قصة جيروكي جزيرة لوك

اقرأ في هذا المقال



قصة جيروكي جزيرة لوك (The Groac’h of the Isle of Lok) هي قصة خيالية لبريتونية جمعها إميل سوفستر في (Le Foyer breton). أدرجها أندرو لانغ في كتاب (The Lilac Fairy Book ) وأدرجته روث مانينغ ساندرز في كتاب حوريات البحر.

الشخصيات:

  • هوران.
  • بيلاه.
  • الجيروكي.

قصة جيروكي جزيرة لوك:

في العصور القديمة، عاش هناك في قرية لانيليس، شاب اسمه هوارن بوجام وفتاة تدعى بيلاه بوستيك حيث كانوا أبناء عمومة، ولأنّ أمهاتهم كنّ صديقات حميمات، ودائماً ما يدخلن ويخرجن من منازل بعضهن البعض، وقد وضعن في كثير من الأحيان أطفالهنّ في نفس المهد حيث كانوا يلعبون ويتقاتلون من أجل ألعابهم.

قالت الأمهات يومًا: عندما يكبرن سوف يتزوجون، ولكن بمجرد أن بدأ الجميع يفكرون في الزفاف، ماتت الأمهات، وذهب أبناء العم الذين لم يكن لديهم نقود، كخدم في نفس المنزل حيث كان هذا أفضل من الانفصال، بالطبع ، لكن ليس جيدًا مثل امتلاك كوخ صغير خاص بهم، حيث يمكنهم فعل ما يحلو لهم.
كان يقول هوارن متذمرًا: إذا تمكنا فقط من شراء بقرة، سأستأجر القليل من الأرض من السيد، ومن ثم يمكن أن نتزوج، فأجابت الفتاة بحسرة: نعم، لكنّنا نعيش في مثل هذه الأوقات الصعبة، وقد ارتفع سعر الخنازير مرة أخرى، فأجاب هوارن مبتعدًا عن عمله: سننتظر طويلًا، هذا واضح تمامًا.

وكانوا كلما التقيا يعيدون شكاواهم، واستنفد صبر هوارن يومًا، وذات صباح جاء إلى بيلاه وأخبرها أنّه ذاهب للبحث عن عمل حيث كانت الفتاة غير سعيدة للغاية لأنّها استمعت إلى هذا، وشعرت بالأسف و ناشدت هوارن ألّا يتركها، لكنّه لم يستمع إلى كلامها.

قال هوران: تستمر الطيور في الطيران حتى تصل إلى حقل ذرة، ولا يتوقف النحل إلا إذا وجد الزهور التي تعطي العسل، ولماذا يكون الإنسان أقل عقلًا منها؟ وأنا مثلهم، سأسعى حتى أحصل على المال لشراء بقرة وخنزير، وإذا كنت تحبيني ، فلن تحاولي إعاقة خطة من شأنها أن تعجل زواجنا.

