من أجمل الأشياء التي تجذبنا لسماع القصص هو احتوائها على الخيال والكثير من الأشياء التي يحلم أي شخص بالحصول عليها، سنتحدث في هذه القصة عن مطحنة سحرية حصلت عليها فتاة رقيقة، ولكن جاء اللورد الذي تعمل عنده هذه الفتاة وقام بسرقتها ونال جزاء طمعه.
المطحنة السحرية:
كان هنالك شخص يعمل لدى الحاكم واسمه اللورد أنوبيس، وكان يعمل عند هذا اللورد خادمة اسمها نور، وكان هذا اللورد يجلس تحت الظل طوال اليوم بينما كانت نور وأبناء أخيها يعملان معاً في حديقته، فالتقطت نور أنواع مختلفة من الخضروات والفواكه، أمّا أبناء أخيها وهم راع وسيث قاموا بالتقاط العشب وتقطيعه، وفي نهاية اليوم تحضر نور سلال الفواكه والخضروات التي جمعتها وتضعها أمام اللورد أنوبيس.
وكان اللورد أنوبيس يزن هذه السلال بميزان ليرى هل هي ثقيلة أم لا، وفي كل مرة يجد أنها ثقيلة وأن العاملة نور قد تعبت في جمعها، ولكن هذه العاملة كانت في كل مرة تطلب أجرها من اللورد أنوبيس يصرخ بها ويقول لها: سأعطيكِ في صباح الغد، فحزنت لأنّها لا تملك المال لإطعام أبناء أخيها.
وذهبت بعد ذلك لخزانتها كي تبحث عن شيء لتقتات به ولكنها وجدتها فارغة تماماً، فقرّرت الذهاب لأنوبيس كي تسأله بعض الطعام، فاتجهت للقصر وقام بفتح الباب لها وسألها: ماذا تريدين، فدخلت ووجدته يجلس على مائدة كبيرة وعليها الكثير من أصناف الطعام اللذيذ فازداد جوعها وقالت له: أرجوك أريد القليل من الطعام فأبناء أخي جائعون ولا أجد ما أطعمهم، فقال لها اللورد أنوبيس: اذهبي فليس لدي ما يكفي من الطعام.
خرجت نور وهي حزينة جدّاً، وفي أثناء سيرها مرّت بكهف وسمعت من داخله صوت أنين غريب، فدخلت الكهف لترى ما مصدر هذا الصوت فوجدت حيوان اسمه سيربوبارد عالق وسط الحجارة، فأرادت مساعدته ولكنّها كانت خائفة من الاقتراب منه وقالت له: ماذا سأفعل هذه الحجار ثقيلة ولا أستطيع حملها، فأشار إلى الرف وعندما نظرت له وجدته مليء بالذهب والكنوز، فقال لها: أحضري لي المطحنة الذهبية التي على الرف.
أحضرت له نور المطحنة وقام بتشغيلها وقال: أيتها المطحنة الذهبية ساعديني فأنتِ تعرفين ماذا أريد، وفجأة ظهرت مجرفة كبيرة بجانب سيربوبارد، وبدأت هذه المجرفة بحمل الحجارة من حوله حتى اختفت، وبعد ذلك قال للمطحنة: أيتها المطحنة توقفي وابقي.
وقف سيربوباد وشكر نور لأنّها ساعدته وقال لها: أنا أريد أن أعطيكِ هذه المطحنة السحرية لأنكِ قمتِ بمساعدتي، فقط قولي لها الكلمات السحرية وسوف تعطيكِ أي شيء تريدينه، ففرحت نور وأخذت المطحنة ومضت وقال لها سيربوبارد: لا تنسِ يا نور الكلمات السحرية ويجب أن تعرفي أن هذه المطحنة لا تتوقّف إلّا عندما تقولين لها ما هذه الكلمات.
