قصة القفازون

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر المؤلف والأديب العالمي هانس كريستيان أندرسن وهو من مواليد دولة الدنمارك من أشهر الكُتاب الذين برزوا في كتابة الروايات والقصص القصيرة، وقد تمت ترجمة أعماله إلى العديد من اللغات العالمية، وكان أيضاً شاعراً انتشرت كتاباته الشعرية على مستوى العالم؛ إذ كان له ذوق خاص في اختيار اللغة الشعرية، وقد تم إطلاق عليه لقب شاعر الدنمارك الوطني، ومن أبرز القصص التي صدرت عنه هي قصة القفازون.

قصة القفازون

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول اليوم الذي أراد به كل من جندب وأوز قفاز إجراء منافسة بينهم حول من هو الأعلى في القفز من بينهم على ملأ الجميع، وهذا ما جعلهم يقيمون حفل ضخم يتبارزون فيه أمام جموع وحشود من الناس أجمع، ويحكم بينهم تلك الجموع، وعلى أثر ذلك توجهوا بدعوة كافة طبقات المجتمع وعزموا على الإشادة إلى كل شخص يرغب في حضور مثل تلك العروض، فجميعهم كانوا ماهرين في القفز ولكنهم أرادوا معرفة من هو الأعلى بينهم.

وكان من ضمن الحضور الحاكم الذي يحكم المنطقة، إذ صرح في حينها أنه سوف يقدم ابته كزوجه لمن هو الأعلى قفزاً فيما بينهم، فقد جعل الزواج من ابنته كحافز لهم، فلا يكون هناك عرض استعراضي مثير دون الحصول على جائزة في النهاية، وفي تلك اللحظة كان أو المتسابقين هو البرغوث، فقد كان يمتلك ذوق رفيع جدًا، إذ عزم في البداية على إلقاء التحية على الحضور من كلا الجانبين، وكان السبب في أنه على مستوى عالي من الذوق هو أنه كان على الدوام يختلط بفتاة تعرف باسم كان يسري، وقد اعتاد من رفقتها على مخالطة البشر فقط.

ثم بعد ذلك دخل الجندب فقد كان جندب سمين جداً، ولكنه مع هذا كان رقيق لطيف في التعامل وملتزم إلى حد كبير بالنظام، حيث كان في تلك اللحظة يسير مرتدي زي أخضر منذ ولادته، وقد قال فيه أحد الرجال أنّ ذلك الجندب تنحدر أصوله من عائلة عريقة في جمهورية مصر العربية، وكان في بلده معزز ومكرم له كل الاحترام والتقدير، إذ كانوا السكان في مصر يأخذونه بشكل مباشر من الحقول ويضعونه في بيت مصنوع من ورق اللعب على شكل ثلاثة طوابق، ولم يكن ذلك البيت من أي ورق، بل من الأوراق الثلاثة الرئيسية في لعبة الورق، وهم ورق الرجال الملك والأمير، بحيث يتم قلب الجانب الملون إلى الداخل، كما يتم أيضاً حفر قلوب النساء في هذا البيت كأبواب ونوافذ للبيت.

وهنا كان كل من البرغوث والجندب يطمحان في الزواج من الأميرة، وبدأ كل منهما يقدم نفسه لها بطريقة مثيرة ومدهشة للغاية، وأول ما بدأ الجندب إذ قال: كنت أغني بطريقة جميلة حتى كان الناس في بلدي يقدمون لي أفخم البيوت الجميلة، كما قام البرغوث في تلك اللحظة على تقديم نفسه بطريقة مذهلة وذكر بطولاته على مرّ الزمان، فقد كان يعتقد كل منهما أنه سوف يحظى بقلب الأميرة ويتزوج بها.

