قصة (Zoulvisia) هي حكاية خرافية أرمنية جمعها فريديريك ماكلر في (Contes Arménien) وترجمته (Zoolvisia) بواسطة (A.G. Seklemian) أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنية الزيتون، ظهرت القصة أيضًا في كتاب مرّة منذ فترة طويلة من تأليف روجر لانسيلين جرين ورسمها فويتيك كوباستا.
الشخصيات:
- زولفيسيا.
- الملك.
- الساحرة.
قصة زولفيسيا:
في وسط صحراء رملية، في مكان ما في آسيا، كانت تنتعش عيون المسافرين بمشهد جبل مرتفع مغطّى بالأشجار الجميلة، ومن بينها يمكن رؤية بريق الشلالات الرغوية في ضوء الشمس، في هذا الهواء الصافي الساكن يمكن سماع أغنية الطيور ورائحة الزهور، ولكن على الرّغم من أنّ الجبل مأهول بشكل واضح لم يفكرأن يدخل أي من الملوك أو الأمراء الذين يمرون به على الطريق المؤدي إلى بابل أو بعلبك في غاباته لأنّ الذين فعلو ذلك، لم يعودوا أبداً.
إنّ الرعب الناجم عن سمعة الجبل الشريرة لدرجة أن الآباء على فراش الموت كانوا يوصون أبنائهم ألّا يحاولوا أبدًا فهم أسراره، ولكن على الرغم من الشهرة السيئة، فإن عددًا معينًا من الشباب كانوا يعلنون كل عام عن نيتهم زيارته، ولكنّهم لم يعودوا مرة أخرى، وكان هناك ذات مرة ملك قوي حكم بلدًا على الجانب الآخر من الصحراء، وعندما مات، قدم النصيحة المعتادة لأبنائه السبعة بأن لايذهبوا للجبل.
وما إن مات الملك حتى أعلن ابنه الأكبر الذي تولى العرش عن نيته للصيد في الجبل المسحور، وعبثا حاول كبار السن إقناعه بالتخلي عن مخططه المجنون، ولكن كل كلامهم كان عديم الفائدة، ثمّ ذهب لكنّه لم يرجع وفي الوقت المناسب استلم العرش أخيه التالي محله، وهكذا حدث لأخوته الخمسة الآخرين الذين غادروا إلى الجبل ولكن لم يعودوا أيضًا، وعندما تولى الأخ الأصغر وهو آخرهم الحكم وأعلن هو أيضا أنّه سيذهب للصيد في الجبل، أثار ذلك حزن المدينة بأكملها وبدأ الناس يبكون لمصيره.
وكان الجميع يقول: من سيحكمنا عندما تموت؟ لأنك ستكون ميتًا بالتأكيد، ابق معنا وسنطيعك ونحبك، فاستمع إلى كلامهم وبعد فترة ازدهرت الأرض في ظل حكمه، ولكن في غضون سنوات قليلة استحوذت عليه النوبة القلقة مرّة أخرى، وهذه المرّة لم يسمع كلام أحد، وانطلق ذات صباح عبر الصحراء مع مجموعة من رجال، وكانوا يسيرون عبر وادٍ صخري، عندما ظهر غزال أمامهم ووقف بعيدًا، فطارده الملك على الفور وتبعه حاشيته.
لكن الحيوان ركض بسرعة كبيرة لدرجة أنّه لم يتمكن من الوصول إليه واختفى في أعماق الغابة، ثم انطلق الشاب للأمام و قد ترك رفاقه في الخلف وقد وضعوا خيامهم ودخلو للراحة بها، وعندما تعمق في الغابة كان هواء الغابة المنعش أكثر جاذبية له من أي طعام، مهما كان لذيذًا ولساعات كان يتجول في الغابة وبمرور الوقت، بدأ الظلام يحل واعتقد أنّ اللحظة قد حانت للعودة إلى القصر، لذلك ترك الغابة وهو يتنهد وشق طريقه إلى الخيام، ولكنّه رُعب عندما وجد رجاله بعضهم ميت وبعضهم يحتضر.
كان واضحًا مثل النهار أن النبيذ الذي شربوه يحتوي على سم قاتل، قال وهو يحدق بهم بحزن: لقد فات الأوان على مساعدتكم يا أصدقائي المساكين، ولكن على الأقل يمكنني الانتقام لكم! أولئك الذين وضعوا الفخ سيعودون بالتأكيد ليروا عملهم، سأخفي نفسي في مكان ما واكتشف من هم! وبالقرب من المكان الذي وقف فيه، لاحظ شجرة جوز كبيرة، وصعد إليها وسرعان ما سقط الليل ولم يسمع شيء سوى سكون المكان، ولكن مع أول لمحة من الفجر سمع ضوضاء حوافر الخيول القادمة.
