نواجه في حياتنا الكثير من الأشخاص الذين لا يعطون للجهود أي تقدير، ولكن من الأمور التي تنقذ الشخص في المواقف الحرجة هو الذكاء، هذا ما حدث مع العامل في قصة اليوم؛ حيث تعرّض العامل لخسارته أجره من قبل المزارع الثري الذي رفض أن يعطيه ما وعده به، ولكن بسبب ذكاء ابنته استطاع هذا العامل أن يستردّ أجره، وأن يحصل على مزرعة كبيرة أيضاً.
قصة حضرة العمدة
في إحدى القرى كان هنالك مزارع ثري جدّاً ويمتلك المال الكثير، ويعود السبب الرئيسي لثرائه أنّه كان يحب أن يقوم بعمل الصفقات بشكل كبير، ولحسن حظّه كان يفوز بكل صفقة يدخل بها ويحصل على ثروة مالية كبيرة، وفي مرّة من المرّات عقد هذا المزارع صفقة مع عامل عنده؛ وكانت الصفقة عبارة عن أن يعطيه عجل صغير مقابل أن يعمل عنده في الأرض.
وعندما جاء يوم تنفيذ الوعد رفض المزارع أن يعطي العجل للعامل، وما كان من العامل إلّا أن يذهب ويشكو أمر هذا المزارع إلى عمدة البلد، تفاجأ العامل عندما ذهب للعمدة بأنّه شاب صغير في السن؛ لذلك لم يستطع أن يبت في تلك المشكلة، لأنّه لم يمتلك خبرة في حل المشكلات، وعندما سمع المشكلة من الطرفين اقترح أن يطرح عليهما لغزاً ومن يستطع حلّه سيكون هو الكاسب وسوف يكون العجل من نصيبه.
لم يكن أمام المزارع والعامل إلّا أن يوافقا على هذا الاقتراح الغريب، قال العمدة: اللغز هو ما هو أجمل ما في الدنيا وأسرعها وأكثره ثراءً وغنى؟ عاد المزارع والعامل كل منهما إلى منزله، وكان المزارع يشعر بالغضب من هذا العمدة؛ لأنّه سيكون السبب في خسارته للعجل، فقال في نفسه: لو أنّه حكم لصالحي لكنت أهديته شيئاً ثميناً، إنّه عمدة جاهل.
لاحظت زوجة المزارع عبوس وجه زوجها وقالت له: ما بك تبدو حزيناً؟ ردّ عليها الزوج وقال: هذا العمدة يتصّف بالغباء، إنّه يحل مشاكله بالألغاز، لو كان مكانه عمدة آخر لحكم لصالحي، قالت له زوجته: وما هو اللغز؟ أخبرها الزوج باللغز فقالت له: لا تقلق يا زوجي العزيز؛ فأنا لدي الحل لهذا اللغز.
قال لها الزوج: هل حقّاً تعلمين ما هو الحل الصحيح؟ قالت له الزوجة: بالتأكيد إن أسرع شيء في الدنيا هو الحصان الذي نمتلكه؛ فهو يسابق الرياح، أمّا أجمل ما في الدنيا هو مذاق العسل، وأكثرها ثراءً هو خزانتنا المليئة بالذهب والفضة، هل تتفق معي؟ شعر الزوج بالفرح لهذا الحل المناسب، شكر زوجته على هذا الحل المناسب وقال لها: لا بد بأنّني سأقوم باسترداد عجلي بهذا الحل.
أمّا العامل فقد عاد لمنزله، واستقبلته ابنته الوحيدة وسألته عن سبب حزنه؛ فأخبرها ما هو اللغز وأخبرها بالأسئلة الثلاث، في اليوم التالي استعد كل منهما للحضور أمام العمدة، وعندما طلب منهما الحل، أسرع المزارع في طرح إجاباته وقال: أسرع ما في الدنيا حصاني، وألّذ ما في الدنيا هو العسل، وأكثرها ثراءً هي خزانتي المليئة بالذهب والفضة والمجوهرات، نظر العمدة للعامل وطلب منه أن يعطيه الإجابة.
كان العامل يشعر بالخسارة مسبقاً، وشعر بأنّه لن ينال العجل، ولكنّه أجاب: أسرع ما في الدنيا هو الأفكار؛ فإنّها تأتي لعقل الإنسان بلمح البصر، وتغادرنا كالأجنحة، أمّا أحلا ما في الدنيا هو النوم، فهو الراحة بعد التعب، أمّا أكثر الأشياء ثراءً هو الأرض؛ فمنها نستخرج الزرع وهي مصدر الغنى.
نظر العمدة للعامل وقال له: أنت هو الكاسب وسيكون العجل من نصيبك، ثم نظر للمزارع وقال له: ألا تظن بأنّ إجاباته هي الأنسب؟ ثم قال للعامل: أنا لا أعتقد بأنّك أنت هو صاحب الإجابات، أريد منك أن من أخبرك بتلك الإجابات؟ رفض العامل في بداية الأمر أن يفصح عن صاحب الإجابات ولكنّ العمدة أصرّ على معرفة صاحب الإجابات فقال له: ابنتي مونيكا هي من أخبرتني هذا الحل.؛ طلب من العامل أن يحضرها لديه على الفور؛ فهو سيحتاجها للمزيد من الألغاز التي يريد لها الحل المناسب.
وعندما حضرت الفتاة أمام العمدة وتحدّث معها؛ تأكّد بأنّها تمتلك الذكاء الشديد؛ وبسبب ذكائها قد حصل والدها على العجل، بالإضافة لذكائها فهي كانت شديدة الجمال؛ فقرّر العمدة الشاب أن يتزوّجها؛ فنال بذلك العامل العجل ونال المال الوفير وقد أهدته ابنته مزرعة كبيرة.