الحسنة تدفع السيئة، سنحكي في قصة اليوم عن ولد كان يؤذي كل من حوله بتصرّفاته، فقد كان الجميع يبتعد عنه، ولكن كان هنالك واحد من زملائه الذي قرّر أن يحسن إليه ويزوره في منزله، على الرغم من أنّ هذا الولد قد سرق منه وسامه وآذاه، وعندما رأى سعيد كيف أن زميله قابل الإساءة بالحسنة خجل من نفسه واعتذر لزميله، وقرّر أن يتوقّف عن أفعاله السيئة.
قصة سعيد المشاغب
كان هنالك طفل اسمه سعيد، كان هذا الطفل من الأطفال المشاغبين جدّاً، ويتسّم بعدم الهدوء أو الانضباط، وهو ولد كثير الفوضى ولا يحب النظام؛ حيث كان دائماً يذهب إلى المدرسة في وقت متأخّر ولا يهتم بالوصول مبكّراً، وعلى الرغم من تحذير مدير المدرسة له بشكل متكرّر فيما يخص تأخيراته، إلّا أنّه لم يكن يلقي أي اهتمام لكلام أي أحد لأنّه ولد كسول ومهمل.
لم تكن مشاكل سعيد في المدرسة متعلّقة فقط بالتأخير عن الدوام المدرسي، بل كان أيضاً يتعامل مع الطلّاب بطريقة غير مهذّبة، وكان شديد العنف معهم ويقع معهم في مشاكل كثيرة، لأنّه كان يسبّب لهم الأذى؛ هذا الأمر جعل الأولاد من حول سعيد لا يحبّونه ويبتعدون عنه دائماً، بالإضافة إلى تعامله السيء مع الصغار، فقد كان يسرق منهم طعامهم دائماً، وعندما يحاول أي منهم أن يدافع عن نفسه، كان يضربه ضرباً مبرحاً.
كان هذا الولد مؤذي لكل زملائه من حوله، ممّا تسبّب له بالكراهية من قبل الجميع، وفي مرّة من المرّات شعر مدير المدرسة بالضجر من تصرّفات سعيد فقام باستدعاء ولي أمره للحضور فوراً، وأخبر المدير والديه عن تصرّفاته السيّئة علّهم يردعونه عنها، وحذرّتهم من أن تعاقبه في المرّات المقبلة، وعلى الرغم من تدخّل والديه في الأمر، إلّا أن هذا الأمر لم يوقفه عن أفعاله السيئة قط.
كان في نفس الصف مع سعيد زميل له واسمه سيف، كان سيف من الطلّاب المميّزين في الصف، وكانت كل تصرّفاته على العكس تماماً من سعيد، كان المعلمين كلّهم يحبّون هذا الطالب لاجتهاده وتفوّقه في الدراسة، بالإضافة لمعاملته الحسنة لمن حوله سواء مع التلاميذ الكبار أو الصغار، كان سيف يجلس بجانب سعيد في الصف.
وفي يوم من الأيّام كان سعيد وسيف يجلسون بجانب بعضهم البعض في حصة اللغة العربيّة، قام المعلّم بتوجيه سؤال للطلّاب، ولكن لا أحد كان قادراً على معرفة الإجابة، ما عدا سيف الذي قام برفع يده واستطاع أن يحل هذا السؤال الذي كان صعباً على الجميع معرفة حلّه، فرحت المعلّمة كثيراً بذكاء سيف واجتهاده، وصفّق له الجميع بما فيهم المعلّمة، قدّمت معلّمة اللغة العربية وساماً لسيف تعبيراً عن اجتهاده في الدراسة.
كان جميع الطلّاب يشعرون بالفرحة لزميلهم سيف ما عدا سعيد؛ فقد كان يشعر بالحقد تجاه زميله هذا، وكان يفكّر في انتزاع الوسام منه من شدّة حقده، وفي نفس اليوم انتظر سعيد زميله سيف حتى يغادر المدرسة، وعندما خرج سيف من المدرسة تعرّض له زميله سعيد وطلب منه أن ينتزع الوسام الذي أهدته له المعلّمة، ولكن سيف رفض وقال له: هذا الوسام من معلمتي أنا لن أفرّط به ولن أعطيه لأي أحد، غضب سعيد وقام بانتزاع الوسام من زميله سيف وأخذه وهرب.
جلس سيف على الأرض وكان يبكي بحرقة، حتّى إن سعيد تغيّب عن المدرسة في اليوم التالي بعد فعلته هذه، طال غياب سعيد عن المدرسة لعدّة أيام، ولكن لا أحد من الطلّاب كان يشعر بالقلق عليه، بل كانوا يشعرون بالفرحة لغيابه وكانوا يتمنّون أن لا يعود إلى مدرستهم أبداً، ما عدا زميلهم سيف كان يقول: حتّى ولو كان زميلنا سعيد مؤذياً، ولكن غيابه مقلق ويجب علينا زيارته والاطمئنان عليه.
تفاجأ الطلّاب من رأي سيف؛ فقد كان سعيد سرق منه وسامه، ولكن كان سيف مصممّاً على زيارته، ولم يوافق أحد بالمجيء معه ما عدا زميله خالد، ذهب خالد وسيف في اليوم التالي لمنزل سعيد، وعندما وصلوا منزله ودخلوا وجدوا أن سعيد يشعر بالمرض، وكان هذا سبب غيابه عن المدرسة.
عندما وجد سعيد زميله سيف قد أتى للاطمئنان عليه على الرغم من أنّه قد أذاه شعر بالخجل من نفسه، وبدأ يعتذر له عن ولزميله خالد عن كل أفعاله السيّئة والمشينة بحق زملائه، وفي تلك اللحظة بكى سعيد واحتضن زملائه، ووعدهما أن يكّف عن أفعاله السيئة وأن يصبح ودوداً وخلوقاً مع الجميع، وعندما رأى سيف منه ذلك قرّر أن يبقي معه الوسام كعهد صداقة جديد، وكان ذلك تصرّفاً رائعاً من سيف؛ إذ أنّه قابل الشر بالخير، وساهم في تغيير زميله سعيد إلى الأفضل.