البخيل هو شخص طمّاع ولا يحب الخير لغيره، ولكن دائماً ما يسبّب له البخل خسارته لكل ما يملك، سنحكي في قصة اليوم عن فلاح واجه الكثير من البخلاء في حياته، ولكن لأنّه كان طيب القلب وهبه الساحر بعض الصفات المميّزة؛ وهو الأمر الذي ساعده بالانتقام من رجل بخيل كان ينوي سرقته والنصب عليه، فلقّنه الفلاح درساً لن ينساه، بالإضافة لخسارته كل ما يملك.
قصة الفلاح والبخيل
في إحدى القرى كان هنالك فلاح يعمل في أرض لرجل بخيل جدّاً؛ حيث أمضى الفلاح العمل لوقت طويل دون أي أجر أو مقابل، بالرغم من عمله المجهد، ولكن كان هذا الفلّاح يخشى أن يترك عمله مع صاحب الأرض؛ وذلك خوفاً من أن يبحث عن عمل آخر ولا يجد ما يناسبه.
وكان في كلّ مرّة يطلب الأجر من صاحب الأرض يقوم بتأجيله لوقت آخر، في نهاية الأمر قرّر هذا الفلّاح أن يذهب لصاحب الأرض ويطلب منه المال، فقال له: يا سيدي أنا أعمل لديك لأكثر من سنتين ولم أكسب منك أي نقود، أريد نقودي ولن أغادر الآن حتّى أخذ كل ما أستحق من أجر.
بعد وقت طويل من المناقشات قرّر صاحب الأرض أن يعطيه أجر زهيد، أخذه الفلاح ومضى وكان يقول: هذا المال لا يكفي، أنا لن أعمل لديك مرّةً أخرى، أنت رجل لا يقدّر عملي ولا يعطيني حقّي، مضى الفلاح وعلى الرغم من قلّة الأجر الذي كسبه إلّا أنّه كان سعيداً بامتلاكه القليل من النقود.
فجأةً بينما كان الفلّاح يمشي سمع صوتاً غريباً يصدر من خلف الشجرة، اقترب الفلاح وقال: من هنا؟ هل أنت سارق؟ أنا لا أملك المال، ردّ عليه الصوت: لا تخف أنا لا أريد سرقتك، قال له الفلاح: إذاً لماذا تبكي هكذا؟ قال له الصوت: لقد جاء شخص وسرق منّي قدر الذهب الذي معي وأنا لا أملك غيره، قال له الفلاح: حسناً سأعطيك ما معي ولكن أنا لا أملك كثيراً.
أعطى الفلاح هذا الشخص المجهول كل ما يملك، وفجأةً ظهر له الرجل وكان قزم وقال للفلاح: كنت أعلم أنّك ستفعل هذا، قال له الفلاح مندهشاً: من أنت؟ قال له صاحب الصوت: أنا القزم السحري وأنا آتي هنا كل عام لأبحث عن الأشخاص الطيبّين أمثالك لأحقّق لهم ثلاث أمنيات، هيّا أخبرني ما هي أمانيك؟ فكّر الفلاح ثم قال: أتمنّى قوس أستطيع إصابة كل ما أريد به، وأريد آلة عزف تجعل كل من يسمعها يرقص، كما أنّني أتمنّى أن يلبّي لي الأشخاص ما أطلبه منهم، قال له القزم: لك ما تريد.
مضى الفلاح وكان سعيداً بما قاله له القزم، وفكّر كيف ستكون حياته بعد ذلك، بينما هو يسير إذ رأى شخصاً يحاول أن يرمي حجراً على إحدى الأشجار لإسقاط زهرة جميلة، اقترب منه الفلاح وقال: هل تريد منّي أن أحضرها لك؟ قال له الشخص: هل تستطيع ذلك؟ قال له الرجل: نعم، دعني أفعل ذلك، أمسك بالقوس ورمى السهم فأصاب الزهرة وأوقعها، جاء الشخص ليأخذها؛ فقال له الفلاح: ولكن أنا من اصطدتها، ويجب أن تكون ملكي أنا، قال له الشخص: ولكن أنا من طلبتها قبلك، قال له الفلاح: حسناً سأعطيها لك ولكن يجب أن تعطيني مقابل ما فعلته لك.
كان هذا الرجل بخيل جدّاً؛ فقال له: حسناً سأعطيك خمسمائة قطعة ذهبية، فرح الفلاح وأعطاه الزهرة، ولكن الرجل البخيل أخذ الزهرة وهرب بها، فأمسك الفلاح آلة الكمان وصار يعزف عليها؛ ممّا جعل الرجل يقف ويرقص على أنغامها، ثم انزلق على الأرض بجانب إحدى الأشجار، اقترب منه الفلاح فقال له الرجل: أرجوك لقد تمزّقت ملابسي خذ ما تريد ودعني، قال له الفلاح: لن آخذ إلّا ما أستحق، أخذ الفلاح النقود من جيب قميصه ومضى.
انتشرت قصة هذا الرجل بين أهل القرية، وسمّوه بالرجل بخيل الشجرة، في اليوم التالي ذهب الرجل البخيل ليشتكي للقاضي بأنّ الفلاح قد سرق منه مبلغ خمسمائة قطعة ذهبية، وعندما أمر القاضي بإحضاره قال له الفلاح: أنا لم أسرق نقوداً يا سيدي القاضي، بل كان هذا أجري مقابل الزهرة التي أوقعتها له.
حكم القاضي بالسجن للفلاح؛ فقال له الفلاح: يا سيدي القاضي هل تأذن لي بالعزف؟ قال الرجل البخيل: أرجوك يا سيدي القاضي لا تأذن له بذلك، ولكن القاضي سمح له بالعزف، صار الجميع يرقصون على أنغام الكمان، نظر الفلاح للرجل وقال: هيا أخبر الحقيقة للجميع وإلّا جعلتك ترقص مدى عمرك، فنظر الرجل البخيل واعترف بحقيقة الأمر.
عندما علم القاضي بالحقيقية، حكم على الرجل البخيل بدفع غرامة قيمتها خمسمائة قطعة ذهبية أخرى؛ وذلك لأنّه قد أضاع وقت القاضي بأكاذيبه، وطلب منه القاضي كذلك أن يتنازل عن أملاكه لأهل القرية، حتّى يتعلّم ما هي أهميّة الأمانة قبل الطمع.