يُعتبر الكاتب والأديب ياسوناري كاواباتا وهو من مواليد دولة اليابان من أبرز المؤلفين اليابانيين على مستوى العالم، وهو من الكُتاب الذين امتهنوا التأليف في مرحلة صغيرة من العمر، وقد أبدع في تأليف القصص والروايات، كما وقد تمت ترجمت العديد من مؤلفاته في أفلام سينمائية، وتمت ترجمتها إلى اللغة العربية، وقد كان أول ما نشر له هو مشهد من جلسة أرواح في جامعة طوكيو الإمبراطورية، والتي كان في ذلك الوقت يدرس فيها.
قصة الدار من الأدب الياباني
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول امرأة مصابة بالعمى كان قد أمسك بيدها زوجها المبصر وقادها من أجل رؤية دار للإيجار، إذ كانت تلك الدار تقع على أحد التلال الموجودة في المنطقة، وقد أراد الكاتب من خلال تلك الرواية أن يشير إلى عمى البصر والبصيرة، وهنا أخذت تسأل الزوجة المصابة بالعمى عن صوت هفيف، فأجاب زوجها أنه صوت الأشجار الكثيفة من الخيزران تتهاوى مع رفيف الرياح.
وقد كان الزوجين قد استأجرا الدار لكن تلك الدار تحتوي على درج ضيق بدرجة كبيرة، وكان كانت في البداية تشعر بالضجر الكثير جراء ذلك الدرج، لكن مع الوقت كانت قد اعتادت عليه، لكنها تخبر زوجها أنه ينبغي عليهم أن يبحثوا عن دار أخرى من جديد، إذ أنه بالنسبة إلى المرأة الضريرة ينبغي أن يكون البيت الذي تعيش به بيت مريح وموقعه مناسب وأركانه سهل التعرف عليها، لأنها تقضي معظم وقتها في المنزل ولا تخرج كثيراً.
كما أنه بالنسبة إلى المرأة المبصرة أو أي شخص مبصر بشكل عام، فإن الدار تكون من الأمور غير المهمة، إذ أنه يخرج إلى الخارج ويشاهد الكثير من المناظر الجميلة والبديعة، بينما بالنسبة للشخص الضرير فإن الدار تضخ بالحياة وتنبض بها، لكن تلك الزوجة كانت كلما تنتقل من درا إلى دار أخرى جديدة، فإنها تتكرر معها المعاناة من جديد، إذ تتعثر وترتطم كثيراً لفترة من الوقت حتى تدرك وتحفظ مكان كل شيء من أول وجديد.
وفي لحظة من اللحظات بينما كان الرجل يقود يد زوجته في الدار الجديدة؛ لتتعرف عليها أكثر فأكثر، تركها للحظة من أجل أن يقوم بفتح البوابة الخارجية للحديقة، وهنا سألت الزوجة: أين هذا المكان إنه يوحي بالعتمة القاتمة، أذ يبدو بالنسبة لها وكما لو أن الأشجار قد ألقت بظلالها على الحديقة، وأكملت حديثها بقولها إن فصل الشتاء في هذا البيت سوف يكون بارد جدًا، فقد كانت تلك الدار مبنية على تصميم من الطراز الغربي القديم، وتحتوي على جدران ونوافذ تحمل الكآبة في طياتها، وهنا أشار زوجها إلى أنه من المؤكد أنه كانوا بعض الألمان الذين يقطنون في ذلك المنزل، إذ وجد هناك لافته مكتوب عليها اسم ليدرمان.
وبينما كان الزوج والزوجة ما زالوا في حديقة الدار، فتح الرجل الباب الخارجي وسرعان ما ارتد خطوة للخلف، إذ تفاجأ بمرور ضوء مشع وباهر، فرح الزوج بذلك الضوء وأخبر زوجته أنه هناك ضوء مبهر للغاية ولا بد أن يكون الجلوس في الحديقة أثناء الليل أمر رائع جداً وسوف يشعرنا بالاسترخاء والنقاهة، وبعد توجهم لرؤية الدار من الداخل كانت الأجواء فيها يشبه فترة الظهيرة في ذلك الوقت، حيث أن لون ورق الحائط الملتصق بالجدران عبارة عن دمج بين اللون القرمزي واللون الأصفر البراق، وقد شبهه الزوج بأنه يشبه إلى حد كبير الجوخ الذي يعرض في الاحتفالات الكبيرة، والتي تكون ذات لون أرجواني ولون أبيض، كما كان في ذلك الوقت الستائر الموجودة في الدار ذات لون أحمر كثيف وكأنها مصابيح كهربائية ملونة.
