رواية مدام بوفاري - Madame Bovary Novel

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر رواية بوفاري من الروايات التي اشتهرت على مستوى العالم في مجال الأدب، كما تصدرت العناوين العريضة في العديد من المجلات العالمية، حيث كانت من أول المؤلفات التي قام الأديب الفرنسي (جوستاف لوبير) بنشرها في سنة 1856م.

نبذة عن الرواية

كانت تلك الرواية من الروايات التي واجهت العديد من المشاكل؛ وذلك نتيجة لما تحتويه من مضمون، إذ أنها اتهمت بأنها من الكتب التي تعمل على المساهمة في انتشار الانحلال الأخلاقي في المجتمع وتقود إلى فساده، كما تم الحديث حولها أنها تعمل على معارضة القيم والفضائل العامة في المجتمع، لكن على الرغم من ذلك هناك الكثير من الأدباء والكُتاب الذين أشادوا بها وقالوا أنها تتميز بحقيقة واقعيتها، وأنّ طريقة سردها والعناية بانتقاء الألفاظ والموضوعية يجعلها من الروايات التي تُصنف ضمن الطراز الأول في مجال الأدب.

رواية مدام بوفاري

كانت تدور وقائع الرواية حول إحدى الفتيات تسمى إيما، فقد كانت من الفتيات التي تتميز بمستوى عالي من الجمال والحسن، كما أنها كانت على درجة عالية من المعرفة والثقافة، إذ نشأت وترعرعت على حب المطالعة والقراءة، فقد كانت على الدوام تقرأ مجموعات كبيرة القصص والروايات العالمية، وتعمقت في قراءتها بشكل كبيرة، لدرجة أنها كانت تنسج في خيالها الكثير من الأحلام حول أبطال الروايات التي كانت تقرأها، فقد كانت تحلم بأن تسكن في أحد القصور الكبيرة والفخمة وتستمتع بإقامة الحفلات فيها، كما كانت تتمنى أن تمتلك الكثير من الأموال والثروة؛ من أجل أن تعيش في رفاهية عالية المستوى.

في تلك المرحلة كانت إيما تباشر دراستها في إحدى الكنائس، ولكنها لا ترغب في الاستمرار في دراستها، فعزمت على الرحيل إلى الأرياف حيث يقطن والدها، وهناك في الريف التقت إيما بالطبيب الذي يدعى شارل بوفاري، إذ يكون هو ذلك الرجل نفسه التي تزوجت منه فيما بعد، ولقبت باسمه، كان شارل يقوم بزيارة والدها باستمرار؛ وذلك من أجل متابعة حالة الصحية، وفي إحدى المرات التقت مع الدكتور وأخذ الحديث بينهم، مما جعله ينبهر بجمالها وحسنها ولطفها ونعومتها، والمستوى العالي من الثقافة والمعرفة لديها، فوقع الطبيب أسيراً في عشق إيما، وعلى الفور طلب الزواج منها.

كان مستوى أحلام والدها تفوق مستوى أحلامها، إذ لطالما رغب في أن يزوجها برجل ذو قوة ونفوذ وحاول إقناع بنته بذلك، ولكنها سرعان ما وافقت إيما على طلب الطبيب، فقد كانت تظن أنها واقعة في حبه، وهو كذلك أيضاً نظراً لتردده الدائم على منزل والدها، كما تعودت على وجوده فلم ترغب بالابتعاد عنه وهنا تم عقد الزواج، ويبدؤوا بالعيش معاً في مدينة توست، ولكن إيما كانت قد اصطدمت بواقع مغاير عما كانت تحلم به فلم تجد أي من تلك الأحلام قد تجسد على أرض الواقع، فقد كانت تعتقد أن الزواج كما تقرأ عنه في روايات الحب والغرام.

ومن هنا بدأ بالمقارنة بين أحلامها في الماضي والوقائع التي تعيشها، فقد كانت تكره أن تعيش يوم من الأيام في المناطق الريفية، كما أنها كانت تحلم بالسفر إلى دولة فرنسا وترى مدينة باريس والنور، ولم توقف صدمتها بالواقع فقط، وإنما تكررت الصدمة بزوجها، فلم يكن هناك أي تشابه بينه وبين الأبطال في الروايات، إذ كان زوج تقليدي لا يعرف أن يقوم بأي شيء في حياته سوى السعي وراء العمل وحب زوجته، وهذا ما جعلها تشعر بأن هناك فجوة كبيرة بينها وبين زوجها، هنا دخل اليأس والإحباط وخيبة الأمل إلى حياة إيما، فبدأ الندم يأخذ حيز من حياتها فتبقى الدوام تندب حظها السيء.

