من أشهر القصص العالمية هي قصة عيد الحب، ولكن وردت العديد من الروايات التي تشير إلى حقيقة القصة، وفي هذا المقال سوف نسرد عليكم مجموعة الروايات التي وردت على لسان أشخاص حولها.
قصة القديس فالنتاين
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد القديسين الرومانيين ويدعى فالنتاين، وقد عاش ذلك القديس في فترة القرن الثالث، وفي يوم من الأيام توفي القديس وتم حفظ جسده في واحد من السراديب التي يتم بها حفظ جسد الموتى في مدينة سان فالنتينو التابعة إلى روما، وبقي على مرور أعوام طويلة موقع دفنه هو من أبرز المواقع المهمة التي يتردد عليها الحجاج خلال فترة العصور الوسطى، وفي يوم من الأيام تم اتخاذ قرار من قِبل المسؤولين في الحكومة بنقل رفات القديس إلى واحدة من الكنائس التي تعرف باسم كنيسة سانتا الواقعة في مدينة راسيد، وقد حدث ذلك الأمر خلال عهد البابا نيكولاس الرابع.
وعلى الرغم من الاهتمام الذي أولي إلى مدفن القديس، إلا أنه لم يرد أي ذكر لاسم القديس حينما تم العمل على تجميع النصوص الزمنية الرومانية القديمة والتي أصدرت تحت اسم كرونوغرافيا 354، وقد كان ذلك التجميع للنصوص يضم أسماء كامل الشهداء الرومانيين الأوائل، بالرغم من أن راعي مجموعة كتابة الكرونوغرافيا كان من الرجال المسيحيين الرومانيين الأثرياء ويدعى فالنتينوس، وقد كان ما هو معروف عن اسم فالنتينوس أنه شائع جداً في تلك الفترة وهو ما يقصد به الشخص القوي أو الشخص الجدير.
وفي تلك الفترة كان يتم إحياء ذكرى ما يقارب على أحد عشر قديس يحملون ذات الاسم في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وقد كان ثلاثة من هؤلاء الموتى ترتبط أحداث من حياتهم بتاريخ الرابع عشر من شهر فبراير، وقد تم الإشارة في واحدة من الأساطير الرومانية أن فالنتين كان من أحد القديسين الذين خدموا روما كثيراً في القرن الثالث، وفي ذلك الوقت كان صرح الإمبراطور الذي يعرف باسم كلوديوس الثاني أن الرجال العازبين يصبحون جنود أفضل بكثير من أولئك الجنود الذين لديهم زوجات وأسر، وقد أشار إلى أن تكوين الأسرة يجعل من الجندي إنسان غير متفاني في عمله كجندي.
وفي ذلك الوقت قام الإمبراطور بحظر زواج الشباب، لكن القديس رأى أن هذا القرار ظالم، وفي يوم من الأيام عزم على تحدي الإمبراطور لكن في الخفاء، وذلك من خلال استمراره في عقد الزواج للعشاق الصغار في السن بالسر، وحينما اكتشف الإمبراطور ذلك الأمر أصدر عليه حكم بالإعدام.
وفي روايات أخرى حول القديس أنه كان يقيم في مدينة إنترامنا، وفي فترة من الفترات انتقل للعيش الموقت في مدينة روما، وأثناء إقامته هناك تعرض للسجن والتعذيب وتوفي بتاريخ الرابع عشر من شهر نوفمبر في منتصف القرن الثاني، وسرعان ما تم دفنه بشكل سري في أحد الأماكن القريبة من السجن الذي تلقى تعذيبه به، ولكن ما حصل أنه بعد مرور أيام قليلة قاموا مجموعه من تلاميذه بالبحث عن جثته حتى وصلوا إليها وقاموا بإعادتها إلى تلك المدينة التي كان يقيم بها ودفنوه في منزله.
ومن جهة أخرى كان هناك الكثيرين الذين أشاروا إلى أن القديس هو ذاته القديس الذي أعدمه كلاوديوس، وفي رواية أخرى تمت الإشارة إلى أن ذلك القديس هو في الأصل من أحد أبرز الكهنة الرومان الذين عاشوا معاناة كبيرة وتم تعذيبهم في أحد الأقاليم الإفريقية التابعة إلى الرومان، وأنه لا يوجد هناك أي شخص قد عرف عنه أي شيء على الاطلاق.