وفي تلك اللحظة بدأ يحدث الزوج لزوجته عن كل تفصيله في الغرفة، إذ أشار إلى أن هناك أريكة ومائدة ومصباح تزييني ومدفأة ومكتب ومقاعد، وقد أوضح إلى أن في تلك الغرفة أثاث كامل، وكانت زوجته في كل ذلك الوقت تمسك بيده، وفي لحظة ما أوشك أن يسقطها على الأرض، وهنا طلب منها أن يجلسها على الأريكة التي في الغرفة، فقد كانت في تلك الأثناء قد بدأت تشعر بالارتباك جراء وقوفها المستمر لفترة طويلة، فأشارت بيدها أنها لا تريد، وهنا قال لها: يوجد أيضاً بيانو، فرحت بذلك وطلبت منه أن يجلسها مقابل البيانو.
وهنا أمسك بها جيداً وتوجه بها إلى مكان البيانو، وجلست مقابله بقرب المدفأة، وهنا اعراها النشاط وحاولت أن تلمس مفاتيح البيانو وكأنها شيء مخيف بالنسبة لها في البداية، وهنا سمعت أصوات مفاتيحه وقالت لزوجها: اسمع إنه يعمل بشكل جيد، وهنا استمرت في العزف عليه لفترة بسيطة حيث عزفت لحن جميل قصير، وقد كان ذلك اللحن لأغنية تعلمته عندما كانت في مرحلة الطفولة، حيث كانت في تلك الفترة تبصر.
وهنا توجه الزوج للتعرف على باقي البيت، فوجد مكتب وهنا جلس خلف المكتب كما رأى خزانة كبيرة يبدو أنه كان يتم حفظ الأوراق الرسمية والمراسلات فيها كانت بجانب المكتب، كما شاهد غرفة نوم تحتوي على فراش مزدوج، كما كان أيضًا في غرفة المكتب الجدران ملصق بها ورق حائط مخطوط باللون القرمزي واللون الأبيض، وقد شاهد في غرفة النوم بطانية خشنة ملفوفة على التخت محشوة بالقش، حاول القفز عليها، فأدرك حينها أنّ الفرشة تقفز بشكل جيد ولينة، وهنا بدأ عزف زوجته يتردد بكل سعادة ومرح أكبر، وهنا تمكن كذلك من سماعها وهي تضحك وكأنها ما زالت طفلة صغيرة، وهنا بدأت توصف مراحل حياتها كل مرحلة بعزف يدل على شعورها في تلك المرحلة إلى أن وصلت إلى العزف الحزين الذي واكبه العمى.
وفي تلك اللحظة بدأ زوجها في مناداتها حتى تلتمس ذلك الفراش الكبير والمريح والجميل، كان ذلك الأمر بالنسبة لها أمر مخيف، إذ كانت الدار ما زالت جديدة عليها ولم تحفظ أركانها بعد، ولكنها على الرغم من ذلك سارت باتجاه زوجها بكل قوة وإرادة عبر الدار الغريبة، وكأنها امرأة مبصرة حتى وصلت إلى غرفة النوم وهنا عانقها فرحاً منه بوصولها دون أن يمسك بها، وجعلها تقفز معه على الفرشة، وبينما أخذا استراحة على الفرشة القفازة، بدأت المرأة تشير إلى أن الوقت قد مرّ سريعاً دون أن يشعرا به، وهنا بدأ يتساءل كل منهما عن أين يقع هذا المكان؟ فقد نسيا أيضاً أين يقع، وهنا أشاروا إلى أنه غير مهم أن يعرفا أين يقع، المهم أنهم أصبحوا يقطنون به، وتمنوا لو أن هناك مواقع كثيرة كهذه الدار وكهذه المواقع.