دفع الفروع جانباً ورأى شابًا يقترب على حصان أبيض، وعند وصوله إلى الخيام ترجل الفارس عن ظهره وتفقد عن كثب الجثث التي ترقد حولها، ثم واحدًا تلو الآخر جرهم إلى واد قريب منه وألقى بهم في بحيرة في القاع، وأثناء قيامه بذلك اقتاد الخدم الذين تبعوه خيول الرجال المنكوبين، وأمر الحاشية بإطلاق الغزلان التي كانت تستخدم كفخ، ثمّ رتبوا الطعام والشراب على الطاولات في الخيام.
بعد أن قام بهذه الترتيبات تجول ببطء عبر الغابة، ولكن كانت مفاجأته كبيرة عندما صادف حصانًا جميلًا مختبئًا في أعماق الغابة، قال لنفسه: كان هناك حصان لكل ميت، إذًا لمن هذا؟ أجاب صوت من شجرة الجوز: هذا الحصان خاص بي ! من أنت الذي تغري الرجال ثم تسممهم؟ لكنّك لن تفعل ذلك بعد الآن، فقال الأمير: ارجع إلى بيتك أينما كان فنتقاتل أمامه، بقي القاتل صامتا بغضب على هذه الكلمات.
ثمّ أجاب بجهد كبير: أنا أقبل التحدي الخاص بك، أنا زولفيسيا وعندما قفز على حصانه، كان بعيدًا عن الأنظار بسرعة بحيث لم يكن لدى الأمير الوقت لملاحقته، فقط لاحظ أن هناك ضوء يبدو أنه يتدفق من جواده وأنّ شعره تحت خوذته كان مثل الذهب، فقال القاتل: من الواضح أن الفارس كان امرأة، لكن من يمكن أن تكون؟ هل كانت ملكة كل الملكات؟ أم أنّها كانت زعيمة عصابة من اللصوص؟
ثمّ ظلّ الأمير واقفاً تحت شجرة الجوز وبعد فترة طويلة من اختفاء الحصان والفارس عن الأنظار، ثم استعاد نفسه من الصدمة ليتذكر أنّه يجب أن يجد الطريق إلى منزل عدوه، على الرغم من أنه لم يكن لديه أي فكرة، ومع ذلك فقد سلك الطريق الذي جاء به الفارس وسارعلى طوله لعدة ساعات حتى وصل إلى ثلاثة أكواخ جنبًا إلى جنب، يعيش في كل منها جنية عجوز وأبناؤها.
كان الملك في ذلك الوقت متعبًا وجائعًا لدرجة أنّه لم يستطع التحدث، ولكن عندما شرب بعض الحليب واستراح قليلاً، كان قادرًا على الرد على الأسئلة التي طرحوها عليه، ثمّ قال: سأبحث عن زولفيسيا، لقد قتلت إخوتي والعديد من رعايا وأقصد الانتقام منها، وعندما سمعوا منه هذا الكلام كانت قلوبهم خائفة، لأنّ مجرد التفكير في زولفيسيا جعلهم يرتعدون، فنصحه الجميع وهم يمدون أيديهم: انسى زولفيسيا، وابقى معنا وستكون أخونا الأكبر وسنكون إخوانك الصغار، لكنّ الملك لم يفعل وامتطى حصانه وانطلق على طول الطريق الذي أراه.
على ضوء القمر رأى قصرًا رائعًا، ولكن لم يجد له أي باب، وعندما سمع صوت شخير عالي من أسفل وشاهد رجلاً عجوزًا يرقد في قاع حفرة عميقة خارج الجدران مباشرةً وبجانبه فانوس، ففكر الملك: ربما يكون قادرًا على إسداء بعض النصائح لي، وبصعوبة توغل في الحفرة ووضع يده على كتف العجوز النائم، فسأله العجوز: هل أنت طائر أم ثعبان يمكنك الدخول هنا؟ فأجاب الملك أنّه مجرد بشر وأنّه يريد زولفيسيا.
فأجاب العجوز مع صرير أسنانه: زولفيسيا، من بين كل الآلاف الذين قتلتهم أنا الوحيد الذي هرب، ولكنّها عاقبتني بحبسي بهذه الحفرة ما دمت حيًا، فقال الملك: ساعدني إذا استطعت، وأخبر الرجل العجوز قصته التي استمع إليها باهتمام، أجاب الرجل العجوز: اعلم أن زولفيسيا ترتدي كل يوم عند شروق الشمس سترتها المصنوعة من اللؤلؤ وتتسلق درجات برج ساعتها الكريستالي، ومن هناك تستطيع أن ترى كل أراضيها، وأن ترى دخول أي رجل أو شيطان، إذا اكشفت شخص ما، فإنّها تطلق صرخات مخيفة لدرجة أن أولئك الذين يسمعونها يموتون من الخوف.
لكن اختبئ في كهف يقع بالقرب من سفح البرج، وقم بوضع عصا متشعبة أمامه، ثم إذا بدأت بصراخها، أخرج بجرأة وأنظر إلى البرج وأذهب بلا خوف، لأنّك بهذا ستكسر قوتها، ففعل الملك كما أمره الرجل العجوز وعندما خرج من الكهف التقت أعينهم، فقالت زولفيسيا: لقد انتصرت علي وتستحق أن تكون زوجي، لأنّك أول رجل لم يمت عند سماع صوتي! وانزلت شعرها الذهبي وجذبت الملك به الى قمة البرج كما لو كان حبلًا، ثم قادته إلى قاعة الحضور وقدمه إلى أهل بيتها.
سألت الملك بابتسامة: اسألني ماذا تريد، وسأمنحك إياه، فقال لها الملك أن تطلق الرجل العجوز الذي أدين له بحياتي من عقابه بالحفرة، وأن تعيده إلى بلده، فقالت زولفيسيا: لقد أنهيت الصيد وركوب الخيل حول أراضيّ من حياتي، وكل أملاكي جميعًا ملك لك من الآن فصاعدًا وطلبت من خدمها أن يحضروا حصان النار أمامها، وأعطته للأمير، ثمّ أعطته علبة من اللؤلؤ تحتوي على أحد أطراف شعرها، والذي وضعه في صدر معطفه.
وفي طريق عودته طارد الملك أيلاً، ولم يلاحظ أبدًا أن علبة اللؤلؤ قد سقطت في الماء، وحملها تيار الماء القوي إلى بلد آخر تمامًا، وهناك التقطته إحدى ناقلات المياه التابعة للقصر وأرسلته للملك، كانت صناعة العلبة غريبة للغاية واللآلئ التي بها نادرة جدًا، لدرجة أنّ الملك أمر أن يتم الكشف عن مصدرها في ثلاثة أيام، وللإجابة على اللغز الذي حيّر كل السحرة والحكماء، جاءت ساحرة عجوز إلى القصر وأخبرت الملك أنّها ستكشف اللغز مقابل حفنتين من الذهب.
ثمّ أخبرته أنّ العلبة والشعر يخص زولفيسيا، فطلب الملك منها إحضار زولفيسيا مقابل مبلغًا كبيرًا من المال، عادت الساحرة إلى كوخها في وسط الغابة، وباستخدام سحرها بدأت الأوراق الميتة على الأرض في التحرك والحفيف، ومن تحتها جاء قطار طويل من الثعابين، فحولت الثعابين أحدها إلى عصا والآخر إلى سوط، ثم أخذت عصا وحولتها إلى طوافة وأبحرت إلى وسط الجدول.
وقرب غروب الشمس في المساء التالي، وجدت نفسها بالقرب من حديقة زولفيسيا في نفس اللحظة التي كان فيها الملك على حصان اللهب، عائداً من الصيد، وعندما سألها الملك من أنت: فأجابت: أنا عجوز فقيرة، يا ولدي وأنا أضعت قافلتي ووجدت هذه الطوافة الصغيرة، وركبت بها، أعطني خبزًا لأكله ودعني أنام هذه الليلة بجانب الكلب الذي يحرس بابك!
لمست هذه الحكاية البائسة قلب الشاب ووعدها بأنه سيحضر لها طعامها، وأن تمضي الليلة في قصره، وعند الباب طلب من الساحرة أن تستريح، لكن زولفيسيا شحبت عندما سمعت بذلك وطلبت منه إطعام المرأة العجوز وإرسالها بعيدًا، لأنّها ستسبب لهم الأذى، ضحك الملك وقال: ما الضرر الذي يمكن أن تلحقه بنا؟ ودعا الخادمات إلى حمل طعامها والسماح لها بالنوم في غرفتهن، وبعد فترة طويلة من إقامة الساحرة في القصر، أقنعت زولفيسيا بأنّ هناك سر في قوة زوجها يخفيه عنها.
ولكن زولفيسيا لم تكن تعرف أن الساحرة أرادت كشف سر زوجها، فقالت لها على الفور أنّ سر قوته في سيفه، وبعد أربع ليال، عندما كان الجميع نائمًا، تسللت الساحرة بهدوء إلى غرفة الملك وأخذت السيف من جانبه وهو نائم، ثمّ أسقطته في النهر، وفي صباح اليوم التالي تفاجأ الجميع لأنّ الملك لم يقم كالعادة مبكراً ويذهب للصيد، و كان يرقد الملك على وشك الموت، مع رغوة على فمه وعيناه كانتا مغلقة بالفعل، وحاولوا إيقاظه دون جواب.
وفجأة حظرت الساحرة مع الثعابين حول عنقها وذراعيها وشعرها، ثم التفت إلى زولفيسيا وطلبت منها أن تذهب معها أو تقتلها الأفاعي، ثمّ أمسكت بها وهي مصدومة ولا تستطيع الحراك من شدة خوفها، وقادتها إلى المكان الذي ختبأت فيه الطوف وأخذتها معها، حتى وصلوا إلى البلد المجاورحيث تم بيع زولفيسيا مقابل كيس من الذهب للملك.