قصة صحوة بلوندين في غابة الليلك والقطة بيمنون

اقرأ في هذا المقال


قصة صحوة بلوندين في غابة الليلك والقطة بيمنون أو (Blondine’s Awakening Beau-Minon) هي قصة خيالية من كتاب الحكايات الشعبية الفرنسية الطويلة، وكل قصة لها عدة فصول، للمؤلف، (Comtesse de Ségur)، نُشرت عام 1920، للناشر: شركة (Penn Publishing Company)

الشخصيّات:

  • القطة بيمنون.
  • بلوندين.
  • أنثى الأيل.

قصة صحوة بلوندين في غابة الليلك والقطة بيمنون :

عندما دخلت بلوندين الغابة بدأت في جمع فروع الليلك الأرجواني، ابتهجت برائحة بعطرهم، وعندما تجوّلت لاختيار المزيد منها، بدا لها أنّ تلك الأبعد كانت أكثر جمالًا، لذا أفرغت مئزرها وقبعتها اللذان كانا ممتلئين وملأتهما مرارًا وتكرارًا، وهكذا كانت بلوندين مشغولة بنشاط لمدة ساعة تقريبًا، ثمّ بدأت تعاني من الحر وتشعر بإرهاق شديد، وجدت فروع الليلك ثقيلة لتحملها واعتقدت أنّ الوقت قد حان للعودة إلى القصر.

نظرت حولها ورأت نفسها محاطة بالأرجوان، نادت لغورمانديت، لكن لم يرد أحد، قالت بلوندين: لقد تجوّلت أكثر مما كنت أنوي، سأعود على الفور، وعلى الرغم من أنني مرهق للغاية، سوف يسمعني غورمانديت وسيأتي بالتأكيد لمقابلتي، وسارت بلوندين بسرعة لبعض الوقت لكنّها لم تستطع العثور على حدود الغابة، نادت بقلق على غورمانديت لكنّه لم يرد، وفي النهاية أصبحت خائفة بشكل رهيب.

ثمّ قالت في نفسها: ماذا سيحدث لي، وحيدة في هذه الغابة الكبيرة؟ ما الذي سيفكر فيه أبي المسكين عندما لا أعود؟ و غورمانديت، كيف يجرؤ على العودة إلى القصر بدوني؟ سيتم توبيخه، وربما ضربه وكل هذا كان خطأي لأننّي تركت عربتي لجمع الليلك؟ وسأموت من الجوع والعطش في هذه الغابة إذا لم تأكلني الذئاب هذه الليلة، وسقطت بلوندين تبكي بمرارة على الأرض عند سفح شجرة كبيرة.

لقد بكت طويلاً، وأخيرًا بسبب إرهاقها الشديد وحزنها، وضعت رأسها الصغير على حزمة من الليلك، ونامت بسلام، نامت بلوندين بهدوء طوال الليل، ولم يأت أي وحش شرس ليزعج نومها، ولم تعاني من البرد واستيقظت في ساعة متأخرة من الصباح، فركت عينيها متفاجئة للغاية لرؤية نفسها محاطة بالأشجار، بدلاً من أن تكون في غرفتها الخاصة في القصر، وعلى سريرها الخاص.

وعندما نادت ممرضتها وكان الرد الوحيد هو المواء الناعم حولها، وعندما نظرت حولها مندهشة وخائفة تقريبًا، رأت عند قدميها قطة بيضاء رائعة تنظر إليها بلطف وتستمر في المواء، فقالت للقطة: آه!  كم أنت جميلة! وصرخت بلوندين وهي تضع يدها الصغيرة على الفراء الناعم الأبيض كالثلج: أنا سعيدة جدًا برؤيتك، أيتها القطة الجميلة، لأنك ستوصليني إلى منزلك، أنا بالفعل جائعة جدًا وليس لدي القوّة للمشي لمسافة أطول بدون طعام.

كانت بلوندين بالكاد تتفوه بهذه الكلمات، عندما قامت القطة البيضاء بالمواء مرة أخرى وأشارت بمخلبها الصغير إلى عبوة صغيرة ملقاة بالقرب منها، كانت ملفوفة بدقة في قماش أبيض ناعم، وعندما فتحت قطعة القماش ووجدتها تحتوي على خبز وزبدة وجدتها لذيذة، وأعطت قليلاً منها للقطة، وأكلت الباقي ببهجة، وعندما انتهت من أكل وجبتها البسيطة، انحنت بلوندين نحو رفيقتها الصغيرة.

وقالت، مداعبة لها: شكرًا، أيتها القطة الجميلة على الإفطار الذي قدمته لي، ثمّ قالت: الآن بالتأكيد والدي في حالة يأس بسبب غيابي؟  هزّت الهرة التي أطلقت عليها بلوندين اسم بومينون رأسها بحزن، فقالت بلوندين: آه! أنت تفهمني يا بومينون، أناشدك أن تشفقي علي وأن تقوديني إلى منزلي قبل أن أموت من الجوع والبرد والرعب في هذه الغابة الكبيرة.

نظرت بومينون إلى الأميرة بثبات وأصدرت علامة برأسها الأبيض الصغير الرشيق الذي بدا وكأنه يقول: أنا أفهمك، ثمّ نهضت وتقدمت بضع خطوات وتوقفت لترى ما إذا كانت بلوندين تتبعها، قالت بلوندين: أنا هنا يا بومينون، وأنا أتبعك بكل سرور، ولكن كيف يمكننا المرور عبر هذه الغابات الكثيفة؟ لا أرى أي طريق، لم تقدم بومينون أي رد ولكنّها انطلقت برفق في الغابة التي فتحت من تلقاء نفسها للسماح لـهما بالمرور، ثمّ أُغلقت على الفور.

مشت بلوندين لمدة نصف ساعة تقريبًا، أصبحت الغابة أوضح، وكان العشب أنعم والأزهار أكثر وفرة، ثمّ رأت العديد من الطيور الجميلة تغني وسناجب رشيقة ملتفة على طول أغصان الأشجار، كانت بلوندين التي لم يكن لديها شك في أنها على وشك مغادرة الغابة ورؤية والدها العزيز مرة أخرى، مفتونة بكل ما رأته، وأرادت أن تتوقف وتجمع الزهور البرية الجميلة، لكن القطة تقدمت بثبات وكانت تصدر المواء كلما خففت بلوندين من سرعتها.

وفي غضون ساعة تقريبًا، أدركت بلوندين قلعة أنيقة، قادتها القطة إليها، لم تكن بلوندين تعرف كيف تدخل، لم يكن هناك جرس وكانت البوابة مغلقة، اختفت القطة وأصبحت بلوندين بمفردها مرة أخرى، دخلت القطة من خلال ممر صغير، والذي بدا معروفاً بالنسبة لها وربما أعطت إشعارًا لشخص ما في القلعة حيث انفتحت البوابة دون أن تنادي بلوندين.

دخلت بلوندين ساحة القلعة، لكنّها لم تر أحدا حيث فُتح باب القلعة من تلقاء نفسه، ودخلت بلوندين الممر الذي كان من الرخام الأبيض النادر، وفُتحت جميع أبواب القلعة الآن مثل الأولى ومرّت الأميرة عبر مجموعة من الغرف الجميلة، أخيرًا، في الجزء الخلفي من صالون ساحر مؤثث باللونين الأزرق والذهبي، رأت أيلاً أبيض، ملقى على سرير من الأعشاب الجميلة والعطرة، وقفت بومينون بالقرب منه ،فاقتربت بلوندين منهما.

قالت انثى الأيل: على الرحب والسعة يا بلوندين، لقد توقعنا أنا وابنتي بومينون مجيئك منذ فترة طويلة، وعند هذه الكلمات، كانت بلوندين خائفةً جدًا، ثمّ قالت أنثى الأيل: تشجعي يا أميرة، أنت مع الأصدقاء، أعرف الملك والدك وأنا أحبه وأحبك أيضًا، قالت بلوندين: يا سيدتي، إذا كنت تعرفين الملك والدي، فأنا أدعو الله أن تأخذيني إليه، غيابي سيجعله بائسًا للغاية.

قالت انثى الأيل وهي تتنهد: عزيزتي بلوندين، ليس في قدرتي أن أوصلك إلى والدك، أنت بين يدي ساحر غابة ليلاك، أنا نفسي أخضع لقوته التي تفوق قوتي ولكن يمكنني إرسال أحلام ناعمة إلى والدك، مما يطمئنه على مصيرك ويعلمه أنك معي بأمان، قالت بلوندين في حزن: يا سيدتي! ألا أرى والدي الذي أحبه بحنان شديد مرة أخرى؟ والدي المسكين.

قالت أنثى الأيل: عزيزي بلوندين، لا تزعجي نفسك فيما يتعلق بالمستقبل، الحكمة يتم تعويضها دائمًا، ستري والدك مرة أخرى ولكن ليس الآن، في هذه الأثناء، كوني عاقلة واسمعي الكلام، وسنبذل أنا وبومينون كل ما في وسعنا لجعلك سعيدة، تنهدت بلوندين بشدة وأذرفت بضع دموع، ثمّ تساءلت في نفسها: هل هذا الحزن كان بمثابة مكافأة سيئة لكل خير فعلته؟

ثمّ قررت أن تتحكم في نفسها وأن تكون مبتهجة، أخذتها القطة لرؤية الغرفة التي أعدوها لها، كانت غرفة النوم معلقة بالحرير الوردي المطرز بالذهب، كان الأثاث مغطى بالمخمل الأبيض المشغول بالحرير ذو الألوان الأكثر إشراقًا، وتمّ تمثيل كل أنواع الحيوانات والطيور والفراشات في التطريز النادر، كانت الغرفة المجاورة لبلوندين صغيرة، كانت معلقة بستار باللون الأزرق السماوي، ومطرزة باللآلئ الجميلة.

كان الأثاث في الغرفة مغطى بطبقة من التموج الفضي ومزينة، وكان هناك صورتان رائعتان تمثلان امرأة شابة ورائعة وشاب وسيم وجذّاب بشكل لافت للنظر، كانت معلقة على الجدران، وكانت ملابسهم تدل على أنّهم كانوا من العرق الملكي، فقالت بلوندين: من هذه الصور يابومينون، فقالت القطة: أنا ممنوعة من الإجابة على هذا السؤال، ستعرفين فيما بعد، ولكن هذه هي ساعة العشاء، تعالي يا بلوندين لتأكلي.

اتبعت بلوندين القطة، ودخلن غرفة الطعام حيث رأت طاولة طعام بشكل غريب، وتمّ وضع وسادة ضخمة من الساتان الأسود على الأرض من أجل انثى الأيل، كان على المنضدة أمامها مزهرية مليئة بأشهى الأعشاب، طازجة ومغذية وبالقرب من هذه المزهرية كان هناك دلو ذهبي مليء بالمياه العذبة والشفافة، ومقابل الأيل، كان هناك مقعدًا صغيرًا للقطة بينما كان أمامها إناء صغير من الذهب، مليء بقليل من السمك المقلي.

في أحد الجوانب كان هناك وعاء من الكريستال الثمين مليء بالحليب الطازج، وبين القطة والأيل تمّ وضع مكان لبلوندين، كان كرسيها من العاج المنحوت المغطى بالمخمل  المرتبط بمسامير من الماس، وأمامها صحن ذهبي وأواني ذهبية مليئة بالحساء اللذيذ المصنوع من طيور صغيرة وثمار التين، وكانت زجاجة الماء من الكريستال الصخري المنحوت، تمّ وضع الكعك بجانبها، وكانت شوكتها وملعقتها من كان الذهب ومنديلها من الكتان أرق من أي شيء رأته في حياتها.

تمّ تقديم المائدة من قبل الغزلان التي كانت بارعة بشكل رائع، لقد انتظروا حتّى أنجزوا رغبات القطة وانثى الأيل، كان العشاء رائعًا، وكانت بلوندين جائعة لذلك أكلت كل شيء ووجدت كل شيء ممتاز، وبعد العشاء، قادت القطة وأنثى الايل الأميرة إلى الحديقة حيث وجدت هناك ألذ الفواكه، وبعد نزهة ساحرة، دخلت بلوندين القلعة مع أصدقائها الجدد، وكانت مرهقة للغاية.

ثمّ دخلت بلوندين غرفتها ووجدت غزالين ينتظران حضورها، وأخذوا عنها ملابسها، ووضعوها في السرير وجلسوا بجوار أريكتها ليراقبوها، وسرعان ما كانت بلوندين نائمة بسلام، ولكن ليس بدون أن تفكر أولاً في والدها وتبكي بمرارة بسبب انفصالها القاسي عنه.


شارك المقالة: