من يفعل الخير سيعود له في يوم من الأيام، سنحكي في قصة اليوم عن قصة رجل كانوا يسمّونه الكسلان قام بإهداء السلطان جوهرة للتاج، وكانت سبب ثروته المالية الكبيرة خيراً فعله مع سيدة عجوز فوهبته كل ما تملك.
قصة الكسلان والتاج
كان السلطان يعيش مع زوجته التي يحبّها كثيراً في القصر الكبير، وفي يوم من الأيام قرّر صنع تاج كهدية لها، فقام بدعوة زوجته لتجلس معه، وأرسل خادمه ليقوم باستدعائها، ولكن الخادم بدلاً من ذلك حضر ومعه تاج زوجته. تفاجئ السلطان وقال لخادمه: لماذا أتيت بالتاج بدلاً من السلطانة؟ قال له الخادم: إنّ السلطانة تخبرك بأن صانع التاج لم يجد الجوهرة التي تناسب التجويف الأمامي المتواجد على التاج، علم السلطان وقتها أن زوجته غاضبة بسبب تأخّره في تقديم الهدية لها، وأسرع باستدعاء العاملين لديه، وطلب منهم البحث عن جوهرة تناسب التجويف.
تفاجئ السلطان أن رجالاته عادوا له وأخبروه بأنّهم لم يجدوا الجوهرة المناسبة للتاج، غضب السلطان كيف له أن لا يجد جوهرة مناسبة لتاج زوجته، فاقترح عليه الحاجب الأكبر أن يذهب إلى بلاد بعيدة يوجد بها رجل يسمى (الكسلان)، وهو من أغنياء الدولة، ولابدّ أن يجد لك الجوهرة المناسبة التي تريدها.
عندما سمع السلطان بذلك أسرع وأخبر الحارس الخاص به أن يذهب لتلك البلاد لإحضار الكسلان على الفور، وعندما عاد حارس السلطان الخاص تفاجئ بحارسه وقد أحضر هذا الرجل وقال له: إن هذا الرجل يا سيدي لديه ثراء أكثر ممّا نتخيّل، فجميع أواني مطبخه مصنوعة من الذهب والفضة، وكل أشيائه مرصعّة بالجواهر الثمينة حتّى جدران منزله كذلك.
دخل الكسلان على السلطان وحيّاه بكل أدب واحترام، وجلس على الكرسي ينتظر السلطان أن يأذن له بالكلام، وعندما ردّ عليه السلطان التحية سأله: ماذا أحضرت لنا يا كسلان؟ قال له الكسلان: لقد أحضرت لكم هدية أتمنّى أن تعجب حضرتكم، عندما قام الكسلان بفتح الصندوق الذي معه وجد به الكثير من الأشجار المصنوعة من الذهب والمزينّة بالمجوهرات الثمينة، والكثير من التحف الثمينة الأخرى.
قال الكسلان للسلطان: أنا رجل بسيط وأظنّ بأنّ تلك الهدايا لا تناسبني، بل هي تناسب حضرتكم أكثر، تعجّب السلطان من كلامه وقال له: من أين تملك كل هذا الثراء، وأنا قد سمعت بأنّ والدك يعمل حلّاقاً ولم يترك لك أي شيء، فكيف حصلت على كل هذا المال وأنت لقبك الكسلان؟ قال له الكسلان: أنا يا سيدي لدي قصّة غريب وسأرويها لك.
أنا يا سيدي السلطان كنت ولداً كسول جدّاً، ولهذا السبب أطلقوا علي هذا اللقب، لقد كنت أحب النوم والراحة كثيراً ولا أتحرّك أبداً، ممّا سبّب لي ذلك الآلام في جسدي، وكانت أمّي توبخّني كثيراً لذلك، وفي يوم من الأيام سمعت أمي عن طبيب زائر للبلدة؛ فقرّرت أن تأخذني إليه ليعالج مرض الكسل لي هذا.
رفضت في بداية الأمر، ولكن أمّي أقسمت إن أنا لم أذهب معها فسوف تتركني بلا طعام وشراب حتّى أموت، فذهبت معها وطلبت منها أن تحملني على ظهرها، عندما عرضتني أمّي على الطبيب وقام بفحصي، صرخ بوجه أمّي قائلاً: إن الكسل الذي تتحدّثين عنه هو ليس كسل بل هو أعراض لمرض عضوي داخلي.
أعطى الطبيب لي بعض الأدوية، وبعد أن تعالجت من مرضي وبدأت أذهب إلى حيث أريد، وجدت عجوزاً في آخر الشارع تجلس لوحدها؛ وقرّرت أن أكافئ هذا الطبيب لمعروفه معي وبدأت أعتني بها وأطعمها؛ فهي تعيش لوحدها منذ زمن طويل، وقبل أن تموت أخبرتني بأنّها تخفي ثروة مالية كبيرة أسفل فراشها، وأنّها تريد أن تهبها لي.
ماتت العجوز وعندما ذهبت لأتفقّد ما أخبرتني عنه، وجدتها وقد وضعت بعض الدراهم فقط، ذهبت وأخبرت أمي وطلبت مني أن أعطي تلك الدراهم لأحد تجار الميناء علّني أستفيد منها شيئاً، بعد مدّة سنة كاملة عاد التاجر ومعه عدّة صناديق وأخبرني بأنّها أمانة من أحد التجّار لي، عندما قمت بفتحها وجدت بها الكثير من المجوهرات وكانت لي مكافئة لأنّ دراهمي تلك كانت سبباً في كسبه المال الكثير بطريقة ما.
وها أنا قد جئتك بهذه الصناديق وأطلب منك أن تختار منها ما تريد، عندما فتح السلطان الصناديق وجد بها جوهرة ثمينة، وعندما وضعها على التاج كانت مناسبة له وكأنّها فصلّت له، فرح السلطان بهذا الرجل كثيراً وقال له: أنا أريد أن أطلق عليك اسم شجاع، ولا أريد من أي أحد أن يناديك باسم الكسلان، وسوف تكون واحداً من رجالاتي المقرّبين، وأستمتع بسماع حكايتك المسليّة.