أرادت نور أن تري هذه المطحنة السحرية لأبناء أخيها، ولكنهم لم يكونوا سعداء بها وقالوا: أين الطعام أيتها العمة نور؟ قالت لهم: ستأكلون الطعام هيا اسمعوا، وقامت نور بتشغيل المطحنة وقالت لها الكلمات السحرية، وفجأة امتلأت الطاولة بأصناف الطعام اللذيذة من الدجاج التركي والبازيلاء والبطاطس المهروسة والفواكه والجبنة والحليب والخبز، ثم قالت لها: أيتها المطحنة السحرية توقفي وابقي فتوقفت المطحنة عن صنع الطعام.
فرح أبناء أخيها بذلك وقال لها ابن أخوها راع: يا عمتي دعينا نطلب من هذه المطحنة السحرية ملابس جديدة، فقامت نور بتشغيلها وقالت لها الكلمات السحرية، وبعد ذلك قالت لها سيث: دعينا نطلب أثاث جديد، فأعطتهم ما طلبوا وصرخ راع وسيث من شدة الفرحة وقالوا: نحن أصبحنا أغنياء.
حذّرت العمة نور أبناء أخيها من قول الكلمات السحرية لأي أحد، وفي صباح اليوم التالي لم تذهب نور للعمل في حديقة اللورد أنوبيس بل بقيت في المنزل تزرع الورود، وذهب الأطفال للصيد، شعر أنوبيس أن نور وأبناء أخيها لم يأتوا للعمل في ذلك اليوم فجاء لمنزلهم، وعندما دخل المنزل تفاجأ بوجود أثاث جديد وقال لنور: لا يمكن أن يكون هذا الأثاث لكم، من أين حصلتم على كل هذا؟ فقالت له نور: إنّه سر وأنا لا أستطيع إخبار أحد به.
فقام اللورد بتهديدها وقال لها: إن لم تفصحي لي عن السر فسأذهب لإخبار الملك وسوف تدخلين السجن يتهمة السرقة، أسرعت نور وأحضرت المطحنة له وقالت: أنا لم أسرق أي شيء بل هذه المطحنة تعطيني ما أريد، فقام اللورد أنوبيس بانتزاع المطحنة منها وقال لها: سوف أعتني بهذه المطحنة من أجلك.
وذهب لمنزله مسرعاً وقام بتشغيل المطحنة وطلب منها بعض الذهب، ولكن المطحنة لم تستجب له فصرخ قائلاً: أريد الذهب الآن، ولكن المطحنة لم تستجب أيضاً، فقرّر أن يكتشف سر هذه المطحنة بنفسه، وذهب للبحث عن راع وسيث وكانوا قد قرّرو عدم العودة للعمل لدى اللورد أنوبيس بل كانوا يقضون أوقاتهم بالصيد، بينما كانت نور تعمل بحديقة منزلها؛ فهذه المطحنة أعطتهم كل ما يريدون.
وعندما وجد اللورد أنوبيس راع وسيث سألهم عن هذه المطحنة وقال لهم: سمعت أن لديكم مطحنة سحرية هيا أخبروني كيف تعمل، فقال له راع: فقط قل لها أيتها المطحنة السحرية أرجوكي ساعديني أنتِ تعلمين ما أريد، وفجأة نكزته أخته سيث وقالت له: لا تقل له شيئاً فهذا سر، فصمت راع.
عندما علم اللورد أنوبيس بسر تشغيل هذه المطحنة أخذها وسافر بعيداً عن القرية بسفينة عبر البحر، وعندما صعد السفينة قرّر أن يختبرها فقال لها الكلمات السحرية وطلب منها الملح، بدأت المطحنة بصنع الملح دون توقّف وامتلأت السفينة بالملح وأصبحت ثقيلة فغرقت في الماء، وصرخ اللورد أنوبيس وقال للمطحنة: توقفي، ولكن هذه المطحنة لم تتوقّف ولم يكن يعرف ما هي الكلمات السحرية التي تجعلها تتوقّف. غرقت السفينة وغرق أنوبيس وبقيت المطحنة تنتج الملح دون توقّف، وتقول إحدى الخرافات أن السبب وراء ملوحة البحار هو هذه المطحنة!