قصة اللص والساحر

اقرأ في هذا المقال


أحياناً يتسبّب الأشخاص بالأذى للآخرين، ولكن لا يدركون حجم هذا الأذى إلّا عند تعرّضهم للموقف ذاته، هذا ما فعله الساحر مع اللص الذي كان يحتال على الأشخاص بسرقة أموالهم؛ حتّى قابل الساحر الذي لقّنه درساً لن ينساه وقام بمعاقبته على أفعاله.

قصة اللص والساحر

في إحدى الأكواخ التي توجد بالقرب من الطرق الرئيسية يسكن لص واسمه ماهر، هذا اللص كان لصّاً محترفاً؛ حيث كان دائماً يحتال على المسافرين اللذين يمرّون من الطريق الرئيسي بطريقة ما، ويقوم بسرقة ممتلكاتهم، ويأخذ هذه الأشياء الثمينة التي يسرقها منهم ويقوم بالاحتفاظ بها في كوخه الصغير.

في يوم من الأيام بينما كان اللص ماهر ينتظر في كوخه مرور أحد الضحايا كعادته، إذ رأى رجلاً يلبس ثياباً فضفاضة وطويلة، كان هذا الرجل هو ساحر واسمه وليد، ولكن ماهر لا يعلم بأنّ هذا الرجل ساحر؛ اقترب منه وقال له: هل تمانع أن أرافقك في المشي الصباحي لدقائق؟ قال له الساحر: حسناً لا مانع، فجأةً نظر ماهر للساحر وقال له: ما هذا الذي أراه معك؟ هل أخذت هذا مني دون أن تدفع ثمنه؟ كان وليد ساحراً ولا يمكن لأي شخص أن يحتال عليه كمثل تلك الحيل.

نظر الساحر لماهر وهو يبتسم، وقام بفرد أكمامه فجأة وقال له: هل تعلم أيّها اللص كم تسبّبت بسرقة أشياء صغيرة كهذه من الآخرين! تعجّب اللص ماهر من قول هذا الرجل وقال له: ماذا تعني بسرقة صغيرة؟ أنا لا أسرق أي شيء بل أنا أحاول إقناع الآخرين بشراء ما يريدون، وأنا أقوم بتدوين ذلك كلّه، نظر الساحر لماهر ورفع حاجبيه وقال له: أظنّ أنّك تحتاج إلى أن تفهم ما هو الأذى الذي تسبّبه للآخرين.

فجأةَ حرّك الساحر بيديه وظهر أمام اللص ماهر غرفة بداخلها زوجين، وكانت الزوجة مجهدة وتتكئ على كتف زوجها وتبكي وتقول: لو أنّ هذا اللص لم يسرق منّا المال الذي عملنا به اليوم؛ لكنّا قمنا بدفع الضرائب واستطعنا البقاء في المنزل، نظر ماهر لهذا المنظر وكان يبدو عليه الانزعاج وقال للساحر: ولكن كان على هؤلاء الزوجين العمل أكثر، فأنا أيضاً رجل محتاج وبحاجة للنقود لكي أشتري الطعام.

غضب الساحر كثيراً من هذا اللص وتحوّلت عيناه إلى اللون الأسود وقال: لقد رأيت ما هي عاقبة أفعالك ولا زلت غير نادم عليها! سوف ألقّنك درساً وأحوّلك إلى حصان يعمل في مزرعة؛ لتعرف ما هي قيمة العمل، وسأكشف لك كل ما قمت به من سرقات وأقرّر العقاب المناسب لكل منها، رفع الساحر أكمامه مرّةً أخرى وظهر مشهد لرجل يجلس في الشارع ويتسوّل، قال له الساحر: هذا الرجل كان في طريقه لبيع بضاعته، ولكنّك قمت بسرقة ما يملك فعاد فقيراً حتّى صار من المتسولّين.

نظر اللص للساحر وقال له: ولكنّه يجني المال من التسوّل ويجد قوت يومه، عادت عيني الساحر لتتحوّل إلى اللون الأسود، وقال للص: أنا لن أحولك لحصان فقط، بل بعد ما تتحوّل لحصان وتعمل لمدّة سنة كاملة، فسوف أقوم بتحويلك لنسر لسنة كاملة؛ حتّى تعلم ماذا يشعر المتسوّلين، قرّر ماهر أن يتظاهر بالندم في المرّات القادمة.

رفع الساحر أكمامه وظهر لماهر مشهد فتاة تجلس على كومة قش وتبكي، وفجأةً يدخل عليها والدها ويصرخ ويقول: ماذا تعنين بأنّكِ أضعتِ الدواء، سوف نموت جميعاً، قالت له الفتاة: لقد خدعني لص ودفع ثمنها نقود مزوّرة، قال ماهر متظاهراً: أنا آسف لما فعلته، وسوف أعيد الدواء لهذه الفتاة، غضب الساحر وقال: أنت تحتال علي، وسوف أضيف على عقوبتك بأن تتحوّل لسنة كاملة إلى كلب حراسة؛ لتدرك ما هو معنى الأمانة، وعليك أن تعيد كل ما سرقته من الآخرين، أعطيك مهلة ليوم غد وإلّا سأزيد العقوبات عليك.

اختفى الساحر فجأة وعاد ماهر إلى كوخه، ونام لشدّة تعبه واستيقظ في اليوم التالي متأخّراً، فظهر له الساحر وقال: سوف أضع عليك عقوبة سنة كاملة لتتحوّل إلى حيوان الكسلان؛ حتّى تتعلّم أن الكسل هو مضيعة للوقت، بعد ذلك قام اللص ماهر بإرجاع الممتلكات لأصحابها، وعندما عاد بدأ الساحر بتنفيذ العقوبات.

في السنة الأولى قام بتحويلة إلى حصان ليعرف قيمة العمل، بعد مرور سنة من العمل الشاق سأله الساحر ماذا تعلّمت؟ قال له ماهر: تعلّمت أن العمل هو شيء متعب، في السنة التالية تحوّل إلى نسر وظلّ يطير في الصحاري الخالية يبحث عن طعام، عندما انتهت السنة سأله الساحر: ماذا تعلّمت؟ قال له ماهر: لقد تعلّمت أن الجوع لا يعرف الصبر، في السنة التي تليها تحوّل إلى كلب لمدّة سنة، وعندما انتهت المدّة سأله الساحر: ماذا تعلّمت؟ قال له ماهر: لقد تعلّمت أن الأمانة شيء عظيم.

وآخر عقوبة كان على ماهر أن يقضيها هي أن تحوّل إلى حيوان الكسلان، وكان يتحرّك بصعوبة ويشعر بالتعب بسرعة ويقضي أوقاته بالنوم، بعد انتهاء العقوبة سأله الساحر: ماذا تعلّمت؟ قال له ماهر: تعلّمت أهمية الوقت وقيمته، بعد ذلك نظر الساحر لماهر وقال له: سوف أتركك الآن وأتمنّى أن تكون قد تعلّمت الدرس، وأتمنّى رؤيتك المرّات القادمة بحال أفضل.


شارك المقالة: