قصة الملك الشاب للجزر السوداء أو ( The Story of the Young King of the Black Isles) قصة خيالية أدرجها أندرو لانغ ضمن سلسلة ألف ليلة وليلة.
الشخصيات:
- الملك الشاب للجزر السوداء.
- الملك المنقذ للملك الشاب.
- الزوجة الخائنة.
قصة الملك الشاب للجزر السوداء:
تحدث الأمير المسحور أمام الملك وأخبره بقصته وقال: كان والدي ملكًا للمدينة التي كانت تقع هنا كان اسمه محمود، وكان سيد الجزر السوداء والجبال الأربعة. وبعد حكم دام سبعين عاماً مات، وتوليت عرشه، عندها اتخذت ابنة عمي زوجة لي، وكانت تحبني بشكل مفرط، حتى أنه عندما كنت أغيب عنها، لم تكن تأكل ولا تشرب حتى تراني مرة أخرى.
بقيت تحت حمايتي خمس سنوات. بعد ذلك ذهبت ذات يوم إلى الحمام، وقد أمرت الطباخ بتحضير العشاء ودخلت القصر ونمت في مكاني المعتاد كنت قد طلبت خادمتين لتهويتي، وجلست أحدهما على رأسي والآخرى عند قدمي، وكانتا يحركن الريش فوق رأسي وعند قدمي حتى يصنعن هواء لتخفيف الحر عني، وكنت انتظر حضور زوجتي لتناول العشاء .
وأغلقت عيني ولكن روحي كانت مستيقظة، فظنت الخادمتين أني نمت وسمعت الخادمة على رأسي تقول لرفيقتها الأخرى عند قدمي: إن سيدنا سيء الحظ في شبابه، ويا له من حظ سيء أن يرتبط مع سيدتنا الفاسدة الشريرة! الزوجة الخائنة! أجابت الأخرى: لكن شخصًا مثل سيدنا، موهوبًا وقويًا وحكيمًا لا يناسب هذه المرأة الشريرة التي تمضي كل ليلة غائبة عن سريره.
قالت الأخرى: هل سيدنا علم بسلوكها أم يتركها تفعل ماتريد؟ فأجابت الثانية: لا أعتقد ذلك ذلك، فإنها تحرِّكه بواسطة كأس المشروب الذي تعطيه له كل ليلة قبل أن ينام، وتضع فيه المنوم، ونتيجة لذلك، كان ينام بعمق لدرجة أنه لا يعرف ما يحدث، ولا إلى أين تذهب، ولا ماذا تفعل.
لأنها بعد أن تعطيه المشروب ليشرب، تلبس ملابسها وتخرج وتغيب إلى طلوع الفجر، وعندما ترجع إليه وتحرق شيئًا له رائحة تحت أنفه، فتوقظه من نومه، أكمل الأمير:عندما سمعت حديث الخادمات هذا، أصبح النور مظلمًا أمام وجهي، ولم أكن أدرك اقتراب الليل، وعندما عادت ابنة عمي من الحمام، تم تحضير المائدة وأكلنا، وجلسنا لبعض الوقت نشرب كالمعتاد.
ثم طلبت الكأس الذي اعتدت أن أشربه قبل أن أنام، وأعطتني إياه لكني استدرت، وتظاهرت أنني أشربه كما اعتدت أن أفعل، وصببته خلفي، واستلقيت على الفور، وأنا أتمنى ألا استيقظ مرة أخرى! ثمّ سمعتها تقول: والله أنا أكرهك، وتعبت نفسي من رفقتك! ثم قامت ولبست أروع ملابسها، وبعد أن تعطرت وحملت السيف، فتحت وخرج باب القصر.
نهضت فورًا وتابعتُها حتى غادرت القصر، ومرت في شوارع المدينة ووصلت إلى بوابات المدينة حيث لفظت بعض الكلمات التي لم أفهمها، عندها سقطت الأقفال وفتحت البوابات وخرجت، وما زلت أتبعها دون علمها. ومن هناك اتجهت إلى منطقة بين التلال، ووصلت إلى كوخ فيه قبة من الطين ودخلت إليه، ثم صعدت إلى سطح المنزل، ونظرت إليها من خلال فتحة، ورأيت أنها كانت تزور عبدًا أسوداً.
وكان يسكن في كوخ قذر يفرشه بالقش حيث قبلت الأرض أمام هذا العبد، فرفع رأسه نحوها وقال لها ويلك: لماذا بقيت الى هذه الساعة؟ أجابت: يا سيدي، وحبيب قلبي، ألست تعلم أنني متزوجة من ابن عمي، وأنني أكره كل رجل يشبهه، وأكره نفسي وأنا أكون معه؟ فلو لم أخاف أن أضايقك، كنت سأدمر المدينة إلى أنقاض، ليبكي فيها البومة والغراب، وآمره بنقل حجارتها إلى ما وراء جبل.
