إنّ فعل الخير بدافع الشر يكون أسوأ من الشر نفسه، وهو يستحقّ العقاب المباشر، هذا ما فعله الأسد مع الكلاب البرية، التي تظاهرت بإنقاذها لحيوانات الغابة من مأزق كبير، بينما كانت تفكّر في نية خبيثة تجاهها.
قصة الكلاب الماكرة
في إحدى الغابات الكبيرة جدّاً يعيش الكثير من أنواع الحيوانات المختلفة، والأسد ملك الغابة هو كان المسؤول الأوّل عن تلك الحيوانات؛ وكان عرينه يوجد في منطقة عالية في قمّة الجبل؛ وهذا من أجل مراقبة الحيوانات ومراقبة مسار حياتها.
يوجد في منتصف تلك الغابة نهر كبير، كان هذا النهر يتوسّط الغابة، وتأتي له الحيوانات من كلّ مكان لتشرب وترتوي، وفي يوم من أيام الشتاء جاء مطر غزير؛ وتسبّب هذا الأمر في فيضان مياه النهر من الجانبين، وملأت المياه الغابة كلّها، حتى أنّها وصلت هذه المياه لمنازل الحيوانات، وسبّبت لهم الخوف والذعر الشديد؛ فقد كانت الحيوانات مهددّة بالموت بسبب هذا الفيضان.
كان الأسد الذي يسكن في أعلى الجبل يراقب هذا الأمر، وشاهد منازل الحيوانات التي تعرّضت للغرق، ولاحظ أنّ هذا الأمر سبّب الفوضى العارمة في الغابة؛ فقرّر أن ينزل من منزله ويذهب ويبدأ بمساعدة الحيوانات من الغرق، ولكنّه تذكّر أنّه لا يتقن السباحة، لذلك بدأ يفكرّ بحل آخر لمساعدة حيوانات الغابة التي كانت تحت مسؤوليّته.
كان الأسد في حيرة من أمره ويقول في نفسه: كيف سأنقذ الحيوانات من الغرق؟ وكان يفكّر وهو متجهاً إلى مكان الفيضان الذي حصل بالقرب من النهر، وعندما وصل لهذا المكان تفاجأ الأسد أن الحيوانات التي كان يراقبها من أعلى من منزله، وكانت مهدّدة بالغرق، وجدها أنّها تم إنقاذها كلّها، تفاجأ الأسد وقال في نفسه: من هو الذي أنقذ الحيوانات يا هل ترى!
بدأ الأسد بسؤال الحيوانات المتواجدة عن الحيوان الذي قام بإنقاذهم؛ فأخبروه بأنّ هنالك خمسة من الكلاب البريّة التي كانت متواجدة في الغابة؛ وهي من قامت بإنقاذ هذه الحيوانات، تعجّب الأسد من هذا الأمر، فهو يعلم جيّداً بأنّ الكلاب تستطيع السباحة، ولك كيف لكلاب بريّة أن تنقذ حيوانات الغابة من الغرق.
لم يفكّر الأسد بهذا الأمر كثيراً؛ فهو كان منشغلاً بفرحته بسلامة جميع حيوانات الغابة، خاصّةً أن هذا المأزق لم يكن بيد الأسد أن يفعل أي شيء، فهو لا يجيد السباحة أبداً، توقّف الأسد عن التفكير في هذا الأمر، ولم يحاول أن يصل لأي سبب يدفع هذه الكلاب البرية الخمسة أن تدافع عن هذه الحيوانات وتنقذها من الغرق.
الشيء الوحيد الذي خطر بذهن الأسد أن يقدّم الشكر والعرفان لهؤلاء الكلاب الذي اعتبرهم أنّهم كلاب شجعان؛ أعلن الأسد في جميع أرجاء الغابة عن احتفال كبير يريد أن يقيمه في الغابة، وأن يكون هؤلاء الكلاب الشجعان ضيوف الشرف في هذا الاحتفال، بالإضافة إلى أنّه أمر بأن يكون طعامهم مثل طعامه هو تماماً؛ وهذا تعبيراً لهم عن احترامه للعمل الشجاع الذي قاموا به.
تفاجأ الأسد أثناء الاحتفال أن أحد الحيوانات اقترب منه وأخبره عن الشيء الذي سمعه قد دار بين هذه الكلاب البرية الخمسة وقال له: يا سيدي ملك الغابة، إنّ هذه الكلاب كانت تتحدّث فيما بينها بشأن إنقاذ الحيوانات من الغرق، وكانت تخطّط لأمر شرّير؛ فهي لم تنقذ الحيوانات من أجل سلامتها، بل كانوا يخطّطون لأكل هذه الحيوانات فيما بعد.
غضب الأسد ممّا سمعه، وهو الذي كان يظنّ بأنّ تلك الكلاب البريّة قد فعلت هذا الشيء بدافع النبل والأخلاق؛ لذلك قرّر الأسد أن يقوم بحماية الحيوانات من شر ومكر تلك الكلابة الخبيثة، انتظر الأسد حتى انتهاء الاحتفال، وانتهت الكلاب من تناول طعامها، وعندما حدث ذلك زأر الأسد بصوت عالي حتى شعرت كل الحيوانات بالذعر الشديد.
وقفت الكلاب البرية الخمسة وسألت الأسد عن سبب غضبه؛ فقال لها الأسد: عليكم الآن مغادرة الغابة وإلّا فلن تفلتوا من قبضتي، عندما سمعت الكلاب بذلك وشاهدت غضب الأسد فرّت هاربة من الغابة، وعندما سألت الحيوانات الأسد عن سبب طرده لهم بعد ما قام بالاحتفال بهم، أخبرهم أنّه قد حماهم بذلك من مكر كان يحيط بهم. شكرت الحيوانات الأسد ملك الغابة على حكايته لهم، وتعلّمت بعد ذلك عدم الثقة بأي شخص يقدّم معروفاً معهم.