كل شخص لديه عيب من العيوب، وبرضانا وإدراكنا لهذه العيوب تصبح وكأنّها ليست موجودة، فعلى كل شخص أن يتقبّل شكله وصفاته، هذا ما حدث مع الأمير ذو الأنف الكبير الذي كان أنفه لعنة عليه من الساحر، وكان من غير الممكن أن يحكم البلاد بهذه الأنف، ولكنّه عندما تعرّض لموقف وأدرك هذا العيب ورضي به، أصبح وكأنّه ليس موجوداً؛ وبذلك صار حاكم البلاد، تابع المزيد من القراءة عزيزي القارئ.
قصة عيب الأمير
في إحدى القصور الكبيرة تعيش الأميرة الجميلة حسناء؛ كان لدى تلك الأميرة الكثير من الخدم من حولها، هؤلاء الخدم دائماً على استعداد تنفيذ كل ما تطلبه منهم، كانت حياة الأميرة حسناء على ما يرام ما عدا الشيء الوحيد الذي يعكّر صفو حياتها، وهذا الشيء هو حب الساحر الشرير لها.
كان هذا الساحر الشرير يحب هذه الأميرة وينوي الزواج بها، ولشدّة حبّه لها قام بالتحوّل لشكل قط لونه أسود، وكان يلاحق الأميرة في كل مكان، وكانت تلك اللعنة تلاحق الأميرة حسناء حتى في غرفتها الخاصّة، ولم يكن هنالك أي سبيل للتخلّص من هذه اللعنة سوى حل وحيد، وهو أن يقوم أمير من الأمراء بالدوس على ذيل القطة، وفي تلك اللحظة ستختفي اللعنة.
في مكان ما سمع أمير جميل الشكل عن قصة هذه الأميرة، ونوى أن يقوم بتحريرها من هذه اللعنة، ونوى أن يدوس على ذيل القطة السوداء أثناء نومها وخطّط لهذا الأمر، وبالفعل انتظر هذا الأمير حتى ذهب القط الأسود في نومه، وأسرع وداس على ذيله، وعاد فجأةً إلى شكل الساحر ونظر له وقال: لماذا فعلت هذا أيّها الأمير؟ قال له الأمير: أنا أريد تحرير الأميرة من شرّك.
نظر له الساحر وقال: وأنا سوف أقوم بمعاقبتك، وسأقوم بلعن الابن الأول الذي ستلده إن تزوجت هذه الأميرة، وسأجعله يعيش بأنف كبير، وعندما يكبر فلن يحكم المدينة سوى أمير بلا عيب، فرحت الأميرة حسناء من تحريرها من هذه اللعنة، وتزوّج الأمير هذه الأميرة وصارت ملكة البلاد، وعاشا حياة سعيدة، وبعد مدّة من الوقت رزقا بمولود ذكر، وولد بأنف كبير كما أخبره الساحر الشرير.
لكن فرحة الملكة لم تكتمل؛ وهذا بسبب حادث تعرّضت له في السفينة التي غرقت في البحر وماتت، وكان الأمير الصغير هو وريث الملكة الوحيد، لاحظ الوزراء هذا الأمر وحاولوا إيجاد حل لهذا الأمر؛ حتى لا يتعرّض الأمير للسخرية من أي أحد، فأمروا الخدم بإزالة كل صور الأمير الصغير، حتى أنّهم صاروا يذكرون في المدارس أهم المحاربين ويصفون أنوفهم بالأنوف الكبيرة.
هذا الأمر جعل الأمير الصغير يفتخر بأنفه الكبير، وحان الوقت ليتزوّج الأمير الصغير حتى يصبح هو ملك البلاد، طلب منه الوزير الزواج من ابنة الملك للبلاد المجاورة، فذهب الوزير لخطبة ابنة الملك الجميلة للأمير الصغير، ولم يذكر شيئاً أمام الملك عن أنف الأمير الكبير.
ولكن في ذلك الوقت حدث شيء مؤسف؛ حيث تم اختطاف هذه الأميرة التي سيتزوّجها الأمير؛ فذهب الأمير وقرّر البحث عنها، وبينما هو يسير في الصحراء إذ ضاع من رجاله بسبب العاصفة الرملية، وصار الأمير يسير لوحده حتى تاه ووصل إلى إحدى المنازل.
كان يعيش في هذا المنزل سيدة لوحدها، وعندما طلب منها الأمير الطعام والشراب، نظرت لأنفه وأبدت استعجابها منه، ولكن الأمير ذهل؛ لأنّه كان يعتبر أنّ هذا الأنف هو سبب فخره، وبدأت هذه السيدة التي كانت تتنكّر بزي الملكة تحكي للأمير الصغير عن قصة القط الأسود، فغضب الأمير وقال لها: كفّي عن ذكر أنفي؛ فلديك أنف صغير وقبيح.
ولكن الأمير عندما أكمل طريقه للبحث عن أميرته التي ستزوّجها وجدها وقام بتحريرها، وعندما رأته الأمير أخبرته عن أنفه الضخم وأعطته مرآة ليراه، وعندما رأى أنفه قال في نفسه: لماذا لم أنتبه لأنفي، إنّه حقّاً أنف ضخم.
نظرت الأميرة للأمير ذو الأنف الكبير وقالت له: لا عليك أيّها الأمير؛ فأنت الآن أدركت ما هو عيبك الوحيد، وأنت الآن أصبحت بلا عيب ويمكنك أن تتزوّجني وتحكم البلاد، فكلّنا لدينا عيوب كثيرة، ولكن بمجرّد إدراكنا ومعرفتنا لهذه العيوب تختفي تماماً، فرح الأمير بهذه الكلمات وتزوّج الأميرة وحكم البلاد، وتخلّص بذلك من لعنة الساحر الشرير.