فتميز الطبيب بأنه شخص سطحي وبسيط و لا يكلف نفسه في العناء، فلم يعتاد في يوم من الأيام الذهاب لمشاهدة مسرحية أو فيلم، ولم يتطرق أبدأ لركوب الخيل وحمل السلاح كما يفعل أبطال الروايات، فقد قد جعل حياته في روتين دائم ومستمر دون إحداث أي تغيير فيها، وهذا الأمر ما كان يثير غضي إيما، فلم تستسلم لذلك ولم ترغب الاستمرار في ذلك الوضع، مما جعلها كل يوم تكمت بداخلها مشاعر القهر والكبت، إلى أن أودى بها الأمر إلى الإصابة بمرض، حينها قام أحد الأطباء بتقديم النصيحة لها، بأن تقوم بالسفر من أجل تغيير المكان الذي تعيش فيه كما أعاز إليها الطبيب بأن ترفه عن نفسها حتى تتمكن من استرداد عافيها مرة ثانية، وفي تلك الأثناء رغب زوجها بالذهاب معها والوقوف إلى جانبها.

وهناك التقت إيما بشخص يدعى ليون فسرعان ما وقعت في حبه، إذ وجدت تناغم وتوافق بين تفكيرها ومستوى تفكيره، ومن هنا تبدأ إيما بشكل تدريجي في الوقوع بخطأ تلو الأخر وتعمق علاقتها بشكل سري ومخفي مع ليون، لكن تلك العلاقة سرعان ما تنتهي إذ لم يرغب بالارتباط بامرأة متزوجة وعلى أثر ذلك دخلت إيما في حالة من الحزن الشديد، ثم بعد ذلك تكرر إيما ذات الخطأ مع رجل آخر يمتلك الكثير من الثروة والمال إذ دخلت في علاقة مع شاب أخر، لكن هنا الأمر يختلف في أنّ الشاب والذي يدعى رودلف كان يتميز بالخبث والحقد والمكر، فقد كان يرى العلاقة بين إيما وزجها متوترة ولا يمكن التوافق بينهم مما جعله يرى أن تلك الأرض خصبة لزرع الخيانة فيها.

بدأت إيما تكره تكملة حياتها مع زوجها إذ رغبت في الفرار والهرب ودعت رودلف للهروب معها، حيث تم الاتفاق على موعد محدد للفرار، وفي تلك الليلة المتفق على الفرار فيها تردد رودولف وتراجع عن ذلك الأمر؛ خوفًا على سمعته بين الناس في المجتمع، مما جعل إيما تدخل في وعكة صحية شديدة جداً ولازمتها مدة طويلة، هنا تبدأ إيما بتغيير جذري في تصرفاتها وسلوكياتها، فتكثر من زيارة الكنيسة وتقضي وقتها في الأعمال الخيرية، وتملأ وقتها في التعمق بالكتب الدينية، لكن ذلك لم يستمر طويلاً، فقد شعرت بالملل، مما جعلها ترجع إلى ما كانت عليه في السابق.

وهنا اقترح شارك عليها أن تذهب معه إلى المدينة التي ولد وترعرع فيها؛ من أجل تغيير نظام حياتها، وفي تلك المدينة تشاهد ليون من جديد فسرعان ما تعود العلاقة بينهما، حيث انجرت إيما في طريق الانحلال الأخلاقي وحياة الفسق والخداع والكذب والخيانة، فقد كانت على الدوام تخطط للكذب وخلق الأعذار من أجل تبرير خروجها ولقائها بعشيقها، حتى أولت نفسها إلى القيام برهن منزل زوجها دون علمه جراء الإسراف والبذخ التي كانت تعيشه.

حاولت أن تطلب المال من ليون ورودلف مراراً وتكراراً، لكن طلبها قوبل بالرفض، وخلال فترة قصيرة اكتشف زوجها أمرها وذلك بعد ما تم عرض المنزل في الزاد من أجل البيع، وفي أحد الليالي أخذت إيما الزرنيخ بينما كانت عائدة إلى المنزل، لينتهي الأمر بها إلى الموت المأساوي وهكذا انتهت الرواية بطابع الحزن والألم.


شارك المقالة: