك، كافح على الشاطئ، وهو غير سعيد بتلك الرحلة الصعبة، كان الماء يجري ويحمل ريشه المنزوع ويجرف جناحيه على الأرض، لقد سقط عدة مرات، وأخيراً وصل إلى بعض الشجيرات بفم متسع.
وحالما حصل على أنفاسه خلع معطفه الغريب ورفع منقاره إلى أعلى، وأصبح رجلاً صغيراً داكن اللون، وصرخ قائلاً: من هذا الوقت فصاعدًا، انتهيت إلى الأبد من كوني أوزة.