قصة الفلاح والذئب أو (The Peasant and the Wolf) هي قصة من الحكايات الخيالية والفولكلور المحبوبين في فرنسا التي قدمت الشخصيات العالمية التي ما زلنا نحبها حتى اليوم.
الشخصيات:
- الفلاح.
- الزوجة.
- الغريب.
قصة الفلاح والذئب:
ذات يوم ومنذ زمن بعيد حيث غطت غابة واسعة سهل بيسان كان فلاح فقير عائد إلى المنزل عبر الغابة وكان يجلب معه حلقتين دائريتين من الخبز الأسود، وكانت واحدة متدلية على كل ذراع، كان يصفر بمرح على نفسه بينما كان يمشي على طول الطريق، وعندما فجأة خرج ذئب رمادي ضخم إلى الطريق أمامه وزأر الذئب على الفلاح وأظهر له أكبر أسنان رآها على الإطلاق.
توقف الرجل البائس في خوف وكان يعلم أيضًا أن الذئب الكبير سوف يمسك به بسهولة إذا حاول الهرب، وهناك وقف يحدق بينما كان يقترب الذئب ببطء، وعندها خطرت للرجل فكرة وقال: تعال هنا أيها الذئب تبدو جائعًا، جرب بعضًا من هذا الخبز الجيد، وكسر قطعة من أرغفة الخبز ورماها للذئب الذي أكلها في الحال، وبينما كان الوحش يأكل، هرب الفلاح واندفع مسرعًا في طريقه مهنئًا نفسه على ذكائه السريع.
لكنّه لم يذهب بعيداً عندما سمع صوتاً ونظر حوله حيث كان الذئب هو الذي كان يقفز وراءه، فكّر الرجل في نفسه قائلاً: أيتها السماء ساعديني، وكسر قطعة خبز أخرى وألقى بها في الطريق خلفه قائلاً: إليك المزيد لتأكله، أيها الذئب، ثم ركض بأسرع ما يمكن، لكنّ أسرع ما لديه لم يكن سريعًا بما فيه الكفاية، وسرعان ما سمع الذئب يأتي من بعده.
نظر إلى الخلف من فوق كتفه في رعب ورأى كيف كان يلحق به بسرعة، وتوقف وقطع قطعة أخرى من الرغيف وألقى بها في الطريق ثمّ ركض مرة أخرى، وهكذا مرّ عبر الغابة حيث كان الفلاح يركض في الأمام والذئب يركض وراءه وفشل فقط في الإمساك به لأنّه توقف عند أكل الخبز الذي رمى به، وأخيرًا وصل الفلاح إلى حافة الغابة وكان مرهقًا جدًا، ورأى أولاده زوجته تقف عند الباب تنتظره.
تنفس الصعداء، لأنّ ساقيه كادت أن تخيبا ظنّه، وإلى جانب ذلك لم يتبق معه أكثر من قطعة خبز واحدة، وتعثر في مشيته إلى باب الكوخ واتكأ على عمود الباب، فسألت زوجته: لماذا تأخرت؟ وأين الخبز الذي ذهبت لشرائه؟ لم يبق له نفس للإجابة عليها، ولم يشر إلا نحو الأشجار حيث كان الذئب يظهر، متجهاً في اتجاه الكوخ ولسانه الأحمر المتدلي ممتلئًا إلى حد كبير عمّا كان عليه عندما التقى به الفلاح لأول مرة.
فصاحت زوجته: ذئب المخلوق الشرير! لا عجب أنك ركضت مثل المجنون، يا لها من رحمة أنّه لم يمسك بك، فشهق الفلاح وقال: أعطيته الخبز ليأكله، وعلى الرغم من أنّه كان مرهقًا لم يستطع سوى الابتسام لمدى ذكائه، فصاحت الزوجة: خبز جيد يضيع على ذئب شرير، لم أسمع مثل هذا الشيء في حياتي، ولكنّها كانت سعيدة جدًا برؤية زوجها يعود بأمان إلى المنزل بعد مغامرته.
لكنّها كانت أيضًا جائعة جدًا، وكانت تتطلع طوال اليوم إلى شريحة أو اثنتين من الخبز الأسود الطازج تأكلها مع مرقها من الجزر والملفوف، ونظرت إلى الذئب وقالت لزوجها: من الأفضل أن تأتي إلى الداخل أو أنّ هذا الوحش الغاشم سينهي عشاءه بلمحة برق بتناولك، ودخلت الكوخ ولحقها الفلاح، لكن قبل أن يغلق الباب نظر إلى قطعة الخبز في يديه.
