يحب الأطفال القصص الخيالية، سنحكي في قصة اليوم عن الأمير المتوفّى الذي ظهر شبحه لخادم شجاع، وطلب منه أن يتحدّث مع أبيه؛ وهذا من أجل أن يخبره بأنّه لا ذنب له بموته، وقامت الملكة بتكريم هذا الخادم لشجاعته.
قصة شبح الأمير
في قصر الملك يعيش الملك والملكة والأمير والخدم، وفي يوم من الأيّام تم إقامة حفلة كبيرة جدّاً في قصر الملك، وكانت مدّة الحفلة طويلة جدّاً؛ حتى أن جميع من في القصر ناموا من شدّة تعبهم، نام الملك والملكة والأمراء وكل من في القصر ما عدا واحد من الخدم اسمه ريتشارد.
كان ريتشارد ينظّف في مكان الحفلة وهو القلعة، وبينما هو يعمل كان يتمتم في نفسه: الجميع نائمون وأنا أعمل لوحدي، ليتني كنت من أحد أصدقاء الأمير وأتمكّن من حضور الحفلات، أما أنا فعليّ فقط أن أعمل بتلك الوظيفة البائسة والمملّة، أكمل ريتشارد عمله وقام بمسح الغبار في كل مكان، وكان في القلعة شبح للأمير المتوفّى الذي يحبّه ريتشارد لأنّه كان لطيفاً، فقام بتعديل القبعة لموجودة على شبحه.
بينما كان ريتشارد يمسح على شبح الأمير إذ سمع صوت صراخ الأمير وكأنّه يتحدّث معه، صرخ ريتشارد من شدّة خوفه وجثا على ركبتيه، فجأةً نظر ريتشارد إلى شبح الأمير فوجده كما كان يتوقّع، كانت جثتّه باللون الأزرق وكأنّه يطفو داخل الماء، وكانت ملابسه لونها شفّاف، صار يتوسّل ويقول: يا رب أعنّي على روح الظلام تلك، غضب شبح الأمير وقال له: ولماذا تناديني بهذا الاسم الفظ، أنا لن أؤذيك.
نظر ريتشارد إلى تلك الجثة وقال: هل أتيت لكي تطاردني أنا؟ قال له شبح الأمير: كلّا أنا أريد فقط أن أطلب منك المساعدة، قال له ريتشارد: هل أنت لا تزال حيّاً؟ قال له الشبح: أنا لست حيّاً ولكن لن أستطيع أن أخرج من هذا العالم وحزن أبي عالق بداخلي، قال له ريتشارد: ولماذا والدك حزين؟ قال له الشبح: هو دائماً يلوم نفسه لأننّي وقعت بالمعركة وتم قتلي، لأنّه لم يدرّبني بالشكل الكافي.
أكمل شبح الأمير قوله: لقد أرسلني والدي إلى قتال الفارس الأحمر، وكان واثقاً من قدراتي، ولكنّه ندم على فعلته، قال له الخادم ريتشارد: ولماذا تطلب منّي أن أحدّث والدك بهذا، لماذا لا تحدّثه أنت بالأمر بشكل مباشر؟ قال له شبح الأمير: لأنّني كنت ألفظ آخر أنفاسي في هذا المكان الذي حاول والدي أن ينقذني به، وأنا لا أستطيع الظهور إلّا في الليل بعد نوم الناس كلّها.
قال له الخادم ريتشارد: وماذا تريد مني أن أفعل؟ قال له شبح الأمير: أريد منك الذهاب إلى والدي وإحضاره إلى هنا الآن، قال له الخادم ريتشارد: ولكن كيف لخادم أن يدخل قصر الملك ويوقظه في الليل؟ قال له الشبح: فقط قل للحرس سأخبر الملك بأمر زهرة اللوتس وسترى النتيجة بعينيك.
ذهب الخادم ريتشارد متجّهاً إلى قصر الملك وحاول أن يتسلّل إلى غرفتهما دون علم الحرّاس، ولكن حارس الملك الشخصي تنبّه له وسرعان ما قبض عليه، وعندما صرخ ريتشارد استيقظ الملك والملكة، قاله له الملك: ماذا جاء بك إلى هنا؟ قال له ريتشارد: لقد استدعاك شبح الأمير في القلعة، تفاجأ الملك والملكة بكلامه وقال له الملك: وكيف سأصدّق مقولتك؟ قال له ريتشارد: لقد أخبرني بأمر زهرة اللوتس.
صمت الملك وقال للخادم ريتشارد: حسناً سأذهب معك إلى القلعة، عندما دخل الملك القلعة لم يجد شيئاً سوى الظلام الحالك؛ فقال للخادم ريتشارد: هل تكذب علي أين هو شبح الأمير؟ قال له ريتشارد: صدّقني أيّها الملك لقد كان هنا منذ قليل وقال كلمة زهرة اللوتس، فجأةً ظهر الشبح وقال لوالده: أنا يا أبي من طلبت منه إحضارك، ولا تخف فأنا لم أقل سوى كلمة زهرة اللوتس ولم أخبره شيئاً عنها، كانت تلك الكلمة دلال لسر لا يعلمه إلّا أهل القصر.
تفاجأ الملك بشبح ابنه يتحدّث وقال: يا بني أنت لا تزال هنا، لماذا لم تذهب إلى عالمك الآخر بعد؟ قال له شبح الأمير: لم أستطع ان أذهب قبل أن أتحدّث إليك بشيء، قال له الملك: هل أتيت لتعاقبني لأنّني تسببّت بقتلك؟ قال له شبح الأمير: كلّا لقد أتيت لأخبرك بأنّك لا ذنب لك بمقتلي؛ فأنت أرسلتني إلى الفارس الأحمر لأنّك كنت واثقاً منّي، وأنا كنت واثقاً بنفسي.
بكى الملك واحتضن شبح ابنه وقال: سوف أعانقك عندما أنتقل إلى العالم الآخر يا بني، فجأةً اختفى شبح الأمير، وشعر الملك بالراحة بعد أن كان حزيناً لحمله ذنب مقتل ابنه، وقامت الملكة بتعيين الخادم ريتشارد في الحرس الملكي تكريماً له على عمله الشجاع، وصار من المقرّبين للملك والملكة كمّا تمنّى.