اجاب العبد: وأنا أقسم بكرم السود، أنه إذا تأخرت مرة كما فعلت الآن حتى هذه الساعة، فلن أكون بصحبتك بعد الآن ولن أقترب من شخصك أيتها الخائنة! هل تزعجيني من أجل سعادتك، أيتها البائسة القذرة، تابع الملك: عندما سمعت كلماتهم، وشهدت ما مر بينهم، أظلم العالم أمام وجهي، و لم أكن أعرف ماذا افعل.
ما زالت ابنة عمي تقف تبكي وتحتقر نفسها أمامه، وقالت، يا حبيبي وكنز قلبي، لم يبق لي سوى أنت الذي اهتم به، فاستمرت في البكاء والتواضع أمامه حتى يهدأ، ثمّ قالت له يا سيدي: هل لك هنا أي شيء تأكله خادمتك؟ أجاب: اكشف العجين، فيه عظام فئران مطبوخة حيث أكلت وشربت وغسلت يديها، وبعد ذلك استلقت بجانب العبد.
عندما رأيتها تفعل هذا، فقدت وعيي ونزلت من سطح المنزل، ودخلت وأخذت السيف، بنية قتلهما فضربت العبد على رقبته وظننت أنه قتل، لكن الضربة التي وجهتها بقصد قطع رأسه لم تقطع إلا المريء والجلد واللحم، وعندما ظننت أنني قتله، وبمجرد ذهابي، عادت زوجتي إلى المدينة وإلى القصر، واستلقت مرة أخرى على فراشي الذي بقيت فيه حتى الصباح.
في اليوم التالي، لاحظت أن ابنة عمي قد قصت شعرها ولبست ثوب الحداد، فقالت لي يا زوجي لا تلومني على ما افعله، لأني تلقيت أنباء عن وفاة والدتي، وموت أحد أخوتي من لدغة سامة، والآخر بسقوط منزل: هذا طبيعي، لذلك يجب أن أبكي، لما سمعت هذا الكلام امتنعت عن توبيخها وقلت افعلي ما يناسبك، وعليه استمرت في الحزن والبكاء والنحيب طيلة عام وهي تعتقد اني لم اراها في تلك الليلة.
ثم قالت لي بعد ذلك، لدي رغبة في أن أبني لنفسي في قصرك، قصرًا لوحدي لأبكي، وسأطلق عليه بيت المراثي، فقلت لها: افعل ما تراه مناسبًا، فبنت لنفسها بيتاً للنوح، وفي وسطه قبة، كقبر قديس، وبعد ذلك نقلت العبد إلى هناك، وأقامت هناك بجانبه.
ومن اليوم الذي جرحت العبد لم يتكلم قط، لكنه بقي على قيد الحياة دون حركة وقد عرفت انها عالجته بسحرها، كانت ابنة عمي تزوره كل يوم في هذا القبر مبكرًا ومتأخرًا لتبكي وتحزن عليه، وتأخذ له اللحوم، وهكذا استمرت في ذلك، صباحًا ومساءً حتى انتهاء السنة الثانية، وأنا أعاني بصبر، حتى دخلت ذات يوم إلى قصرها على حين غرة، فوجدتها تبكي وتصفع على وجهها.
ما إن فرغت من بكائها، قلت لها ممسكًا سيفي المسلول بيد، هذه هي لغة النساء غير المؤمنات اللائي يتنازلن عن صلة القرابة، ويقمن بالخيانة! وكنت على وشك أن اضربها بالسيف،عندما قامت لأنها عرفت أنني أنا من جرحت العبد ووقفت أمامي، ونطقت بعض الكلمات التي لم أفهمها، وقالت: بسحري، سأجعلك نصف حجر ونصف من إنسان!
حيث صرت كما ترى، غير قادر على الحركة، لا ميتًا ولا حيًا، وعندما أصبحت هذه الحالة سحرت المدينة وأسواقها وحقولها، كان سكان مدينتنا أسماك، وحولت الجزر الأربع إلى أربع جبال ووضعتها حول البحيرة. ومنذ ذلك الوقت واصلت تعذيبي كل يوم، وتجلدني بسوط من الجلد، حتى يتدفق الدم من جراحي.
وبعد ذلك لبست على نصفي العلوي سترة من القماش تحت هذه الملابس، بعد أن قلت ذلك قفز الملك من مكانه وقال ناظرًا إلي: وأين هذه المرأة؟ أجاب الشاب: هي في القبر حيث العبد في القبة، وكل يوم قبل أن تزوره تجردني من ملابسي وتجلدني مائة جلدة بالسوط وأنا أبكي وأصرخ غير قادرة على الحركة لأردها.
