علينا أن نعلم أن القوة لا تكمن دائماً بالجسد، ولكن القوة تبدأ من العقل والتفكير، هذا ما أثبته الثعلب لبقية الحيوانات التي كانت تهاب الفهد القوي، ولكنّه بذكائه ومكره استطاع أن يقهره.
قصة الفهد القوي
في إحدى الغابات البعيدة يسكن الفهد القوي مع بقيّة الحيوانات، ومن المعروف بكل أنحاء الغابة أن حيوان الفهد هو حيوان قوي وسريع ومفترس أيضاً، كان الفهد قد اعتاد أن يخرج كل يوم في وقت معيّن للبحث عن فريسة ليصطادها، وكانت الحيوانات كلّها تعلم بذلك، وكانت تتهيّأ لذلك؛ حيث يهرب كل منها إلى بيته عند وقت خروج الفهد.
وفي يوم من الأيام خرج الفهد في وقت غير الوقت الذي يخرج به كل يوم، وعن طريق الصدفة مرّ بحيوانات الغابة وهي تجلس وتتحدّث عنه، فاختبأ خلف إحدى الأشجار وبدأ يستمع ماذا يقولون عنه، كانت الغزالة تتحدّث وتقول: أنا أخاف من هذا الفهد القوي، وأخاف إن كبرت في يوم من الأيام أن لا أكون سريعة في الجري مثله، ويقوم بافتراسي أنا وصغاري.
أمّا الزرافة فقالت: أنا أخاف من أن يكبر أبناء هذا الفهد، ولا يشبعون من الطعام المتواجد في الغابة، ويفكّرون في افتراس صغاري، أمّا الحمار الوحشي فقال: أنا أعلم بأن من أكثر الأطعمة التي يحبّها الفهد هو لحمي ولحم بني البشر، بعد ذلك سمع الفهد صوت بكاء الحمار الوحشي، وكان يبكي على من مات من جنسه من قبل.
مشى الفهد وكان يضحك بسبب ما سمعه من الذعر الشديد التي تشعر به حيوانات الغابة منه، عندما غادر الفهد المكان جاء الثعلب وقال للحيوانات: ما بكم تتحدّثون عن هذا الفهد وتخافون منه هكذا؟ إنّ القوة في العقل وليس في الجسد، أنا أعدكم أن هذا الفهد سيأتي يوم من الأيام ليأخذ القمامة من باب منزلي.
تفاجأت الحيوانات من كلام الثعلب، وفي اليوم التالي ذهب الثعلب لمنزل الفهد وقال له: أنت الفهد القوي ولا يجب عليك أن تخرج بنفسك للبحث عن الفرائس، بل نحن يجب علينا أن نقوم بخدمتك وإحضار الطعام لك، أعجب الفهد بفكرة الثعلب ووافق عليها، وبالفعل كان الثعلب يذهب كل يوم، مرّةً يأخذ بقايا طعام الأسد أو بقايا طعام النمر، ومن ثم يقدّمه للفهد.
ظلّ الأمر هكذا حتى بدأ الفهد يشعر بالكسل الشديد والعجز بسبب عدم حركته، وفي يوم من الأيام شعر الفهد بجوع شديد، ولكن الثعلب لم يأتي له بطعام كما كان يفعل كل يوم؛ وهذا الأمر دفع الفهد لأن يذهب لمنزل الثعلب ويطلب منه الطعام، فقال له الثعلب الذي كان يريد إتمام خطّته: سأعطيك ما تطلب بشرط أن تحمل القمامة من أمام منزلي وتذهب لرميها خارجاً.
ومن شدّة جوع الفهد وافق على هذا الشرط، وحمل القمامة وسار بها في كل الغابة، وشاهدته الحيوانات وعلمت وقتها أن الثعلب كان صادقاً فيما يقول، وأن القوة ليست في الجسد فقط.