يقال بأن الأم هي أول قصة حب حقيقية للابن، سنحكي في قصة اليوم عن ولد صغير كانت أمّه بحاجة لعلاج بمكان بعيد ومخيف، ولكن حبّه الشديد لها دفعه لأن يذهب إلى هنالك، وأن يمتلك الشجاعة لمواجهة كل الأخطار والأهوال التي واجهته، حتى أنّه نجح في نهاية الأمر بإحضار العلاج المناسب لأمّه.
قصة جبل الأهوال
سامر ومها كانوا دائماً ما يقومان بزيارة عمّتهما العزيزة، وفي يوم من الأيام قاما بطلب منها أن تحكي لهم حكاية كالمعتاد، قالت لهما العمة: حسناً يا أعزّائي سوف أحكي لكم اليوم حكاية الصبي سلمان الذي واجه المصاعب والمتاعب في سبيل إحضار علبة الدواء لأمّه المريضة، تحمّس سامر ومها لسماع قصّة جبل الأهوال تلك، فقامت العمّة ولبست نظّارتها الطبية وبدأت تحكي لهما الحكاية.
قالت لهما: كان يا ما كان، في إحدى القرى البعيدة تعيش سيدّة فقيرة مع ابنها الوحيد سلمان، بعد أن توفّى زوجها الذي كان مريضاً، وتركها تعيش مع ابنها الوحيد الذي كان يبلغ من العمر عشر سنوات، تعمل الأم ببيع الجبن؛ فتصنعه في منزلها ومن ثم تقوم ببيعه في السوق، ولكن هذه التجارة لم تكن توفّر لها المال الكافي للإنفاق على المنزل، وعلى ابنها الصغير سلمان، ولكنّها لم يكن بوسعها فعل شيء آخر، وابنها لا زال صغيراً لا يستطيع العمل.
وفي يوم من الأيام مرضت هذه السيدة ولازمها المرض حتّى أنّها ظلّت نائمة بالفراش ولا تقوى على عمل أي شيء، ولكن ابنها كان صغيراً في العمر ولا يستطيع صنع الطعام؛ فكانت هي مضطرّة لعمل كل شيء لوحدها، وكان ابنها الصغير سلمان يحزن لحالها ويودّ أن يساعدها، ولكنّه لا يمتلك من أمره أي شيء.
وفي يوم من الأيام أحضر سلمان الطبيب لوالدته وأخبره أنّها بحاجة للأدوية، جلس سلمان في ذلك الوقت يبكي بحرقة؛ فهو لا يمتلك أي نقود ثمناً لأي دواء، وبدأ يدعو ربّه أن يتلطّف بحاله ويرسل له من يساعده، وبينما كان سلمان يبكي بحرقة وهو يجلس بجانب والدته المريضة إذ ظهرت له جنية وكان يبدو عليها أنّها نية طيبة وقالت لسلمان: ما بك يا سلمان؟ لقد أيقظتني ببكائك الشديد هذا.
نظر لها سلمان وقال: أمّي مريضة ولا تقوى على الحركة، وأنا أريد أن أعالجها لأنّني أخاف عليها، ولكنّني لا أعلم ماذا سأفعل وأنا لا أمتلك النقود، نظرت له الجنية الطيبة وقالت له: أنا لست طبيبة ولا أستطيع معالجة أمّك، ولكن يمكنني أن أعطيك النقود وأنت يمكنك أن تذهب وتحضر لها الدواء اللازم لها، فرح سلمان كثيراً وأخذ النقود من هذه الجنية الطيبة وأسرع ليحضر الطبيب لها.
عندما قام الطبيب بفحص أمّه، أخبره الطبيب بأن والدته مريضة جدّاً وأنّها بحاجة للدواء، ولكن هذا الدواء ليس متوفّراً، بكى سلمان لأجل أمّه كثيراً، وتوسّل لهذا الطبيب أن يساعده؛ فأخبره أن علاجها الوحيد هو عشبة نادرة، ولكن هذه العشبة متوفّرة في جبل بعيد تسكنه الأشباح والأهوال.
قال سلمان للطبيب: هيا دلّني على ذلك الجبل، قال له الطبيب: هذا مستحيل يا بني؛ فهذا الجبل من يذهب إليه لا يعود حيّاً، قال سلمان: أمّي تعبت وربّتني، وأنا يجب علي أن أفعل أي شيء لراحتها، عاد سلمان يبكي بحرقة كيف سيستطيع أن يعالج أمّه، فظهرت له الجنية مجدّداً وقالت له: ما بك يا سلمان، فأخبرها سلمان أن علاج أمّه موجود بجبل الأهوال وأنّه لا يعلم كيف سيصل إلى هناك، قالت له الجنية الطيبة: لقد وصّاني والدك أن أعتني بك وبأمّك قبل موته، سأعطيك القلادة وأدلّك على جبل الأهوال هذا، وعندما يواجهك أي شيء فقط استخدم تلك القلادة.
نظر سلمان للجنيّة وقال لها: ولكن إن استغرقت رحلتي وقتاً طويلاً من سيجلس مع أمّي المريضة؟ قالت له الجنية الطيبة: لا تقلق يا سلمان فأنا سأبقى بجانيها، ذهب سلمان وغاب لعدّة أيّام وظنّت أمّه أنّه لن يعود، ولكنّها تفاجأت بأنّه بعد مرور عدّة أسابيع عاد سلمان ومعه هذه العشبة، وبدأ يحكي لأمّه عن الأهوال والأشباح التي واجهته، ولكنّه كان في كل مرّة يستخدم القلادة وتعطيه القوّة لمواجهة هذه الأخطار. شربت أمّه هذه العشبة وشفيت تماماً، وعاش سلمان مع أمّه بسعادة حتّى كبر وصار يساعدها، وبفضل هذه الجنية الطيبة.