رأت الفتاة أنّه لا جدوى من قول المزيد ، فأجابت بحزن: حسنًا، اذهب لأنّه يجب عليك الذهاب، لكن أولاً سأقسم معك كل ما تركه لي والداي، وذهبت إلى غرفتها وفتحت صندوقًا صغيرًا، وأخذت منه جرسًا وسكينًا وعصاً صغيرة، وقالت: يمكن سماع هذا الجرس من أي مسافة، مهما كانت بعيدة، لكنّه يرن فقط لتحذيرنا من أن أصدقائنا في خطر كبير.
السكين يحرر كل ما يلمسه من التعاويذ التي توضع عليها، بينما ستحملك العصا أينما تريد وسأعطيك السكين لحمايتك من سحر السحرة، والجرس ليخبرني بمخاطرك، أمّا العصا التي سأحتفظ بها لنفسي، حتى أتمكن من الطيران إليك إذا احتجت إلي، ثم بكوا قليلا وغادر هوران.
وبدأ هوارن بالجبال، ومشى إلى بونت أفين وهي بلدة صغيرة جدًا مبنية على ضفة نهر، كان جالسًا على مقعد خارج نزل، عندما سمع رجلين كانا يحملان بغلهما يتحدثان عن جروكي بجزيرة لوك، وعندما سأل هوران: ما هو جروكي؟ فأجاب الرجال أنّه الاسم الذي أطلق على الجنية التي سكنت البحيرة، وأنها غنية! اغنى من كل ملوك العالم مجتمعين وقد ذهب الكثيرون إلى الجزيرة لمحاولة الحصول على كنوزها، لكن لم يعد أحد من قبل.
وبينما كان يستمع إلى هوارن اتخذ قراره، فقال للرجال: سأذهب وأعود أيضًا، وقد حدقوا فيه بدهشة، وطلبوا منه ألّا يغضب وأن يتخلص من حياته بهذه الطريقة الحمقاء، لكنه ضحك فقط، وأجاب أنّه إذا تمكنوا من إخباره بأي طريقة أخرى للحصول على بقرة وخنزير، فلن يفكر في الذهاب.
فنزل هوارن إلى البحر، ووجد بحارا طلب منه أخذه إلى جزيرة لوك التي كانت كبيرة، وكانت توجد عبرها تقريبًا بحيرة ذات فتحة ضيقة على البحر، ثمّ دفع هوارن لرجل القارب بدل توصيله ونزل، ثم شرع في السير حول البحيرة.
في أحد طرفيها رأى مركبًا صغيرًا، مطليًا باللون الأزرق وشكل البجعة، فتوجه هوارن، الذي لم يسبق له أن رأى قاربًا من هذا القبيل، سريعًا نحوه ودخل إليه ليفحصه بشكل أفضل، ولكن ما إن كان على متنه حتى استيقظت البجعة فجأة، وخرج رأسها من تحت جناحيها وبدأت قدماها تتحرك في الماء، وفي لحظة كانت في وسط البحيرة.

وبعدما استيقظ الشاب من دهشته، استعد للقفز إلى البحيرة والسباحة إلى الشاطئ. لكن الطائر خمّن نواياه، وسقط تحت الماء، حاملاً هوارن معه إلى قصر جرويكي، و تحت سطح البحر رأي هوران كل العجائب التي تكمن هناك، كان قصر جرويكي مصنوعًا من الأصداف، الأزرق والأخضر والوردي والأرجواني والأبيض، مظللة في بعضها البعض، وكانت السلالم من الكريستال وحول القصر حدائق كبيرة مليئة بجميع النباتات التي تنمو في البحر، مع الماس للزهور.
في قاعة كبيرة كان الجروكي مستلقياً على أريكة من الذهب بوجهها الوردي والأبيض، بينما كان شعرها الأسود الطويل متشابكًا بخيوط من المرجان، وبدا لباسها المصنوع من الحرير الأخضر متشكلًا من البحر حيث وقف هوران على مرأى منها منبهر بجمالها.
قالت جرويكي وهي تقف على قدميها: تعال، الغرباء والشباب الوسيمون مرحب بهم دائمًا هنا، لا تخجل، لكن أخبرني كيف وجدت طريقك، وماذا تريد، أجاب: اسمي هوارن ولانيليس هي مدينتي، وأنا أحاول كسب ما يكفي من المال لشراء بقرة صغيرة وخنزير، أجابت: حسنًا، يمكنك الحصول على ذلك بسهولة، لا داعي للقلق.
وطلبت منه أن يتبعها إلى قاعة ثانية كانت أرضياتها وجدرانها من اللؤلؤ، بينما كانت أسفل الجوانب موائد محملة بالفاكهة من جميع الأنواع، وبينما كان يأكل ويشرب، تحدثت إليه جرويكي وأخبرته كيف أن الكنوز التي رآها جاءت من السفن الغارقة، وتم جلبها إلى قصرها بواسطة تيار ماء سحري.
قال هوارن: لا عجب أنّ الناس على الأرض لديهم الكثير ليقولوه عنك، وأضاف ضاحكًا: أطلب لنفسي فقط نصف ثروتك، فأجابت الجنية: يمكنك الحصول عليها ، إذا أردت، يا هوارن، لقد مات زوجي كوراندون، وإذا كنت ترغب فسوف أتزوجك، حدق الشاب فيها بدهشة متسائلًا: هل يمكن لأي امرأة بهذا الثراء والجمال أن تتمنى حقًا أن تكون زوجته؟
نظر إليها مرّة أخرى، ونسي حبيبته وقال: سيكون الرجل مجنونًا حقًا إذا رفض مثل هذا العرض، لا يمكنني إلّا أنّ أقبله بفرح، ثمّ قامت على الفور وأعطت الأوامر إلى خدمها بتجهيز مراسم الزواج، ثمّ قامت بإحضار شبكة ملئتها بالسمك ودخلت إلى مطبخ كبير وألقت بهم جميعًا في وعاء ذهبي.
في تلك الأثناء كان هوران يفكلر بحبيبته بيلاه وهو يقول:هل من الممكن أن أنساها قريباً؟ ونظر إلى الجيروكي وقال: يا لها من حقيرة! و بينما كانت تفرغ الجنية السمك في طبق، وأمرته بتناول عشائه وذهبت لتجلب الشراب من قبوها في كهف.
جلس هوارن وأخرج السكين الذي أعطته إياه بيلاه، ولكن بمجرد أن لامس السكين السمكة توقف السحر، ووقف أربعة رجال أمامه، وتوسلوا إليه أن وينقذهم وينقذ نفسه أيضًا! وكانوا لا يجرؤون على رفع أصواتهم، ثمّ قالوا: نعم ، لقد كنا مثلك، جئنا إلى جزيرة لوك للبحث عن ثرواتنا، ووافقنا على الزواج من جيروكي، وما إن انتهى الزواج حتى حولتنا إلى أسماك.
عندما سمع هوارن هذا قفز في الهواء، ثمّ هرع إلى الباب آملاً أن يهرب بهذه الطريقة، لكن الجروكي التي سمعت كل شيء، قابلته على العتبة، ثمّ ألقت على الفور الشبكة الفولاذية فوق رأسه، وظهر الضفدع الأخضر الصغير من خلال الشبكات حيث قالت له: احمله إلى بركة السمك.
في تلك الأثناء سمعت بيلاه التي كانت تغلي الحليب في مزرعة الألبان، صوت الجرس يرن بعنف، وعند سماع الصوت شحبت لأنّها عرفت أن هذا يعني أن هوارن في خطر، وسرعان ما غادرت المزرعة والعصا السحرية في يدها، كانت ركبتيها ترتجفان من تحتها، لكنّها ركضت بأسرع ما يمكن إلى مفترق الطرق، حيث دفعت بعصاها إلى الأرض.
ثمّ تمتمت كما علمتها والدتها: القليل من شجرة التفاح، فوق الأرض وفوق البحر، في الهواءارشديني، في كل مكان للتجول بحرية، وعلى الفور أصبحت العصا حصانًا صغيرًا ذكيًا، ووقف بلا حراك بينما كانت بيلاه تندفع، ثم بدأ الحصن بشكل أسرع حتى استطعت الفتاة أن ترى الأشجار والمنازل بصعوبة عندما كانت تمر من أمامها.