كما تمت الإشارة في رواية أخرى أن القديس ربما يكون تم قتله لأنه باستمرار كان يقوم بتقديم المساعدات إلى المسيحيين على الهروب من السجون الرومانية القاسية، حيث أنهم كانوا يتعرضون لأسوأ أنواع التعذيب بطريقة وحشية، ووفقًا لإحدى الأساطير أن ذلك القديس كان في يوم من الأيام مسجون وقبل سجنه كان قد وقع في حب فتاة، وأول ما حط رجله بالسجن أرسل إليها ورقة مكتوب عليها عبارة عيد حب، وفي الكثير من الأحيان كان يقال أن تلك الفتاة كانت ابنة سجانه وقد كانت تزوره أثناء فترة سجنه، كما تم الزعم بأنه كتب تلك الكلمة يوم وفاته لها على ورقة.
كما تمت الإشارة في الكثير من الكتب الموجودة في المكتبات الرومانية أن المصطلح نابع من اعتقاد كان سائد في فترة العصور الوسطى، إذ كان الاعتقاد السائد أن الطيور تختار شريكها في يوم الرابع عشر من فبراير، وفي الكثير من الأحيان كان يتم صرف النظر عن مدى ارتباط تلك الطيور بذلك اليوم، وقد كان يشار به في الكثير من المدن الرومانية إلى احتفال روماني وثني، وهناك من قالوا إلى أن الكنيسة قد اختارت إقامة عيد القديس في هذا اليوم على وجه التحديد في محاولة منها لتنصير هذا العيد الوثني والذي كان مرتبط في الواقع بطقوس غريبة إلى حد كبير.
وكما أشيع حول ذلك التاريخ أنه كانت الفترة الواقعة ما بين الثالثة عشر إلى الخامسة عشر من شهر فبراير هي الأيام التي يحتفل بها الرومان بمهرجان إله الزراعة، وكذلك يحتفلون من أجل تخليد اسم الطفلين الرضيعان واللذان يدعيان رو مولوس وريموس، وهما الطفلان اللذان ينسب إليهما تأسيس مقاطعة روما.
وفي هذا المهرجان كانت تتم البداية فيه باجتماع أعضاء عدة من الكهنة الرومان وهم ما كان يطلق عليهم اسم لوبرسي، وذلك الاجتماع كان يتم داخل أحد الكهوف والتي يعتقد أنه كان به ذئبة كانت ترعى فيه الطفلان الرضيعان، وما يتم كذلك في هذا الاجتماع أنه كانوا يقوموا الكهنة بذبح عنزة ومن ثم يقومون بذبح كلب؛ وقد كان يدعى ذلك أنه من أجل تطهير الكهف.
ثم بعد ذلك يقوموا الكهنة بنزع جلود الماعز وتقطيعها إلى شرائح صغيرة وتغميسها بالدم، وينزلون بها إلى الشوارع ويقوموا بصفع النساء بتلك الجلود، وكذلك يقومون بجعل تلك الجلود تلامس الحقول الموجودة في الأراضي، وعلى الرغم من أن ذلك الطقس كان يبدو مريباً بعض الشيء، إلا أن نساء روما كان يرحبن بتلك الصفعات وينتظرنها؛ وذلك لأنهن كان يعتقدن أن تلك الصفعة سوف تجعلهن نساء أكثر إنجاباً في العام التالي.
وفي الجزء الثاني من ذلك الاحتفال كانت كل الفتيات يكتبن أسمائهن في أوراق ويقومن بوضعها في جرة كبيرة، ويقوم كل واحد من الشباب العزبان في المدينة باختيار اسم واحد من الجرة، وفيما بعد يرتبط بتلك الفتاة التي سحب اسمها من الجرة.
وفي ظل ذلك المهرجان القائم كان يتم تمجيد المسيحية، على الرغم من أن الكنيسة كانت تعتبره من العادات الوثنية، وبقي يتم القيام في كل عام بذلك المهرجان حتى أواخر القرن الخامس الميلادي، حينما أعلن البابا الذي يعرف باسم جيلاسيوس أن يوم الرابع عشر من شهر فبراير هو عيد القديس فالنتاين.
ولكن مع ذلك خلال تلك الفترة لم يكن ذلك التاريخ مرتبط بشكل نهائي بالحب، فكما ذكرنا كان الاعتقاد السائد في كل من دولة فرنسا ودولة إنجلترا أن ذلك اليوم هو بداية موسم تزاوج الطيور، وهذا ما يمنح ذلك التاريخ طابع رومانسي، ولم يتم اعتماد هذا التاريخ كيوم للحب إلا في نهاية القرن الثالث عشر.