نسمع الكثير من القصص التي تحكي عن قوة العزيمة والإصرار، سنحكي في قصة اليوم عن قوة الإصرار لدى صبي صغير بتعلّم الرسم، والتي ساعدته بالحصول على فرشاة رسم سحرية، ساعدته وساعدت أهل القرية كثيراً.
قصة الفرشاة السحرية
في قديم الزمان وفي إحدى القرى البعيدة كان هنالك صبي اسمه ماريو، يعمل كحطاب صغير ليكتسب قوت يومه؛ فيذهب ماريو كل يوم إلى الغابات المجاورة لمنزله؛ وهذا من أجل أن يقوم بقطع ما استطاع من أخشاب، ومن ثم يتجّه إلى السوق لبيعها، في بعض الأيام يكسب ماريو الكثير من المال، وأحياناً يكسب القليل فقط.
وفي يوم من الأيام بينما كان ماريو يسير في طريقه متجّهاً إلى الغابة إذ شاهد شيء غريب؛ وهو رجل يجلس في الشارع ويقوم برسم لوحة فنيّة رائعة جدّاً، وكان هذا الرجل يمسك بفرشاة صغيرة ويرسم بها، ظلّ ماريو يراقب هذا الرجل لساعات طويلة، وهو يبدع في رسم لوحته البديعة، وعندما انتهى الرجل من رسم لوحته أنتج منظر طبيعي مذهل.
من شدّة إعجاب ماريو بتلك اللوحة الجميلة؛ قرّر أن يذهب لهذا الرجل ويطلب منه أن يعلّمه الرسم ليصبح يوماً ما مثله، فسأله الرجل: كم ستدفع لي من النقود إن قمت بتعليمك الرسم؟ قال له ماريو: أنا لا أملك نقوداً ولا أملك إلّا قوت يومي، بدأ الرجل الرسام يستهزأ بماريو بسبب طلبه هذا، وفي نهاية الأمر طلب منه أن ينصرف ويذهب في طريقه.
سار ماريو حزينا في طريقه بسبب ما حدث معه؛ فهو لديه رغبة داخلية شديدة في تعلّم هذا الفن الجميل، صار يفكّر ماذا يمكنه أن يفعل؛ فهو يريد تعلّم الرسم بأي طريقة، خطر بذهنه في بداية الأمر أن يستخدم غصن شجرة صغير، وتذكّر شكل الفرشاة الصغيرة التي كان يستخدمها هذا الرسام، فبدأ تجربته الصغيرة بالرسم بغصن الشجرة الصغير.
بعد ذلك صار ماريو يرسم باستخدام اصبعه الصغير، كان ماريو يظنّ أنّه يسلّي نفسه فقط بما يفعل، ولكن بمرور الوقت ولشدّة حب ماريو لتلك الهواية بدأ يرسم بشكل صحيح، وكأنّه يستخدم فرشاة رسم حقيقية، ظلّ ماريو يمارس هذه الهواية لفترة طويلة، حتّى إنّه بدأ يبدع بالرسم بطريقة مذهلة، وفي مرّة من المرّات قرّر ماريو أن يقوم برسم عصفور صغير، فبدأ برسمه مرّة باستخدام غصن الشجرة الصغير، ومرّةً كان يستخدم اصبعه الصغير، وأنتج ماريو بنهاية الأمر لوحة رائعة، وبدا هذا العصفور وكأنّه عصفور حقيقي.
وفجأةً بينما كان ماريو ينظر إلى لوحته بكل إعجاب إذ اقترب صقر كبير من اللوحة، وكان يعتقد بأنّ هذا العصفور هو عصفور حقيقي، ممّا أثار الرعب والذعر في قلب ماريو، ولكنّه بالوقت ذاته كان فخوراً بنفسه، إذ أنّه استطاع من خلال معدّات بسيطة أن يبدع بهذا الشكل الجميل.
وفي يوم من الأيام كان ماريو يجلس حزيناً وينظر للسماء، وكان يقول في نفسه: يا ليتني أمتلك فرشاة سحرية وعدّة ألوان كي أستطيع أن أرسم مثل هذا الرجل الرسام الذي كان يرسم في الشارع، بينما كان ماريو يحدّق بالسماء إذ شاهد شيء يلمع، وظهر بعد هذا اللمعان رجل غريب وقال لماريو: أنت يا ماريو صبي مجتهد، وبالرغم من كل الصعوبات التي واجهتك، إلّا أنّك استطعت أن تستمر وتبدع؛ لهذا السبب أنا سأعطيك الفرشاة التي تتمنّاها الآن.
كان ماريو في بداية الأمر يظنّ بأن هذا مجرّد حلم، ولكنّه فجأةً وجد الفرشاة بيده، وبدأ بتجريبها وقرّر أن يكون أول ما يرسمه بها هو صورة الأرنب، وبالفعل عندما رسم ماريو الأرنب بدت تلك الفرشاة وكأنّها فرشاة رسم سحرية؛ حيث كانت ترسم وتلوّن دون الحاجة للألوان، بالإضافة إلى ما ترسمه يتحوّل لحقيقة.
فرح ماريو بتلك الفرشاة السحرية، ومع مرور الوقت صار ماريو يرسم أشياء يتمنّاها وتتحوّل إلى حقيقية، وصار بذلك يساعد الفقراء والمحتاجين؛ حيث كان يرسم لهم طعام وملابس ويعطيها لهم، كان هنالك قاضي جشع في القرية وسمع بقصة ماريو، وقرّر أن يستدعيه وطلب منه أن يرسم له كيس من الذهب، ولكن ماريو رفض هذا الطلب، فوضعه القاضي في السجن، عندما دخل ماريو السجن اكتشف أن بداخله الكثير من المظلومين؛ فرسم باب على حائط السجن وساعدهم بالهروب.
في ذلك الوقت أخرج القاضي ماريو من السجن، وأخذ منه الفرشاة وأعطاها لرسام آخر وطلب منه رسم كيس من الذهب، ولكن الرسام عندما رسم كيس الذهب لم يتحوّل إلى حقيقية كما كان يحدث مع ماريو، بعد ذلك طلب القاضي من ماريو أن يرسم له قارب ليذهب ويبحث عن كيس الذهب، فرسم له ماريو قارب وركب به القاضي وجنوده، ولكنّه أثناء ما كان يبحر في القارب إذ هبّت رياح قوية ومزّقت القارب.
في ذلك الوقت تمنّى ماريو أن لا يعود هذا القاضي للقرية أبداً، وتمنّى أن تتوقّف فرشاته السحرية عن تحويل الرسم إلى حقيقة، وبالفعل توقّفت هذه الفرشاة عن تحويل الأشياء إلى حقيقة، وساعد ماريو أهل القرية بالتخلّص من هذا القاضي الجشع، وعاد لمهنته القديمة، ولكنّه ظلّ يرسم باستخدام الفرشاة التي لم تعد سحرية، كما أن اكتسب بأفعاله محبّة الجميع.