قال الملك: سأفعل لك عملًا طيبًا سوف تذكره، وسأنتقم لك من تلك الشريرة، فانتظر حتى طلوع الفجر حين خلع ثيابه وعلق سيفه، وذهب إلى المكان الذي كان العبد فيه، وبعد أن لاحظ الشموع والمصابيح والعطور والمراهم، اقترب من العبد فقتله بسيفه، ثم حمله على ظهره، وألقاه في البئر الذي وجده في القصر، وعاد إلى القبة، ولبس ثياب العبد واستلقى مكانه.
بعد فترة وجيزة ، ذهبت الساحرة الدنيئة إلى ابن عمها، وبعد أن خلعت ملابسه أخذت السوط وضربته، وهو يبكي ثم ذهبت إلى العبد بوعاء من اللحم المسلوق، ودخلت القبر وبكت وصرخت يا سيدي: استجب لي، وفجأة تكلم الملك بصوت منخفض وقال: ولما سمعت هذه الكلمات صرخت بفرح و صرخت، ربما تمت استعادة صحة سيدي! ثم أخفض الملك صوته مرة أخرى، فقال : أيتها البائسة، لا تستحقين أن أخاطبك.
قالت: لماذا؟ فقال: لأنك تعذبين زوجك طوال اليوم وهو ينادي ويستعين بالله حتى منعتني من نومي حتى الصباح بسبب صراخه، ولولا ذلك، لأستعدت قوتي، هذا ما منعني من إجابتك، فأجابت: بإذنك سأحرره من آلامه الحالية، فقال الملك: حرريه، وأعطينا الراحة.
وقامت على الفور وخرجت من القبة إلى القصر، وأخذت كوبًا وملأته بالماء، ونطقت عليها كلمات معينة ، فبدأت تغلي، ثم رشت بعضًا منه على ابن عمها ، قائلة: بحكم ما قلته، تغير من حالتك الحالية إلى تلك التي كنت فيها في البداية! وعلى الفور ارتجف ووقف على قدميه، مبتهجًا في رجليه، فقالت له: انطلق ولا ترجع إلى هنا لئلا أقتلك وصرخت في وجهه فانطلق من أمامها وعادت إلى القبة.
وقالت: تعال يا سيدي، اخرج اليّ لكي أراك، فقال بصوت ضعيف ماذا فعلت، لقد حررتني، لكن بقي شئ واحد قالت يا حبيبي: ما هو ؟ فقال شعب هذه المدينة والجزر الأربع، كل ليلة في الساعة الوسطى يرفع السمك رؤوسهم ويسبونني ويسبونك، وهذا هو السبب الذي يمنع عودة النشاط إلى جسدي، لذلك حرريهم وتعالي وأمسكي بيدي وارفعني. لأن القوة قد عادت لي بالفعل جزئيًا.
لما سمعت كلمات الملك هذه الذي تخيلت أن يكون العبد قالت له بفرح يا سيدي: حالً سأنفذ وهرعت إلى البحيرة ، حيث أخذت القليل من مياهها، ونطقت عليها ببعض الكلمات غير المفهومة، فتحررت الأسماك ورفعت رؤوسها ، وعلى الفور تحولت إلى رجال كما كان من قبل، وهكذا أزيل السحر عن سكان المدينة، وأعيد فتح المدينة وأعيد تشييد شوارع السوق، كما تحولت الجبال إلى جزر كما كانت في البداية.
ثم عادت الساحرة على الفور إلى الملك الذي ما زالت تتخيله أن يكون العبد، وقالت له: يا حبيبي، مد يدك الكريمة لأقبلها، واقترب مني، قال الملك بصوت منخفض: اقتربي، وأخذ سيفه ودفعه في حضنها حتى برز من ظهرها، ثم ضربها مرة أخرى، وشقها إلى اثنتين وخرج.
وجد الشاب المسحور ينتظر عودته وهنأه على سلامته، وقبل الأمير الشاب يده وشكره، فقال له الملك أتبقى في مدينتك أم تأتي معي إلى عاصمتي، قال الشاب: يا ملك العصر، أتعرف المسافة بينك وبين مدينتك؟ أجاب الملك يومين ونصف، أيها الملك: بينك وبين مدينتك مسافة مسيرة سنة لمن يسافر باجتهاد.
وقد أتيت في يومين ونصف فقط لأن المدينة كانت مسحورة، لكن أيها الملك لن أتركك أبدًا. ففرح الملك بكلامه و وعانقوا بعضهم البعض، ثم ذهبوا معًا إلى القصر، وتزوج الأمير الشاب بعد ذلك وعاش بسعادة كبيرة.