قصة انتقام القرد

اقرأ في هذا المقال


غالباً ما يكون الانتقام كأن تعض كلب لأنّه قام بعضّك، هكذا يقول المثل الشهير، سنحكي في قصة اليوم عن انتقام القرد من ملك قام بقتل جميع عائلته من القرود، وكان انتقامه مساوياً لفعل الملك؛ حيث قام بخطّة ذكيّة وقام بقتل عائلة الملك وخدمه ووزراءه جميعاً، وجعله يعود إلى القصر لوحده.

قصة انتقام القرد

في إحدى البلدان التي يحكمها ملك يحب القردة كثيراً؛ حيث كان يحتفظ بقصره بعدد كبير من القرود ويعتبر بأنّها الحيوانات الأليفة الخاصّة بالملك؛ حيث يتم تقديم أفضل أنواع الرعاية لها، وأطيب الطعام والشراب وأفضله، وكانوا يحظون بمنزلة كبيرة لدى الملك وخدمه، كان كبير هذه القرود وزعيمها قرد حكيم؛ حيث كان هذا القرد يعي لما يحدث من حوله، وكان يستمع لكلام الحكماء والفلاسفة الذين يفدون على قصر الملك.

كان زعيم القرود يحاول دائماً أن يعلّم بقية القرود ما تعلّمه من علوم مختلفة، ولكن القرود كانت تستمع فقط بمظاهر الحياة الفخمة، وكان من ضمن الحيوانات الأليفة التي تعيش في قصر الملك، اثنان من الكباش التي تتمتّع بقوّة كبيرة، ومن شدّة قوّتهما كان واحد من هؤلاء الكباش يحب الأكل كثيراً وبشراهة، وكان دائماً يتسلّل إلى مطبخ الطهاة ليأكل ما يريد من طعام؛ ممّا جعل الطهاة يغضبون منه كثيراً، ويضطرون لضربه ببقايا الطعام في أغلب الأحيان عند رؤيته.

كان زعيم القردة يتابع ما يحدث لهذا الكبش، وشعر بأن هذه الأفعال التي يقومون بها الطهاة ضدّه قد تؤدّي إلى حوادث خطيرة؛ فذهب وأخبر القردة من حوله وطلب منهم مغادرة المكان وقال لهم: يجب علينا مغادرة هذا المكان الذي أصبح غير آمن؛ فالطهاة يلقون الطعام الساخن على هذا الكبش، وربمّا سيلقون عليه النار لحرقه ونتضرّر نحن من ذلك.

لم تأبه القردة لكلام زعيمهم، بل اعتبروا أنه قد كبر وصار لديه أفكار غريبة، بل فضلّوا الاستمتاع بالرفاهية التي يعيشونها، غادر زعيم القردة لوحده، وبعد عدّة أيّام حدث ما حذّر القرد منه؛ فقد رمى الطهاة طعام يحترق من الفرن على هذا الكبش واندلع حريق كبير في المكان، تضرّرت الخيول الموجودة في القصر، وحزن الملك على خيوله الخاصّة، وعندما طلب استشارة الأطبّاء أخبروه بأن لا علاج لهم إلّا دهن القرد.

من شدّّة حب الملك لخيوله أمر بالقرود فتم قتلها جميعاً، وأخذ دهنها ليداوي بها خيوله، عندما سمع زعيم القردة بذلك حزن كثيراً لأن القردة لم تسمع كلامه، ولكن غضب من تخلّي الملك عن القرود بهذه السهولة وقرّر أن ينتقم منه ويلقّنه درساً لذلك، ومن شدّة حزنه لما حدث للقرود أمضى أيّاماً من دون طعام أو شراب.

وبينما كان يريد شرب الماء في يوم ما، مرّ بجانب بحيرة لوتس جميلة، وعندما اقترب منها وجد آثار لبعض الحيوانات والأشخاص يأتون من مكان بعيد، شعر القرد أنّ لدى هذه البحيرة سرّ ما، اقترب منها بحذر وأمسك أنبوباً وشرب الماء من مكان بعيد، فجأةً ظهر وحش كبير من جوف البحيرة يلبس قلادة من الجواهر وقال له: يا لك من قرد ذكي، جميع من يأتون هنا يشربون من البحيرة وآكلهم وينزلون في بطني، أمّا أنت فشربت الماء وكنت حذراً واستطعت النجاة.

عندما سمع القرد ذلك خطر بباله الملك وجنوده، وقال للوحش: أنا لدي عدو أريد منك أن تأكله إن أتى إلى هنا، فقط أعطيني قلادتك وسأحضر لك الكثير من الأشخاص، قال له الوحش: أنا أستطيع أن آكل آلاف الأشخاص إن أردت، أخذ القرد قلادة الوحش واتجّه إلى الملك وقال له: يا سيدي بينما كنت أتجوّل بالغابة إذ وجدت كنزاً بالقرب من بحيرة بعيدة.

تفاجأ الملك بكلام هذا القرد وقال له: لا بد أن نتبعك إلى تلك البحيرة لنكتشف الكنوز التي تتحدّث عنها، وفي اليوم التالي ذهب جميع من في القصر من خدم ووزراء وتابعون للملك والملك نفسه مع القرد، وعندما وصلوا لبحيرة اللوتس أعجبوا بشكلها الرائع، وقرّروا دخولها، قال القرد للملك: انتظر يا سيدي الملك دع الخدم والوزراء يدخلون قبلك، أمّا أنت فلك مكان خاص لتدخل منه.

دخل الجميع إلى البحيرة عدا الملك، ولكن مضى وقت طويل دون أن يظهر أحد، وعندما اختفوا جميعاً نظر القرد للملك وقال: يا سيدي لقد قمت بقتل جميع أفراد عائلتي، وها أنا اليوم قد قتلت عائلتك أيضاً، لقد ابتلعهم الوحش الموجود في البحيرة، ولكن أنت كنت مولاي في يوم من الأيام ولم أكن أريد أن أقتلك، عد إلى قصرك كما أنت خالي الوفاض.

عاد الملك إلى القصر وهو لا يملك أحداً من عائلته، بعدما انتقم منه هذا القرد أشدّ انتقام ولقنّه درساً لن يسناه.


شارك المقالة: