قصة الفراشة الصفراء

اقرأ في هذا المقال


الكثير من الأطفال يخافون من الظلام، ولكن علينا دائماً أن نعوّدهم على عدم الخوف، وأنّ الظّلام ظاهرة طبيعية تحدث كل يوم، سنحكي في قصة اليوم عن فتاة كانت تخاف من الظلام، حتى ساعدها عجوز حكيم بأن تستمد النور من فراشة صفراء، وترمز الفراشة الصفراء إلى السلام الداخلي.

قصة الفراشة الصفراء

كان هنالك فتاة صغيرة واسمها ساشا، كانت هذه الفتاة تعاني من تحوّل غريب؛ حيث كانت في الليل دائماً تشعر بخوف كبير من ظلام الليل، ودائماً يظهر في مخيّلتها أنّ هذا الظلام مليء بالأرواح الشريرة والشياطين، فيجدها والديها تجلس وتضع رأسها بين ركبتيها من شدّة الخوف، وعندما تطلب منها أمّها الذهاب إلى فراشها تخبرها أنّها تخاف من العفاريت المليئة بالغابة، فتحملها أمّها وتوصلها إلى الفراش بيديها.

أمّا عندما يأتي النهار فتتحوّل ساشا إلى فتاة شقيّة وشجاعة جدّاً، حتّى يشعر من حولها أنّها بقوّة الشيطان؛ حيث تقوم بمطاردة الحيوانات وتقتل الحشرات وتصطاد الطيور، بالإضافة إلى أنها كانت ماهرة في تسلّق الأشجار، وفي مرّة من المرّات كانت ساشا تريد العودة إلى المنزل؛ فشعرت أنّها قد ضلّت الطريق، فأخرجت العقد الأحمر الذي كانت قد أهدته لها أمّها.

ولكن هذا العقد لم ينجح بمساعدة ساشا إلى معرفة طريق العودة، ولم يساعدها حتّى بإزالة الخوف والجبن الذي كانت تشعر بهما، وظلّت طوال الوقت تحاول في البحث عن الطريق الصحيح دون جدوى، فلم تعثر عليه، وفجأةً وبينما كانت تسير إذ شاهدت أضواء تسطع من شجرة ما، وعندما اقتربت لاحظت وجود زجاجات على هذه الشجرة.

تساءلت ساشا في نفسها: هل هذه شجرة الزجاج التي أخبروني عنها؟ وهل سأجد صاحبها العجوز ؟ وهل سيدلّني على طريق العودة؟ ذهبت تحاول الاقتراب من تلك الشجرة، لاقت العجوز واقفاً بجانب الشجرة فسلمّت عليه، فردّ عليها: أهلاً يا ساشا هل قدومكِ إلى هنا بسبب الأضواء التي تجذب الفرشات؟ اندهشت ساشا من هذا العجوز وقالت له: وكيف عرفت اسمي؟ لقد سمعت عنك الكثير، وأعلم أنّك قادر على تفسير الأحلام، وأنّك تملك الأعشاب التي تعالج الكثير من الأمراض.

قاله لها العجوز: ومن أين عرفتِ ذلك؟ قالت له: هكذا يتحدّث الجميع عنك، طلب منها العجوز المساعدة وقال لها: من فضلك يا ساشا فأنا أريد أن أضع هذه الأعشاب وأفرشها على الأرض كي تجف، هل تستطيعين مساعدتي؟ قالت له: بالطبع سوف أساعدك، بدأت ساشا بمساعدة العجوز، وظلّت تتبادل معه أطراف الحديث حتّى غربت الشمس وهي لا تشعر بذلك.

حلّ الليل فشعرت ساشا بالتعب، وفجأةً استلقت على الأرض ونامت، قام العجوز بحملها ونقلها إلى الفراش، عنما استيقظت في ظهيرة اليوم التالي نظر لها العجوز وهو مبتسم وقال لها: لقد كنتِ بارعة في عملك يا ساشا، أنتِ حقّاً شجاعة بالنهار ونشيطة؛ فقد أتقنتِ صعود السلّم وقطف أوراق الأشجار، أمّا بالليل فأنتِ جبانة، فقالت له: نعم أنا أخاف من الأمور المزعجة التي تخفيها الغابة في الليل؛ فهنالك الكثير من الحيوانات التي تنبعث من عيونها شرارة الحقد.

ابتسم العجوز من كلام الفتاة الصغيرة وقال لها: اتظري لهذه الفراشة؛ فهي تطير وتحلّق بالسماء ولا تخاف الوقوع على الأرض، قالت له ساشا: هذه الفراشة لديها جناحات ولذلك هي تستطيع الهروب من الخوف، ولكن أنا لا أملكهما، نظر لها العجوز وقال: كلّا فهذه الفراشة الصغيرة لديها سر آخر، انظري لها وتابعي تحركّها فقط.

كانت ساشا تبحث عن سبيل لتتخلّص من الخوف الذي يلاحقها بالليل، عندما ذهبت لتكمل عملها مع العجوز، وكانت تنفض الغبار عن أوراق الشجر، شعرت بالنعاس ونامت، حلمت بتلك الفراشة الصفراء، الذي كان ينبعث الضوء منها وكأنّه أشعّة الشمس، كانت الفراشة قادمة إلى ساشا وتريد إخبارها بشيء ما، فقالت لها: هيا تعالي يا ساشا واتبعيني.

طارت الفراشة وتبعتها ساشا، وفجأةً حلّ الليل وشعرت ساشا بالخوف، واختفى ضوء الفراشة الصفراء، شعرت بأن هنالك شيء يجذبها للخلف، وعندما التفتت وجدت غصن من أغصان الشجر؛ فشعرت بالخوف وجلست على الأرض ووضعت رأسها بين ركبتيها، بعد ذلك شعرت بدفء التراب والشجر من تحتها، فبدأ الخوف بالزوال عنها شيئاً فشيئاً.

شعرت ساشا بأن ضوء الفراشة صار بداخلها، ولم تعد خائفة وجسمها أصبح خفيفاً، وبدأت تطير وكأن تملك جناحين، وعندما حلّ الظلام لم تكن الغابة مظلمة تماماً بل كان الضوء الذي بداخلها ينعكس فينير الأشياء، وفجأةً وجدت نفسها في فراش العجوز.

اندهشت ساشا هل العجوز هو من أعادها للفراش أم عادت لوحدها، هل ما تراه حلماً أم حقيقة، هل الفراشة الصفراء كانت حقّاً موجودة أم لا؟ عندما استيقظت أخبرت العجوز بما رأت، ونوت العودة إلى المنزل وقالت له: أنا لم اعد أخشى الأشباح والظلام بسبب هذا النور الذي بداخلي.

عادت ساشا إلى المنزل وضوء عينيها ينير لها المكان، وأحياناً يعلو صوتها بالغناء لتؤنس نفسها، كانت لا تهاب شيئاً حتّى الأشجار تنحني لها احتراماً وتقديراً، عندما وصلت المنزل رأتها أمّها وكانت قلقة فصرخت عليها قائلة: أين كنتِ كل هذا الوقت؟ قالت لها: لقد كنت أساعد الرجل العجوز، فقالت لها: ولم تخافي من الظلام؟ أخبرتها بما حدث معها وقالت: لقد أصبح بداخلي نوراً استمددته من الفراشة الصفراء، ولم أعد أخاف من شيء.

فرحت أمّها بابنتها التي لم تعد تضع رأسها بين ركبتيها، وأدركت أن هذا النور الذي بداخلها هو السلام الذي حصلت عليه من ذلك العجوز والفراشة الصفراء.


شارك المقالة: