من فوائد القصص أنّها تعطي للأطفال العبرة والحكمة بأسلوب غير مباشر، وسنحكي في قصة اليوم عن دمية خشبية تحوّلت إلى طفل حقيقي بسبب سلوكياتها الصحيحة، والعبرة من القصة هي تعليم الطفل التصرّف الصحيح.
صانع الألعاب الخشبية:
في يوم من الأيام كان هنالك رجل كبير في السن يعمل بالنجارة واسمه ميلاد، كان هذا الرجل يقوم بتصنيع الكثير من الألعاب والدمى الخشبية، وكان يحب هذه الألعاب كثيراً؛ لأنّه كان وحيداً وليس له عائلة، لذا اعتبر هذه الدمى هي عائلته السعيدة، وكان هنالك من بين الدمى دمية يطلق عليها اسم بينوكو يحّبها كثيراً وكان دوماً يتمنّى بأن تتحوّل هذه الدمية إلى طفل حقيقي؛ فهو كان يعتبر هذه الدمية كابن له.
في يوم من الأيام استيقظ هذا النجّار، وكان قد وضع الدمية بينوكو في الفراش المخصّص له، وفجأة نظر لها فوجدها تتحرّك كما لو أنّها طفل حقيقي، فرح النجّار كثيراً وشعر بأن الأمنية التي طالما كان يتمنّاها قد تحقّقت؛ فبدأ بتعليم هذه الدمية الكثير من الأشياء، حتّى جاء يوم من الأيام وأراد أن النجّار ميلاد أن يرسل بينوكو إلى المدرسة.
وفي يوم من الأيام كان بينوكو في طريق عودته من المدرسة، فوجد سيرك متحرّك وكان هذا السيرك للدمى الخشبية، فرح كثيراً وأراد أن يشارك في هذا السيرك، وعندما صعد على مسرح السيرك بدأ بالرقص والقفز، فأعجب به النّاس كثيراً وبدأوا بالتصفيق له بصوت عالي.
من شدة إعجاب النّاس به طلب منه صاحب السيرك أن يعمل معهم، ولكنّه رفض وقرر العودة إلى المنزل؛ فأعطى له صاحب هذا السيرك خمس جنيهات من الذهب كأجر له، وفي طريق عودته كان هنالك ثعلب وقط يراقبان بينوكو، وكانا يريدان أن يتبعانه ويسرقان أمواله، فقاموا بعمل حيلة وقاموا بربطه بشجرة وأخذا كل الأموال التي بحوزته، فبدأ بالصراخ ولكن دون جدوى، فلم يسمعه أحد.
وبينما كان بينوكو يصرخ سمعته جنية، فجاءت عليه وسألته عن ما حدث به ومن فعل به هذا؛ فأخبرها أن والده مريض وأنّه يذهب للعمل من أجل مساعدته، وبينما كان يتحدّث وإذ بأنفه بدأ يتغيّر شكله وأصبح يتمدّد، تعجّب من ذلك وسأل الجنية عن سبب ما يحدث له، فقالت له: هذ يحدث لأنّك تكذب ولو كنت تقول الحقيقة لما تغيّر شكل أنفك.
شعر بينوكو أنه كان مخطئاً بشأن الكذب، وأراد الاعتذار من الجنيّة؛ فقامت هي بمساعدته وفكّت عن الحبال وأخبرته أنّه إن توقّف عن الكذب وقام بالأعمال الصالحة فسوف يتحوّل لولد حقيقي، فرح بهذا الكلام فعاد إلى المنزل وقرّر أن يصبح ولداً صالحاً كي يتحوّل لولد حقيقي كما أوصته الجنية.
في طريق عودته إلى المنزل سمع بينوكو رجل على السفينة يصرخ وينادي على الأطفال، وكان هذا الرجل يعد الأطفال أن يذهب بهم إلى أرض الألعاب، فرح بينوكو وقرّر الذهاب مع هذا الرجل، عندما صعد السفينة تفاجأ ممّا وجد، فرأى هذا الرجل يقوم بتحويل الأطفال إلى حمير وهو يتمتم بكلمات غريبة؛ خاف وقرّر النزول من السفينة والعودة إلى المنزل.
لم يكن باستطاعة بينوكو النزول من السفينة؛ لأنّها كانت وسط البحر، وعندما نظر له الساحر شعر بالخوف فقفز بالبحر، وبدأ يسبح وسط الأمواج القوية، حتّى واجه حوت كبير وقام بابتلاعه، عندما دخل بطن هذا الحوت تفاجأ بوالده النجار ميلاد في بطن الحوت، فعندما سمع النجّار بما حدث لبينوكو قرّر النزول بقارب إلى البحر والبحث عنه، وعندما ذهب إلى البحر ابتلعه الحوت أيضاً.
عندما رأى بينوكو أن والده النجار ميلاد قد دخل في بطن الحوت شعر بالندم والحزن الشديدين؛ فهو السبب في ذلك؛ فقرّر أن يقوم بخطّة لإنقاذه وطلب من والده النجار ميلاد أن يمسك بالشمعة التي بيده ويمشي بها حتّى يصل إلى أنف الحوت، أشعل النجار ميلاد الشمعة وعندما وصل لأنف الحوت عطس بشدّة من دخان الشمعة حتّى قذف ما في بطنه، وخرج بينوكو ووالده من بطن الحوت، فركبا القارب وبدأ النجار ميلاد بالابتعاد عن الحوت بسرعة.
تعلّم بينوكو درساً وقرّر أن يصبح ولداً صالحاً، قدمت له الساحرة وقالت له أنّها كانت تراقبه من بعيد، وعلمت أنه أصبح ولداً صالحاً؛ لذلك أشارت إليه بعصاها السحرية وقامت بتحويله إلى ولد حقيقي، فرح والده النجار ميلاد بذلك وعاشا بسعادة غامرة.