الشخص الإيجابي ينشر السعادة والفرح أينما حلّ، سنحكي في قصة اليوم عن شاب اسمه ليسيو، كان نشيطاً ويحب العمل ولا يحب اليأس؛ وبسبب ذلك استطاع الحصول على المال الوفير الذي ذهب به إلى مكان معزول هرباً من أخيه الأكبر، وتحوّل المكان الذي سكن به من قرية بسيطة إلى مدينة كبيرة مليئة بالمنازل، ونشر بين سكّانها السعادة.
قصة تل النمل
في إحدى البلدان عاش الشقيق الأكبر ساجو مع شقيقه الأصغر ليسيو سويةً، ولكن كان كل منهما يختلف عن الآخر؛ فالأخ الأكبر كان كسولاً ولا يحب العمل أو يتقنه، بينما الأخ الأصغر فقد كان يدرس ويمارس هوايته المفضّلة وهي صيد الأسماك، حتى كان أخاه يسخر منه ويقول له دائماً: لعلّك تحضر لنا بعض السمك كي نأكله أو ربّما نبيعه ونأخذ ثمنه.
كان سبب سخرية ساجو من أخيه الأصغر هو أنّه في أغلب المرّات كان يفشل باصطياد الأسماك؛ حيث لا يجد في النهر إلّا الديدان فيقوم بإعادتها للنهر، وفي مرّة قرّر ليسيو أن لا يعيد الديدان ويفكّر أن يستفيد منها بشيء؛ فكّر وقرّر أن يقوم بسلقها وطهيها، تفاجأ ليسيو عن سلقه للديدان أنّها تحوّلت فجأةً إلى شيء يلمع، وعندما اقترب ورآها لاحظ أنّها تحوّلت لذهب وفضة.
فرح ليسيو بذلك كثيراً وقام بتكرار ما فعل وتحوّلت في كل مرّة إلى ذهب وفضة، حتى أن المكان الذي كان يجلس به لا زال موجوداً في إحدى البلدان، وتم تسميته بحقل الذهب، في تلك الأثناء كان الأخ الأكبر منشغلاً بالبحث عن عمل جيّد ولكن دون جدوى، وكان قد سمع ممّن حوله وشاع بأن أخيه الأصغر ليسيو يتغذّى على الديدان؛ فغضب كثيراً وقال في نفسه: لقد أساء أخي لسمعة العائلة بهذا الفعل المخجل والفاضح لا بد أن أعاقبه بشدّة إن كان ما سمعته عنه صحيح.
بعض الأشخاص سمع بما ينوي الأخ الأكبر فعله مع أخيه الأصغر؛ فذهب وقرّر أن يخبره بأن شقيقه ينوي معاقبته، وعندما سمع ليسيو بذلك قال في نفسه: لا بد لي أن آخذ الذهب والفضة وأهرب بهما إلى مكان آخر لا يعرفه أحد، وذهب بعيداً إلى مكان يسمّى أدغال جيرون، عاد ساجو إلى المنزل وكان ينوي معاقبة أخيه الأصغر؛ فلم يجده ولم يجد إلّا بعض القشور الذهبية وراءه.
بدأ ساجو يبحث عن شقيقه الأصغر في كل مكان ولكن دون جدوى؛ فبدأ يلوم نفسه في التسرّع بالإعلان عن العقاب الشديد لأخيه، وندم أنّه قال ذلك قبل أن يتأكّد من حقيقة ما سمع، وبدأ يشعر بالحزن لأنّه فقد شقيقه الوحيد بسبب تسرّعه، فلم يعد يسمع عنه شيء، وكان ليسيو في غابة كثيفة الأشجار؛ إذ أنّه من الصعب الوصول إليه بسهولة، ولم يكن يعلم ببحث أخيه الأكبر عنه، وبعد مدّة من الزمن انقطعت الصلة بينهما تماماً.
عاش ليسيو بين قبائل بسيطة جدّاً؛ حيث أنّهم يمضون أوقاتهم في البحث عن طعامهم، وفي بعض الأيّام بالكاد يستطيعون اصطياد أرنب واحد، فوجد ليسيو أنّه من المناسب أن يعيش بينهم، بالإضافة إلى أن هذه القبيلة رحبّت بوجوده؛ فهو يمتلك الذهب والفضة التي يستطيع أن يعيش بها ولن يكون عالة على أحد.
وبعد مدّة من الزمن نشأت علاقة وطيدة بينه وبين هذه القبيلة؛ إذ أنّه كان يكلّف البعض منهم بمهام، ويحصلون على أجور جيّدة مقابلها، بعد مدّة اشترى ليسيو كلباً كي يعينه في رحلات الصيد، اعتنى به جيّداً حتّى كبر وكان يحبّه كثيراً، وفي يوم من الأيام خرج ليسيو مع كلبه حتى توقّف عند حافة أحد التلال وبدأ ينبح بصوت عالي.
تبعه ليسيو ولم يكن يعلم ما سبب نباحه عند هذا التل، عندما تبع الكلب وصعد التل رأى في أعلى التل مكاناً يطل على منظر جميل وساحر، وقف به ليسيو لوقت طويل يتأمّله، ومن شدّة إعجابه بالمكان قرّر أن يبني منزلاً له هناك، وكان يملك من المال ما يكفي لذلك، صار الناس يبنون بيوتهم في هذا المكان المرتفع بجانب منزل ليسيو الذي يطل على المنظر الرائع.
وكان أهل القبيلة التي عاش بها يحبّونه كثيراً، ويسعون للسكن بجانبه ومجاورته، وكان هو يمتلك منزلاً رائعاً أشبه بالقصر، وبعد مدّة من الوقت تحول التل إلى مدينة سكنية، وتحسّنت أحوال شعبه بفضل ليسيو الذي استثمر التل بالبناء، وكان يعامل الجميع بلطف ومودة.
وأصبح الجميع يعمل في مهنته بنشاط، وكثرت البيوت في ذلك التل، وفي مرّة من المرّات سألوه عن أفضل اسم لهذا التل فقال لهم: سوف نسمّيه تل النمل؛ وذلك لكثرة المساكن به ولنشاط ساكنيه بالعمل.