من أكثر الأشياء التي تشغل الشخص هو الفضول، وأحياناً يجلب الفضول لنا الكثير من المتاعب والأسئلة، هذا ما حدث مع زهراء التي كانت تعيش مع والدها الذي كان يخفي عنها سرّاً، وكان دائماً يطلب منها أن تبتعد عن الفضول كي لا يسبّب لها الأذى، ولكن قاد الفضول هذه الفتاة لتعلم السر الذي يخفيه والدها عنها، وبسبب هذا الفضول غادرها والدها وعاشت وحيدة ضمن الأسباب التي أخبرها بها والدها.
قصة سر الفأرة البيضاء
كان هنالك فتاة صغيرة وطيبة اسمها زهراء، أنجبتها والدتها ثم ماتت بعد ذلك، عاشت مع والدها الذي كان يحب أن تكون فتاة مهذّبة وليست فضولية كغيرها من الفتيات؛ حيث كانت تقضي أغلب أوقاتها في المنزل ولا تخرج كثيراً، وكانت تعيش مع والدها حياة مترفة.
لم يبخل والد زهراء عليها بالهدايا والألعاب وأي شيء تحتاجه؛ لذلك كانت سعيدة بتلك الحياة وكانت قد ألفتها ولم تفكّر في أي يوم من الأيام أن تذهب لأي مكان آخر، وفي مرّة كانت زهراء تجلس في الحديقة واحتاجت لأداة من الأدوات التي تستخدم لتقليم الأزهار؛ فنظرت إلى آخر الحديقة ووجدت كوخ صغير لم يكن له إلّا باب واحد.
ظنّت أن هذا الكوخ هو المكان الذي يضع به والدها الأدوات؛ طلبت منه المفتاح كي تحضر منه ما تريد، تفاجأت زهراء بأنّها عندما طلبت المفتاح من والدها ظهرت عليه علامات الغضب والارتباك، حتّى أن جبينه صار يتصبّب من العرق، سألته ابنته: هل أزعجك أنّني قد طلبت المفتاح؟ قال لها: كلّا يا ابنتي، ولكن لا يوجد بالكوخ ما تريدينه.
كان الفضول قد أثار زهراء للمرّة الأولى وسألت والدها عن هذا الكوخ فقال لها: أنتِ تعلمين يا ابنتي أن الفضول من العادات الرذيلة، وأنا لا أحب الأسئلة الكثيرة، صارت زهراء تفكّر ما هو سبب خوف أبيها وغضبه من سؤالها، وماذا يمكن أن يكون بداخل هذا الكوخ؟
أصبح ذهن زهراء ممتلئاً بالأفكار؛ فمرّةً تقول في نفسها: لعلّ أبي يخفي أحد الوحوش بداخله ويحضر له الطعام سرّاً، ومرّةً تقول: ربما هنالك خطر ما بداخل هذا الكوخ وأبي يخاف أن أتعرّض له، وفي يوم من الأيام أخبر والد زهراء ابنته أنّه سيضطر للغياب عن المنزل لمدّة ثلاثة أسابيع وأتمنّى أن لا يصيبك الفضول لمعرفة السبب، وعندما أعود سوف أخبركِ به.
أسرعت زهراء لغرفة والدها كي تبحث عن مفتاح الكوخ، وفرحت لأنّها اكتشفت بأنّ والدها قد نسي المفتاح بجانب سريره؛ فقرّرت أن تأخذه وتذهب لتكتشف ما هو سر الكوخ، ولكنّها عندما ذهبت لتفتحه تذكّرت ما قاله أبيها عندما حذّرها من الفضول، ولكنّها بينما كانت تقف بجانب الكوخ إذ سمعت صوت استغاثة يقول: أنقذيني أنا الأسيرة.
ما كان من زهراء إلّا أن تفتح الكوخ وسرعان ما شاهدت مخلوقاً صغيراً وعندما أمعنت النظر به اكتشفت بأنّ هذا المخلوق هو فأرة بيضاء صغيرة، قالت لها: أنا اسمي الجنية المكروهة ووالدك قام بحبسي هنا منذ خمسة عشر عاماً، وأنا الآن سوف أقوم بسجنك كما سجنني والدك، صارت زهراء تركض خوفاً من تلك الفأرة التي تمتلك صوتاً مخيفاً، وكانت الفأرة تلاحقها حتى استطاعت زهراء بنهاية الأمر أن تدخل إلى غرفتها.
فجأةً سمعت زهراء صوت باب المنزل وعلمت بأن والدها قد عاد، بدأت زهراء تبكي وقال لها والدها: لقد نسيت مفتاح الكوخ هل تعلمين مكانه؟ قالت له زهراء: نعم يا أبي ها هو مفتاح الكوخ، عندما أخذ والدها المفتاح سألها عن سبب بكائها وقال: هل قمتِ بفتح الكوخ؟ قالت له ابنته وهي تبكي: نعم يا أبي، لقد أعماني الفضول لأفعل ذلك أرجوك سامحني، قال لها والدها: لقد قمتِ بإنقاذ العدو بفعلتك هذه.
تفاجأت زهراء وقالت لوالدها: وما هو سبب حبسك لتلك الفأرة البيضاء يا أبي؟ قال لها: تلك الفأرة البيضاء هي جنية شريرة وأنا سوف أخبركِ بالسر الذي أخفيته عنكِ لمدّة خمسة عشر عاماً، أنا هو الجني الذي تزوّج من أمّك، وهي من بني البشر أمّا أنا فمن عالم الجن وتلك الفأرة هي جنية ممسوخة وهي عدوتي لذلك قمت بحبسها؛ لأنّها كانت قد اعترضت على زواجي من والدتك، لذلك قامت ملكة الجنيات بتحويلها إلى فأرة بيضاء؛ فملكة الجنيات كانت تحب والدتك لطيبتها.
علمت زهراء وقتها ما هو سبب غضب أبيها، ولماذا كان دائماً يحذّرها من الفضول، قام والد زهراء بتوديعها؛ فهو لم يعد يستطيع العيش معها بسبب تلك الفأرة البيضاء التي تنوي إيذائه، قرّر أن يعود لعالم الجن كي يحمي ابنته من خطر تلك الفأرة، ولكنّه وعدها بأن يزورها من وقت لآخر.