وفجأة أصبحت أرجل الحصان الأمامية أقصر وتحولت إلى أجنحة، وأصبحت رجليه الخلفيتين مخالب، ونبت الريش في جميع أنحاء جسده حيث جلست على ظهر طائر كبير، حملها إلى قمة الصخرة، وهناك وجدت عشًا مصنوعًا من الطين ومبطنًا بالطحالب الجافة، وفي الوسط رجل صغير الحجم وأسود اللون ومتجعد، أطلق صرخة مفاجأة عند رؤية بيلاه.
قال الرجل: ! أنت الفتاة الجميلة التي كانت ستأتي وتنقذني! فأجابت الفتاة: ولكن من أنت يا صديقي الصغير؟ فقال: أنا زوج جرويكي في جزيرة لوك، وأنا هنا بسببها، وعندما سألته: ماذا تفعل في هذا العش؟ قال الرجل: أنا جالس على ست بيضات من الحجر، ولن أطلق سراحها حتى تفقس، بدأت بيلاه بالضحك.
ثمّ قالت: وكيف أساعدك؟ أخبرها: بتسليم هوارن الذي هو في يد جيروكي، فقالت الفتاة: سأفعل ذلك! حتى لو اضطررت إلى السير حول بريتاني بأكملها على ركبتي المنحنيتين، فأخبرها الرجل أنّه عليها أولاً أن تلبس كشاب، ثم تذهب وتبحث عن جيروكي وعندما تجدها، يجب أن تتدبري أمرها لتمسك بشبكة صلبة تضعينها حول خصرها، وتغلقها عليها إلى الأبد
ثمّ سألت: ولكن أين أجد ملابس الشاب؟ أجاب: سأريك، وبينما كان يتحدث، اقتلع ثلاثة من شعره الأحمر ونفخهم بعيدًا وهو يتمتم بشيء في حينه وفي طرفة عين، تحولت الشعيرات الأربعة إلى أربعة خياطين، حمل الأول منهم قماشًا، والثاني مقصًا، والثالث إبرة، والرابع مكواة، ثمّ جلسوا في العش وعقدوا أرجلهم بشكل مريح، وبدأوا في إعداد بدلة الملابس لبيلاه.
صنعوا لها معطفا بإحدى أوراق الكرنب وكانت القبعة من قلب الملفوف وزوج من الأحذية من الساق السميكة. وعندما ارتدتها بيلاه جميعًا، كانت تبدو كرجل نبيل يرتدي المخمل الأخضر حيث شكرت الرجال الصغار بامتنان ، ثمّ قفزت على ظهر طائرها العظيم، ونُقلت بعيدًا إلى جزيرة لوك، وبمجرد وصولها طلبت منه أن يغير نفسه إلى عصا، وبيدها صعدت إلى القارب الأزرق الذي أوصلها إلى قصر جيروكي.
بدت جيروكي مبتهجة للغاية لرؤيتها، وأخبرتها أنها لم تر مثل هذا الشاب الوسيم من قبل، وسرعان ما قادتها إلى القاعة الكبرى، حيث كان الطعام والفاكهة ينتظران دائمًا، ووضعت على المنضدة السكين السحري الذي تركه هوارن الذي خبّأته بلاه في جيب معطفها الأخضر، ثم تبعت مضيفتها إلى الحديقة، وإلى البركة التي تحتوي على الأسماك، وجوانبها تتألق بألف لون مختلف.
قالت بيلاه: ما أجمل هذه المخلوقات! وجلست على الضفة وعيناها مثبتتان على الأسماك وهي تومض من أمامها، فقالت جيروكي: ألّا ترغب في البقاء هنا دائمًا؟ فأجابت بيلاه أنها لا تريد أفضل شيء، فقالت جيروكي إذًا عليك فقط أن تتزوجني.
أجابت بيلاه ضاحكة: “حسنًا، لن أقول لا، لكن يجب أن تعديني أولاً بأن أصطاد واحدة من تلك الأسماك الجميلة في شبكتك وعندما وافقة جيروكي على هذا الطلب وأعطتها الشبكة الكبيرة، استدارت بيلاه بسرعة، وألقت بها على رأس الساحر، وفي لحظة حولت جنية البحر الجميلة إلى ضفدع.
كافحت الساحرة جاهدة لتمزيق الشباك، لكن لم يكن هناك فائدة حيث قامت بيلاه بسحبها بقوة أكثر، وألقت الساحرة في حفرة ودحرجت حجرًا كبيرًا عبر فمها وتركتها، وبينما كانت تقترب من البركة، شاهدت موكبًا كبيرًا من الأسماك تتقدم لمقابلتها، وهي تبكي وتطالبها بإنقاذها.
سحبت بيلاه السكين من جيبها، ولكن بينما كانت تلمس السمكة الأولى وقعت عيناها على ضفدع أخضر على ركبتيه بجانبها، شعرت بيلاه أنّه زوجها فقالت: هل هذا أنت يا هوران؟ فقال الضفدع الصغير: هو أنا، ولما لمسه السكين كان رجلاً مرة أخرى، فقام بعناق زوجته بين ذراعيه.
ثمّ بدأت في تحويل الأسماك إلى أشكالها المناسبة، ثمّ عادت للرجل المحجوز في عش الطين حيث قال لها: لقد كسرت التعويذة التي احتجزتني، تعالي الآن واحصلي على مكافأتك حيث قادهم إلى الكهوف المليئة بالذهب والمجوهرات، وأمر بللا وهوران بأخذ كل ما يريدون .
وعندما امتلأت جيوبهم، أمرت بيلاه أن تصبح عصاها عربة مجنحة، كبيرة بما يكفي لتحملها هي وأموالها، وفي اليوم التالي تمكنوا من شراء الأراضي لأميال بدلاً من القرة والخنزير وتزوجا وعاشا بسعادة.


شارك المقالة: