قصة الأحدب الصغير أو (The Little Hunchback) هي من الحكايات الشعبية من ترفيه الليالي العربية، و تم اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، وقد تم تبسيطها واختصارها، ممّا يجعلها أكثر ملاءمة للأطفال.
الشخصيات:
- الخياط وزوجته.
- الطبيب اليهودي.
- مورد الخليفة المسلم.
- التاجر المسيحي.
قصة الأحدب الصغير:
عاش في مملكة كاشغر التي تقع على حدود جريت تارتاري منذ فترة طويلة خياطًا وزوجته كانا يحبان بعضهما البعض كثيرًا، وذات يوم عندما كان الخياط يعمل بجد، جاء أحدب صغير وجلس عند مدخل المحل، وبدأ في الغناء والعزف على الدف، كان الخياط مستمتعًا بسلوك هذا الأحدب، وفكر بأخذه إلى المنزل لتناول العشاء، وبعد أن وافق الأحدب على عرضه أغلق الخياط متجره وانطلقوا معًا.
عندما وصلوا إلى المنزل وجدوا الطاولة جاهزة لتناول العشاء، وفي غضون دقائق قليلة كان الثلاثة جالسين أمام سمكة جميلة كانت زوجة الخياط قد طهتها بيديها، لكن لسوء الحظ، ابتلع الأحدب عظمة كبيرة وعلى الرغم من كل ما يمكن للخياط وزوجته القيام به لمساعدته، فقد مات في لحظتة اختناقًا، أسف الرجل وزوجته بشدة على موت الأحدب، كانا أيضًا خائفين للغاية من معاقبتهم، لأنّه إذا سمعت الشرطة عن ذلك، فإنّ الزوجين سيتعرضان لخطر الزج بهم في السجن بتهمة القتل العمد.
و من أجل منع هذه الكارثة المروعة، شرع كلاهما في اختراع خطة من شأنها أن تلقي بالشك على شخص آخر، وفي النهاية قررا أنّهما لا يمكنهما اختيار أفضل من الطبيب اليهودي الذي يعيش بالقرب منهما لإلصاق الجريمة به، فرفع الخياط رأس الأحدب بينما رفعت زوجته قدميه وحملاه به إلى بيت الطبيب، ثم طرقوا الباب الذي انفتح مباشرة على درج شديد الانحدار، وسرعان ما ظهرت خادمة واستفسرت عمّا يريدون.
قال الخياط: أخبري سيدك أنّنا أحضرنا رجلًا مريضًا جدًا ليعالجه وأضاف ممسكًا ببعض المال: أعطه هذا مقدمًا حتى لا يشعر بأنّه تضييع لوقته، فصعدت الخادمة على الدرج لإيصال الرسالة إلى الطبيب، وفي اللحظة التي غابت فيها عن الأنظار، حمل الخياط وزوجته الجثة خلفها بسرعة وساندته في أعلى الدرج، وركضوا إلى المنزل بأسرع ما يمكن أن تحملهم الأرجل.
كان الطبيب سعيدًا جدًا بالمريض لأنّه كان صغيرًا، ثمّ نادى على الخادمة وقال: خذي نورًا واتبعيني بأسرع ما يمكن! فخرج مسرعًا من غرفته وركض نحو السلم، وهناك سقط على جسد الأحدب، ثمّ دحرج إلى أسفل، وكاد أن يسحب الخادمة معه، بعد ذلك صرخ الطبيب: ضوء! ضوء! وعندما تم إحضاره ورأى ما فعله كان يقترب من الرعب.
صرخ الطبيب بأعلى صوته: آلهي، لماذا لم أنتظر النور؟ لقد قتلت الرجل المريض الذي أحضروه لي! لن يمر وقت طويل قبل أن أقتاد إلى السجن كقاتل، ورغم أنه كان مضطربًا، قام الطبيب بإغلاق باب المنزل خشية أن يتصادف بعض المارة رؤية ما حدث، ثم حمل الجثة ووضعها في غرفة زوجته، وكاد يقودها إلى الجنون من الخوف.
وعند رؤية هذا المشهد صرخت: انتهى أمرنا! إذا لم نتمكن من إيجاد وسيلة لإخراج الجثة من المنزل، فبمجرد شرروق الشمس ولم يعد بإمكاننا إخفاءها! ما الذي دفعك إلى ارتكاب مثل هذه الجريمة الفظيعة؟ أجاب الطبيب: بغض النظر عن ذلك، فالشيء هو إيجاد طريقة للخروج منه، ولفترة طويلة استمر الطبيب وزوجته في قلب أذهانهما بطريقة للهرب، لكنّهما لم يجدا أي شيء يبدو جيدًا بما فيه الكفاية.
في النهاية، تخلى الطبيب عن فكرة الهروب تمامًا واستسلم لتحمل عقوبة سوء حظه، لكن زوجته التي كانت لديها فكرة ذكية للغاية، صرخت فجأة: لقد فكرت في شيء! دعونا نحمل الجثة على سطح المنزل وننزلها أسفل مدخنة جارنا الآن ، كان هذا المسلم موظفًا لدى السلطان، وكان جزءًا من منزله مخصصًا بمخزن كبير مليء بالزيت والزبدة حيث كانت الجرذان والفئران تكثر هناك.
وافق الطبيب على خطة زوجته وأخذوا أحدبهم، ومرروا الحبال تحت إبطه، ثم تركوه ينزل برفق إلى غرفة نوم المورد حتى بدا وكأنّه يتكئ على الحائط، وعندما شعروا أنّه كان يلمس الأرض سحبوا الحبال وتركوه، ثمّ عادوا إلى منزلهم عندما دخل البائع غرفته الذي كان قد أمضى المساء في وليمة زفاف، وكان في يده مصباح، وعند دخوله في الضوء الخافت الذي ألقى به، اندهش من رؤية رجل يقف في مدخنته، لكن كونه كان شجاعًا أمسك بعصا ووجهه إلى اللّص المفترض.
ثمّ صرخ: آه! إذًا أنت وليس الجرذان والفئران من يسرق زبدتي، سأحرص على عدم عودتك إلى هنا، فضربه عدة ضربات قاسية حتى سقطت الجثة على الأرض، لكنّ الرجل ضاعف من ضرباته فقط حتى خطر له بشكل مطول أنّه كان من الغريب أن يستلقي اللص في مكانه ولا يقاوم، ثم بعد أن وجد أنّه ميت تمامًا، استحوذ عليه خوف شديد وقال: لقد قتلت رجلاً، يا الله لقد هلكت! اللعنة على الخيرات التي قادتني إلى القتل.
وعندما تجاوز الصدمة الأولى بدأ يفكر في طريقة ما للخروج من الصعوبة، وأمسك الأحدب بين ذراعيه وحمله إلى الشارع، ووضعه على جدار متجر منزله الخاص، وقبل شروق الشمس بدقائق قليلة، غادر تاجر مسيحي ثري كان يزود القصر بجميع أنواع الضروريات منزله بعد ليلة من الولائم، ليذهب إلى الحمام، وعلى الرغم من أنّه كان مخمورًا جدًا، إلّا أنّه كان يقظًا بما يكفي ليعرف أنّ الفجر قد اقترب، وأنّ جميع المسلمين الطيبين سيذهبون للصلاة قريبًا.
فأسرع في خطواته لئلا يلتقي بشخص ما في طريقه إلى المسجد فيدخله إلى السجن وهو سكير إذا رأى حالته، وفي عجلة من أمره تصارع مع الأحدب الذي سقط عليه بشدة ظنًا أنّه تعرض لهجوم من قبل لص، فأسقطه بضربة واحدة من قبضته، ثم طلب المساعدة بصوت عالٍ، وضرب الرجل الذي سقط طوال الوقت.
جاء رئيس شرطة الحي مسرعاً، ووجد مسيحياً يسيء معاملة مسلم، فسأله بسخط: ماذا تفعل؟ أجاب التاجر: لقد حاول أن يسرقني وكاد يخنقني، فقال الرئيس وهو يمسك بذراعه: حسنًا، لقد انتقمت، تعال معنا، وأثناء حديثه مد يده إلى الأحدب لمساعدته على النهوض، لكنّ الأحدب لم يتحرك أبدًا، فتابع رئيس الشرطة وهو ينظرعن كثب: هذه هي الطريقة التي يتعامل بها المسيحي مع المسلم! وأخذ التاجر إلى مفتش الشرطة الذي زج به في السجن حتى ينهض القاضي من الفراش ويكون جاهزًا للنظر في قضيته.
كل هذا جعل التاجر يستعيد صوابه، ولكن كلما فكر في الأمر كلما قل فهمه لكيفية موت الأحدب لمجرد الضربات التي تلقاها، وكان التاجر لا يزال يفكر في هذا الموضوع عندما تم استدعاؤه أمام قائد الشرطة واستجوابه بشأن جريمته التي لم يستطع إنكارها، ونظرًا لأنّ الأحدب كان أحد مهرجين السلطان الخاصين، قرر قائد الشرطة تأجيل عقوبة الإعدام حتى يستشير سيده.
ثمّ ذهب إلى القصر ليطلب المشورة، وروى قصته للسلطان الذي أجاب فقط: لا يوجد عفو لرجل يقتل، قم بواجبك لذلك أمر رئيس الشرطة بنصب المشنقة، وأرسل مناديين ليعلنوا في كل شارع في المدينة أنه سيتم شنق مسيحي في ذلك اليوم لقتله مسلمًا، وعندما أصبح كل شيء جاهزًا، تم إحضار التاجر من السجن وقادوه إلى أسفل المشنقة، وعقد الجلاد الحبل بإحكام حول رقبة الرجل البائس وكان على وشك أن يطرحه في الهواء، عندما اندفع ممول السلطان عبر الحشد وصرخ وهو يلهث إلى الجلاد: توقف، لا تكن في عجلة من أمرك.
ثمّ قال: لم يكن هو من ارتكب جريمة القتل بل أنا، فطرح رئيس الشرطة الذي كان حاضرًا ليرى أن كل شيء على ما يرام عدّة أسئلة على البائع الذي أخبره القصة الكاملة لموت الأحدب، وكيف حمل الجثة إلى المكان الذي كانت فيه حيث وجدها التاجر المسيحي.
ثمّ قال لقائد الشرطة: أنت ذاهب لقتل رجل بريء، لأنه من المستحيل أن يقتل مخلوقًا مات بالفعل، إنّه لأمر سيء بالنسبة لي أن أقتل مسلمًا دون أن يكون على ضميري أن يتألم، وعندما سمعه كل الحشد، لم يكن بإمكان رئيس الشرطة الهروب من تحرير التاجر، ثمّ فك الحبال من عنق المسيحي، وأمر مستديرًا إلى الجلاد بشنق هذا الرجل في مكانه، إذ أنّه باعترافه هو القاتل.
لقد فعل الجلاد ما طلبه وكان يربط الحبل بإحكام، عندما أوقفه صوت الطبيب اليهودي يتوسل إليه أن يتوقف، لأنّه كان لديه شيء مهم جدًا ليقوله، ولمّا شق طريقه وسط الحشد ووصل إلى قائد الشرطة قال: سيدي، هذا المسلم الذي ترغب في شنقه لا يستحق الموت، أنا وحدي مذنب، في الليلة الماضية طرق بابي رجل وامرأة كانا غريبين عني، وأحضروا معهم مريضًا للعلاج.
وعندما فتحت الخادمة، ولأنّه لم يكن لديها ضوء كانت بالكاد قادرة على تمييز وجوههم، على الرّغم من أنّها وافقت بسهولة على إيقاظي، وبينما كانت تحكي لي قصتها، يبدو أنهم حملوا الرجل المريض إلى أعلى الدرج ثم تركوه هناك. فقفزت على عجل دون انتظار فانوس، وفي الظلام سقطت على شيء ما، وهبطت على رأس السلم ولم أتوقف حتى وصلت إلى القاع.
وعندما فحصت الجثة وجدت أنّها ميتة تمامًا، وكانت الجثة للأحدب موسلمان، وكنا مرعوبين ممّا فعلناه، ثمّ أخذنا أنا وزوجتي الجثة على السطح وأنزلناها في مدخنة جارنا المورِّد الذي كنت على وشك شنقه، فوجده المورِّد في مكانه في الغرفة حيث كان يعتقد بشكل طبيعي أنّه كان لصًا، وضربه هذه الضربة التي سقط فيها الرجل واستلقى بلا حراك على الأرض.
وعندما انحنى لفحصه ووجده ميتًا، فافترض البائع أن الرجل قد مات من الضربة التي تلقاها، لكن بالطبع كان هذا خطأ كما سترون، وأنا فقط القاتل، وعلى الرغم من أنني بريء من أي رغبة في ارتكاب جريمة، إلّا أنّني يجب أن أعاني من أجلها على الرغم من ذلك، وإلّا فإنّ دم اثنين مسلمين في ضميري لذلك ابعدوا عنكم هذا الرجل ودعوني آخذ مكانه، فأنا مذنب.
عند سماع تصريح الطبيب اليهودي، أمر رئيس الشرطة بضرورة اقتياده إلى حبل المشنقة، وإطلاق سراح مزود السلطان، وتم وضع الحبل حول رقبة اليهودي، وكانت قدميه قد توقفت بالفعل عن لمس الأرض عندما سمع صوت الخياط يتوسل إلى الجلاد أن يتوقف للحظة وأن يستمع إلى ما سيقوله
ثمّ قال: يا مولاي، متجهًا إلى قائد الشرطة كيف كدت أن تسببت في مقتل ثلاثة أبرياء! لكن إذا كان لديك الصبر فقط للاستماع إلى قصتي، فستعرف من هو الجاني الحقيقي، بالأمس كنت أعمل في متجري عندما جاء الأحدب الصغير الذي جلس في المدخل وغنى لي عدة أغاني، ثم دعوته لإنهاء المساء في منزل، وقبل دعوتي وذهبنا معًا.
في العشاء ساعدته في الحصول على شريحة من السمك، ولكن بأكله كان هناك عظم عالق في حلقه، وعلى الرغم من كل ما يمكننا فعله فقد مات في غضون دقائق قليلة، وشعرنا بأسف عميق لوفاته، لكن خوفًا من تحميلنا المسؤولية، حملنا الجثة إلى منزل الطبيب اليهودي، وطرقت الباب وطلبت من الخادمة أن تتوسل إلى سيدها أن ينزل بأسرع ما يمكن ويرى رجلاً مريضًا أحضرناه إليه ليعالج.
وعندما ذهبت الخادمة لمناداة الطبيب، قمت بسحب الجثة إلى أعلى الدرج، ثم أسرعت بعيدًا مع زوجتي إلى منزلنا أثناء نزوله الدرج حيث وقع الطبيب فوقه بطريق الخطأ، ووجده ميتًا لذلك يعتقد أنّه هو القاتل، لكنّك الآن تعلم أنّ الحقيقة، أطلقه ودعني أموت عوضا عنه، فذهل قائد الشرطة وحشد المتفرجين من الأحداث الغريبة التي تسبب فيها موت الأحدب.
فقال للجلاد: أترك الطبيب اليهودي، وقيد الخياط عوضًا عنه، لأنّه اعترف بجريمته، ولا يمكن لأحد أن ينكر أنّ هذه قصة فريدة جدًا، فقام الجلاد بسرعة بفك العُقََد التي كانت تقيد الطبيب، وكان يمرر الحبل حول عنق الخياط، في تلك الأثناء حدث أنّ سلطان كاشغر الذي افتقد مهرجه، كان يبحث عنه واستفسر من جنوده عمّا حلّ به.
فقال الحارس له : مولاي، بعد أن أكثر الأحدب من الشرب، هرب من القصر وشوهد وهو يتجول في البلدة حيث عثر عليه صباح اليوم ميتًا، وعندما كانوا سيشنقون قاتله وصل رجل أولاً، ثم وصل آخر، كل واحد يتهم نفسه بالقتل، واستمر هذا الأمر لفترة طويلة، وفي الوقت الحاضر قائد الشرطة متورط في استجواب رجل يقول أنّه هو وحده القاتل الحقيقي.
لم يكد سلطان كاشغر يسمع هذه الكلمات، أمر حارسه للذهاب إلى رئيس الشرطة وإحضار جميع الأشخاص المعنيين بوفاة الأحدب مع الجثة التي كان يرغب في رؤيتها مرة أخرى، فأسرع قائد الشرطة وأعطاه رسالة السلطان، وبناءً على ذلك، انطلق قائد الشرطة على الفور إلى القصر، آخذًا معه الخياط، والطبيب، والمزود، والتاجر الذين حملوا الأحدبة الميت على أكتافهم.
وعندما وصل الموكب إلى القصر، نزل رئيس الشرطة عند قدمي السلطان، وروى كل ما يعرفه عن الأمر، لقد صُدم السلطان كثيرًا بالظروف لدرجة أنّه أمر مؤرخه الخاص بكتابة سرد دقيق لما مضى حتى لا يُنسى في السنوات القادمة الهروب للرجال الأربعة الذين اعتقدوا أنّهم قتلة.