وبعد فترة قليلة جاء الإوز القفاز، وحينها لم يقوم بالإدلاء بأي شيء عن نفسه بل بقي ملتزم الصمت طوال الوقت، وهنا بدأ الآخرون في الحديث عنه، إذ أشاروا إلى أنه كان من عادته حينما يلتزم الصمت يكون منغمر في التفكير، ولقد وصل به الصمت إلى أنه لم يعرف حتى عن نفسه، وهنا اقتربت منه كلب الحاكم وتشممه، إذ أكدت الكلاب أنه بالفعل الإوز القفاز، وهنا أخبر بعض الرجال عنه أنه ينحدر من إحدى العائلات العريقة، وأنّ عائلته ذات حسب ونسب، وفي تلك اللحظة قام مستشار الملك وأشار إلى أنّ الإوز القفاز يمتلك موهبة العراف، حيث أن بإمكان المرء أن يعرف من خلال ظهر الإوز القفاز إن كان فصل الشتاء هذا العام سوف يكون معتدلاً أم شديد البرودة، وهذه المعلومة لا يمكن لأحد الحصول عليها من أصحاب التقاويم.

وفي تلك اللحظة قال الملك: أنا لا أود قول شيء الآن، إلا بعد المباراة، وهنا سمح لهم بالبدء فيها، وأول من قفز كان البرغوث، حيث قفز البرغوث إلى مستوى عالي جداً، حتى وصل إلى درجة لم يتمكن أحد من الحضور والجموع من مشاهدته، فأشاروا إلى أنه ربما أنه في الأصل لم يقفز على الاطلاق من مكانه، وإنه قام بإخداعهم وحبك حيلة عليهم.

وهنا جاء دور الجندب، حيث قفز الجندب قفزة توازي نصف ارتفاع البرغوث، حيث كان اتجاهه في القفز نحو وجه الملك بشكل مباشر، وهنا فزع الملك وقال: أن هذا الأمر مقزز جداً، وفي تلك الأثناء بقي الإوز القفاز ساكنًا في مكانه، فلم يقفز ولا حتى تحرك مجرد حركة، حتى اعتقد الناس من حوله أنه لا يمكنه القفز نهائياً وأنه لم يقوى حتى على الحركة.

وهنا عزم الكلب على شمه مرة أخرى، إذ شك الحضور بأنه من الممكن أن يكون أصيب بمرض ما، وفي تلك اللحظة قفز الإوز قفزة قصيرة بشكل متمايل حتى سقط في حضن الأميرة، والتي كانت في ذلك الوقت تجلس على كرسي ذهبي هابط بعض الشيء، حينها أصدر الملك حكمه وقال: القفزة الأعلى هي التي كانت صوب ابنتي، فهي من أرقى القفزات التي قد رأيتها في حياتي، هذا النوع من القفزات ليس من السهل أن يقوم أحد بإتقانه، وهنا أدرك الجميع أن الإوز القفاز يمتلك عقل ثمين يفكر به بالطريقة الصحيحة، وهو قوي العزيمة الإرادة كذلك.

وهنا حظي الإوز بقلب الأميرة وفاز بها، ولكن البرغوث اعترض على ذلك الحكم بقوله: إنني قفزت بدرجة أعلى منه بكثير، ولكن هذا ليس مهم، دع الأميرة تحظى بذلك القميء الذي ليس هو سوى مجرد عود، وعليه بعض من عجينة من الإسفلت، ففي الحقيقة قفزت أعلى منه، ولكن هذا العالم لا يصدق إلى من يمتلك عضلات قوية، فمن يمتلك العضلات هو الوحيد الذي يستطيع أن يبرز نفسه.

وفي نهاية القصة انضم البرغوث إلى الجيش بعد هذا الحدث الاستعراضي، وورد حوله أنه تم قتله هناك، بينما الجندب فقد استمر في الجلوس عند نبعة في تلك المنطقة، وبدأ يفكر في الأحداث التي تحصل في هذا العالم الكبير، وقال أيضًا في تعليقه على الحفل الاستعراضي: إنّ العضلات القوية هو أهم أمر يطلبه هذا العالم في الوقت الحاضر، وعلى أثر ذلك ألف أغنية مؤثرة جداً وإلى حد كبير، والتي من خلال تلك الأغنية تم اقتباس تلك القصة.


شارك المقالة: