قصة المشعوذان أو (The Two Jugglers) هي حكاية فولكلورية صينية مقسمة، للمؤدلف، نورمان هينسدال بيتمان، حررها أندرو لانج.
الشخصيّات:
قصة المشعوذان:
في أحد أيام الربيع الجميلة، تجول رجلان في الساحة العامة لمدينة صينية شهيرة، كانوا يرتدون ملابس بسيطة ويبدو أنهما مواطنان عاديان جاءا لرؤية المعالم السياحية، وبالحكم على وجهيهما كانا أبًا وابنًا، كان المسن، وهو رجل كبير ربما يبلغ الخمسين من العمر ، لديه لحية رمادية شحيحة، والأصغر كان لديه صندوق صغير على كتفه، وفي الساعة التي دخل فيها هذان الغريبان إلى الساحة العامة، تجمع حشد كبير، وكان الجميع مصممين على قضاء وقت ممتع.
بدا كل الناس سعداء للغاية، كان البعض جالسًا في الهواء الطلق، وكانوا يأكلون ويشربون ويدخنون، كان آخرون يشترون من الباعة الجائلين، ويرمون العملات المعدنية، ويلعبون ألعاب الحظ المختلفة، مشى الرجلان بلا هدف، و يبدو أنّه ليس لديهم أصدقاء بين الباحثين عن المتعة، لكن أخيرًا، بينما كانوا واقفين يقرأون إعلانًا عامًا معلقًا عند مدخل دار البلدية، سألهما أحد المارة عن هويتهما.
قال الشيخ مبتسماً مشيراً إلى الصندوق: أوه، نحن مشعوذون من مقاطعة بعيدة يمكننا القيام بالعديد من الحيّل لتسلية الناس، وسرعان ما انتشر بين الحشد أن اثنين من المشعوذين المشهورين قد وصلا للتو من العاصمة، وأنّهما تمكنا من أداء العديد من الأعمال الرائعة، في تلك الأثناء حدث أنّ رئيس بلدية المدينة في تلك اللحظة كان يستقبل عددًا من الضيوف، وكانوا قد انتهوا للتو من تناول الطعام.
، وكان المضيف يتساءل عما يجب عليه فعله لتسلية أصدقائه، عندما أخبره أحد الخدم عن المشعوذين، فقال الرئيس بلهفة: اسألهم عمّا يمكنهم فعله، وسأدفع لهم جيدًا إذا تمكنوا من تسليتنا حقًا، لكنّني أريد شيئًا أكثر من الحيل القديمة المتمثلة في رمي السكاكين وتحقيق التوازن، يجب أن يظهروا لنا شيئًا جديدًا، ذهب الخادم إلى الخارج وتحدث إلى المشعوذين وقال: الرجل العظيم يطلب منك أن تخبره بما يمكنك فعله.
إذا استطعت أن تروق زوّاره فسوف يخرجهم إلى المنصة الكبرى الخاصة، ويسمح لك بالعرض أمامهم، قال الشيخ الذي كان اسمه تشانغ: أخبر سيدك الكريم، أن يجربنا كما يشاء، ولن نخيب أمله، وأخبره أننا جئنا من أرض الأحلام والرؤى المجهولة، ويمكننا أن نحول الصخور إلى الجبال، والأنهار إلى المحيطات، والفئران إلى الأفيال، باختصار، لا يوجد شيء في السحر يصعب علينا القيام به.
سُر المسؤول عندما سمع خبر خادمه، وقال لضيوفه: الآن قد نستمتع قليلاً، لأنّ هناك مشعوذين بالخارج سيؤدون حيلهم الرائعة أمامنا، صعد الضيوف إلى المنصة الكبرى في جانب واحد من الساحة العامة، وأمر رئيس البلدية بضرورة شد الحبل بحيث يترك مساحة مفتوحة على مرأى ومسمع من الجمهور حيث قد يقدم الاثنان عرضهما.
لبعض الوقت، قام الغريبان بإمتاع الناس ببعض الحيل الأبسط، مثل تدوير الأطباق في الهواء، وقذف الأواني والتقاطها على عيدان، وجعل الزهور تنمو من أواني فارغة، وتحويل كائن إلى آخر، ومع ذلك، صرخ رئيس البلدية أخيرًا وقال: هذه الحيّل جيدة جدًا من نوعها، ولكن ماذا عن تلك الحيل الخاملة لتحويل الأنهار إلى محيطات والفئران إلى أفيال؟ ألم تقل أنك أتيت من أرض الأحلام؟
ثمّ قال: هذه الحيل التي قمت بها هي الحيل التي لا معنى أليس لديك شيء جديد لتستمتع بضيوفي في هذه العطلة؟ قال العجوز: بكل تأكيد سيدي، كن مطمئنًا، أي شيء تطلبه يمكنني أن أفعله لك، ضحك الرئيس صراحة على لغة التفاخر هذه، وقال: اعتني بنفسك يا رجلي! لا تذهب بعيدًا في وعودك، هناك الكثير من المحتالين بالنسبة لي لتصديق كل غريب، لا تكذب، لأنّك إذا كذبت في حضور ضيوفي، فسأستمتع بأن تتعرض للضرب.
كرر تشانغ بجدية: كلماتي صحيحة تماماً، صاحب السعادة، ما الذي نكسبه بالخداع، نحن الذين قمنا بمعجزاتنا أمام حشود لا حصر لها من الجنة الغربية البعيدة؟ صاح الضيوف: ها، ها! اسمع المتفاخرين! ماذا نأمرهم أن يفعلوا؟ وللحظة تشاوروا معًا وهمسهم وضحكوا، صاح المضيف أخيرًا: لقد حصلت عليها، كان عيدنا يفتقر إلى الفاكهة، لأنّ هذا غير موسمها، لنسمح لهذا الزميل بتزويدنا بها، ثمّ قالوا: أنتج لنا خوخًا، وكن سريعًا، ليس لدينا وقت للخداع.
صاح تشانغ في فزع زائف وقال: ماذا يا سادة، خوخ؟ بالتأكيد في هذا الموسم لا تتوقعون خوخًا، ضحك الضيوف، وبدأ الناس في الصياح بسخرية، فقال الابن: لكن يا أبي، لقد وعدت بفعل أي شيء يطلبونه ثمّ قال الأب تشان: أيها السادة، إذا كان خوخًا ما تريدونه، فستحصلون على خوخ، على الرغم من أنني يجب أن أرسل في طلبه إلى حديقة الجنة الغربية.
صمت الناس ونسي ضيوف الرئيس الضحك، وفتح الرجل العجوز، الذي كان لا يزال يتمتم الصندوق الذي كان يأخذ منه الأطباق السحرية وغيرها من الأشياء، وبعد التحسس في الصندوق لبعض اللحظات، قام بسحب خصلة من الخيط الذهبي، ولم يكد يزيل جزءًا من هذا الخيط حتى حملته هبوب ريح مفاجئة في الهواء فوق رؤوس المتفرجين.
وأسرع الرجل العجوز بدفع الخيط السحري، وارتفع الحبل أعلى وأعلى إلى السماء، حتى أجهدت عيني الساحر في متابعته، ولم يتمكن أحد من رؤية المنطقة البعيدة التي اختفى بها، صاح الشعب بصوت واحد: رائع رائع! العجوز جنيّة، لقد نسوا كل شيء عن الخوخ للحظة، وكانوا مندهشين جدًا من رؤية تحليق الخيط السحري، وأخيرًا، بدا الرجل العجوز راضيًا عن المسافة التي قطعها حبله.
وربط نهاية الحبل بعمود خشبي كبير ساعد في دعم سقف المدرج الكبير، وللحظة، ارتجف الهيكل وتمايل كما لو كان سيتم نقله أيضًا إلى الأثير الأزرق، وتحول لون الضيوف إلى شاحب وتمسّكوا بكراسيهم للحصول على الدعم، ولكن حتى الرئيس لم يجرؤ على الكلام، لذا تأكد من أنّهم الآن في حضور الجنيّات، قال تشانغ العجوز بهدوء: كل شيء جاهز للرحلة، سأل العمدة: ماذا! هل تتركنا؟
قال العجوز: أنا؟ أوه، لا، عظامي الضعيفة ليست رشيقة بما يكفي للتسلق السريع، ابني هنا سوف يجلب لنا الخوخ السحري، إنّه نشيط بما يكفي لدخول تلك الحديقة السماوية، قام الشاب عند لافتة من والده بشد حزامه والأربطة حول كاحليه، وبعد ذلك، بإيماءة رشيقة إلى الحضور المذهول، قفز على الخيط السحري، ثمّ وازن نفسه للحظة على المنحدر الحاد، ثم ركض كما لو كان بحار يركب قارب سريع.
صعد أعلى وأعلى حتى بدا وكأنه ليس أكبر من نسر صعد إلى السماء الزرقاء، وبدا مثل بقعة صغيرة بعيدة في الأفق الغربي، كان الناس يحدّقون في عجب، وشعروا ببعض الخوف المجهول، ولم يجرؤوا على النظر إلى الساحر الذي وقف بهدوء في وسطهم، وهو يدخن غليونه، نظر الرئيس بخجل للعجوز لأنّه ضحك عليه وهدده، ولم يعرف ماذا يقول، شرب الزوار الشاي بصمت، وقام حشد من المتفرجين برفع أعناقهم في محاولة عبثية لمشاهدة الجنيّ الذي اختفى.