كانت كلّ ما تبقى من الرغيفين الكبيرين، ابتسم الرجل ابتسامة عريضة وهزّ كتفيه وقال: يمكنك أيضًا أن تنهيها أيها الذئب، وألقى بآخر قطعة خبز على الوحش وأغلق الباب، أكل الذئب الخبز وانتظر قليلاً خارج الكوخ، وطوال الوقت كان صوت زوجة الفلاح يسمع من الباب المغلق، ظلت تهاجم زوجها بكلماتها القاسية، وتتمنى مصيرًا سيئًا على الذئب أثناء جلوسهما لتناول مرقهما دون أي خبز.
وعندما توقفت أخيرًا وساد الهدوء مرة أخرى في الكوخ، عاد الذئب إلى الغابة مثل الظل الرمادي، وفي صباح أحد الأيام بعد عدة أشهر بعد أن عمل الفلاح وزوجته بجد وتمكنا من ادخار ما يكفي لشراء بقرة، انطلق الرجل عبر الغابة إلى السوق في بور سان موريس، كان يأمل أن يجد بقرة عجوز يشتريها بثمن بخس هناك، لأنّه لم يكن لديه ما يكفي من المال لشراء أي شيء أفضل.
وفي البلدة كان يتجول في النظر إلى الماشية المعروضة للبيع على أمل التوصل إلى صفقة جيدة، وفجأة وقف أمامه شخص غريب طويل ونحيف يرتدي ملابس رمادية أنيقة بوجه طويل وذقن مدبب وعيناه مقربتان وسأل: هل ترغب في شراء بقرة؟ أجاب الفلاح: حقًا لكن لدي القليل لإنفاقه، قال الغريب: لدي الكثير من الأبقار في بيتي، ربما ترغب في شراء واحدة منهن.
وذهبوا معًا إلى منزل جميل وفي الجوار خلفه كان هناك العديد من الأبقار كما قال الغريب، فقال له الغريب: اختر أفضلها جميعًا وسأقدمها لك كهدية اندهش الفلاح، لكنّه سرعان ما اختار تلك البقرة التي بدت له الأفضل، ابتسم الغريب مبينًا أسنانًا بيضاء كبيرة وقال: لقد اخترت بحكمة، وربط حبلًا حول عنق البقرة وسلم الحبل للفلاح.
وقال: إنّها لك وقد تعطيك الكثير من الحليب لسنوات عديدة، ووضع يده في جيبه وأخرج صندوقًا صغيرًا وقال: هذه هدية لزوجتك، أخذ الفلاح الصندوق متسائلاً وقاده الغريب إلى الشارع، سأل الفلاح الحائر: لكن لماذا تفعل مثل هذا اللطف معي؟ ابتسم الغريب مرة أخرى وقال: هل تتذكر كيف أظهرت ذات مرة لطفًا مع ذئب وأطعمته رغيفين؟ حسنًا دائمًا ما يظهر الخير نتائجه، والآن إلى اللقاء.
وبدهشة وسعادة انطلق الفلاح عبر الغابة عائداً إلى منزله، قاد بقرته وحمل الصندوق الصغير، وسرعان ما بدأ يتساءل عما يمكن أن يكون في الصندوق ومع كل خطوة أخذ فضوله يزداد حتّى توقف أخيرًا وأدار الصندوق هنا وهناك وهو يهزه ويشتمه، محاولًا تخمين ما بداخله وقال لنفسه: الزوجة الصالحة لا ينبغي أن يكون لديها أسرار عن زوجها، لذلك قد لا يكون هناك ضرر من فحصه أولاً.
جلس تحت شجرة صنوبر صغيرة بينما كانت البقرة ترعى بعيدًا، وفتح الصندوق بعناية فقفز من الصندوق شعلة طويلة أشعلت النار في فرع من شجرة الصنوبر، أسقط الفلاح الصندوق ووقف خائفاً على قدميه، وفكر في الحال: لو كانت زوجتي هي التي فتحته، لكان شعرها وقبعتها قد اشتعلت فيه النيران، ولربما احترق منزلنا ولربما تمّ حرقها حتى الموت.
كانت شجرة الصنوبر تحترق بشدة، وبما أنّ الفلاح لم يكن لديه أي فكرة عن كيفية إطفاء حريق في الشجرة، سارع إلى المنزل مع بقرته وشكرًا جدًا أنه كان فضوليًا بما يكفي لفتح الصندوق قبل أن يصل زوجته، وانتشرت النار من شجرة الصنوبر إلى غابة بيسان بأكملها، واحترق الجزء الأكبر منها وتحول إلى رماد، لكنّ الفلاح وزوجته عاشا بسعادة في كوخهما مع البقرة والتي كانت إلى حد بعيد الأفضل في المنطقة بأكملها.