واحد فقط من كل تلك المجموعة كان فتى صغير ذو عيون مشرقة في الثامنة من عمره، تجرأ على كسر الصمت وتسبب في انفجار فرح شديد، عندما صرخ وقال: أوه، أبي، هل سيطير الشاب الشرير في السماء و يترك والده المسكين بمفرده؟ وبعد لحظات قليلة من الانتظار، وضع العجوز تشانغ جانبًا غليونه ووقف عينيه مرة أخرى على السماء الغربية، وقال بهدوء: إنّه قادم، الخوخ سيكون هنا قريبا، وفجأة مدّ يده وكأنّه يلتقط شيئًا ما ساقطًا.
وفجأة جاء خط من الضوء، و كان بين أصابع الساحر خوخ، كان أجمل ما رآه الناس على الإطلاق، كبيراً ووردياً، قال تشانغ: إنّه مباشرة من حديقة الجنّة، وسلّم الفاكهة إلى الرئيس، وقال: خوخ في القمر الثاني، والثلج فوق الأرض، أخذ الرئيس خوخة وفتحها وهو يرتجف، كانت كبيرة بما يكفي لتذوق جميع ضيوفه، وكان لها طعم رائع! لقد تمنوا المزيد، معتقدين سرًا أنّ الفاكهة العادية لن تكون أبدًا تستحق الأكل بعد طعم تلك التي أحضرها الساحر.
لكن طوال هذا الوقت، كان المشعوذ العجوز ينظر بقلق إلى السماء. كانت نتيجة هذه الحيلة أكثر مما كان يساوم عليه، صحيح أنه كان قادرًا على إنتاج الخوخ السحري، لكن ابنه لم يعد بعد، ظلل عينيه ونظر بعيدًا إلى السماء الزرقاء، وكذلك فعل الناس، لكن لم يستطع أحد أن يلمح الشاب الراحل، صاح الرجل العجوز في يأس: أوه، ابني ما مدى قسوة المصير الذي سلبني منك؟ لماذا أرسلك في رحلة محفوفة بالمخاطر! من الآن سيعتني بقبري عندما أرحل؟
وفجأة، أصدر الحبل الحريري الذي انطلق عليه الشاب بجرأة شديدة إلى السماء، رعشة سريعة كادت أن تنقلب على العمود الذي كانت مربوطة به، وهناك، أمام أعين الناس سقط من علو شاهق، كومة على الأرض أمامهم، فأطلق العجوز صرخة عالية وغطى وجهه بيديه، وانتحب وقال: القصة كلها واضحة، لقد تم القبض على ولدي وهو ينتزع الخوخ السحري من حديقة الجنّة السحرية، وقد ألقوا به في السجن، ويل لي!
تأثر الرئيس وأصدقاؤه بعمق لحزن الرجل العجوز، وحاولوا عبثًا مواساته، وقالوا: ربما سيعود، تحلّى بالشجاعة! أجاب الساحر: نعم ولكن في أي شكل؟ حتى الآن يردونه إلى أبيه، نظر الناس، ورأوا يد الشاب وقد سقطت على الأرض أمامهم عند قدمي والده، بعد ذلك جاء الرأس والساق والجسد، وكان الناس الذين يرتجفون ويقولون: أعيدت أجزاء الشاب البائس إلى والده، وبعد الحزن الجامح، تمكن الرجل العجوز بجهد كبير من السيطرة على مشاعره.
وبدأ في تجميع هذه الأجزاء ووضعها بحنان في الصندوق الخشبي، وبحلول هذا الوقت كان العديد من المتفرجين يبكون على مرأى من محنة الأب، قال الرئيس أخيرًا: لنقدم للرجل العجوز نقودًا كافية ليدفن ولده بشكل لائق، وسقطت النقود النحاسية من الجميع عند قدمي المشعوذ، وسرعان ما اختلطت دموع الامتنان مع دموع الحزن، جمع المال وربطه بقطعة قماش سوداء كبيرة.
ثم حدث تغيير رائع على وجهه، التفت إلى الصندوق، ورفع الغطاء. وسمعه الناس يقول: تعال يا بني، الحشد في انتظارك لتشكرهم. أسرع! لقد كانوا لطفاء معنا وفي لحظة تقدم الشاب القوي مرة أخرى وانحنى، وشبك يديه وألقى التحيّة، كان الجميع صامتين للحظة، ثمّ اندلع الناس في جلبة من الصراخ والضحك والمجاملات. وهم يصرخون: الجنيّات جاءت لزيارتنا بالتأكيد!ربما يكون الجنيّة الفتى نفسه من بيننا!