قصة قبر نوشيروان أو (The Tomb of Noosheerwân) هي حكاية من الحكايات الشعبية الشرقية للمؤلف تشارلز جون تيبيتس، تم نشرها عام 1889.
الشخصيات:
- هارون الرشيد.
- نوشيروان.
- الوزير حسين بن سهيل.
قصة قبر نوشيروان:
ذهب الخليفة هارون الرشيد لزيارة قبر نوشيروان الشهير، أشهر الملوك الذين حكموا بلاد فارس على الإطلاق وكان قبل القبر ستارة من القماش الذهبي وعندما لمسها هارون تحطمت وسقطت من محلها، وكانت جدران القبر مغطاة بالذهب والمجوهرات التي أضاءت رونقها ظلامه، كان قد وُضِع الجسد في وضعية جلوس على عرش ممتلئ بالجواهر، وكان له مظهر الحياة لدرجة أن أمير المؤمنين، عند أول نظرة، انحنى على الأرض وحيا بقايا نوشيرون العادل.
على الرغم من أن وجه الملك الراحل كان مثل وجه رجل حي، والجسد كله في حالة حفظ، مما أظهر المهارة الرائعة لأولئك الذين حنطوه، إلا أنه عندما لمس الخليفة الثياب تحولت إلى تراب، لذلك أخذ هارون ثيابه الغنية وألقى بها على الجثة، كما علق ستارة جديدة أبهى وأجمل من تلك التي دمرها، وعطر القبر كله بالكافور وبرائحة حلوة أخرى.
لاحظ هارون الرشيد أنه لم يكن هناك أي تغيير محسوس في جسد نوشيرون، باستثناء أن الأذنين أصبحت بيضاء، المشهد كله أثر على الخليفة بشكل كبير حيث انفجر بالبكاء، وتذكر ما ورد من القرآن من بلاء للجسد وفناء للعظماء بعد الموت وهو أن ما رآه هو تحذير لمن لهم عيون ويبصرون بحال الجسد بعد فنائه، لاحظ الخليفة بعض الكتابة على العرش، وأمر الكهنة الذين تعلموا بلغة البهلوية، بقراءتها وشرحها، ففعلوا ذلك.
كانت الكتابة كالتالي: هذا العالم لا يزال، والرجل الذي يظن أنه زائل منه هو الحكيم، استمتع بهذا العالم قبل أن تصبح فريسة له، امنح نفس النعمة لمن هم تحتك كما تحب أن تنالها ممن فوقك، إذا غلبت العالم كله، فإنّ الموت سيهزمك أخيرًا، احذر من أنك لست مخدوع بثروتك، يُدفع لك بالضبط مقابل ما فعلت لا أكثر ولا أقل.
ثمّ لاحظ الخليفة خاتمًا داكنًا من الياقوت على اصبع نوشيروان، كتب عليه: تجنب القسوة، وادرس جيدًا ولا تتسرع أبدًا في العمل، إذا كان يجب أن تعيش مائة عام، فلا تنس الموت أبدًا للحظة واحدة، قيمة مجتمع الحكماء فوق كل شيء، وكان حول الذراع اليمنى لنوشيرون مشبك من الذهب محفور عليه: في سنة معينة، في اليوم العاشر من الشهر يزور قبر إردبهشت، خليفة من عرق أو دين يعلن إيمانه بمحمد، برفقة أربعة رجال صالحين وشرير واحد.
أسفل هذه الجملة كانت أسماء أجداد الخليفة حيث أُضيفت جملة أخرى بخصوص قدوم هارون إلى قبر نوشيروان، كما كتب: هذا الأمير يكرّمني ويفعل بي الخير، وسوف يلبسني سترة جديدة، ويرش قبري برائحة حلوة، ثم يغادر إلى منزله، ولكن الرجل الشرير الذي يرافقه يغدرني، أدعو الله أن يرسل واحدًا من عرقي ليرفع نعمة الخليفة العظيمة، وينتقم من رفيقه الذي لا يستحق.
كما كُتب: يوجد تحت عرشي نقش يجب على الخليفة أن يقرأه ويتأمله، محتوياته ستذكره بي، وتجعله يعفو عن عدم قدرتي على إعطائه المزيد، وعند سماع ذلك، وضع الخليفة يده تحت العرش فوجد النقش المؤلف من بعض الأسطر، محفورًا على ياقوتة بحجم كف اليد، ثمّ قرأ الكهنة هذا أيضًا، احتوت على معلومات حيث يمكن العثور على كنز مخفي من الذهب والأسلحة مع بعض الصناديق من المجوهرات الغنية.
تحت هذا كتب: هذه أعطيها للخليفة مقابل ما صنع لي من خير، دعوه يأخذهم ويكون سعيدًا، وعندما كان هارون الرشيد على وشك مغادرة القبر، قال له حسين بن سهيل وزيره: يا أمير المؤمنين ما فائدة كل هذه الأحجار الكريمة التي تزين بيت الموتى، ولا تفيد الأحياء؟ اسمح لي بأخذ بعضها، فأجاب الخليفة بغضب: هذه الرغبة أحق أن تكون لدى لص من أن تكون لدى رجل عظيم أو حكيم، فخجل حسين من كلامه، وقال للخادم الذي كان عند مدخل القبر: اذهب أنت، واعبد الضريح المقدس في الداخل.
دخل الرجل القبر، كان عمره فوق المائة عام، لكنه لم ير مثل هذا الكم الهائل من الثروة حيث شعر برغبة في نهب بعضها، لكنه خاف في البداية، وأخيرًا، استجمع كل شجاعته وأخذ خاتمًا من إصبع نوشيروان وخرج، رأى هارون هذا الرجل يخرج وراقبه منزعجًا فقد خمن على الفور ما كان يفعله.
قال مخاطبًا من حوله: ألا ترون الآن مدى معرفة نوشيرون؟ تنبأ أنه معي رجل واحد لا يستحق أن يكون معنا إنه هذا الرفيق، ونظر إليه بنظرة غاضبة وقال بنبرة غاضبة: ماذا اخذت؟ قال الرجل: لا شيء، قال الخليفة: فتشوه، ثمّ تم ذلك، وعُثر على خاتم نوشيرون، فأخذه الخليفة على الفور، ودخل القبر ووضعه بإصبع بارد للملك المتوفى، وعندما عاد، سمع صوت رهيب مثل صوت الرعد العالي.
نزل هارون من الجبل الذي يقف عليه القبر، وأمر بجعل بإغلاق الطريق تجاه القبر، وفتّش وعثر في الموضع الموصوف على الذهب والأذرع والمجوهرات التي ورثها إياه نوشيروان وأرسلها إلى بغداد، ومن بين القطع الغنية التي تم العثور عليها تاج ذهبي، له خمسة جوانب ومزخرف بأحجار كريمة، تمت كتابة عدد من الدروس الرائعة على كل جانب.
وكان أبرز ما كتب على هذه الرؤوس: الجانب الأول، قدم تحياتي لأولئك الذين يعرفون أنفسهم، وضع في اعتبارك النهاية قبل أن تبدأ، وقبل أن تتقدم قدم مكانًا للتراجع، ولا تعطِ أي ألم لا داعي له، بل ادرس سعادة الجميع، ولا تؤسس كرامتك على قدرتك على إيذاء الآخرين.
وفي الجانب الثاني: استشر قبل أن تبدأ في أي إجراء، ولا تثق أبدًا في تنفيذه لغير الخبرة، ولاتضحي بأملاكك من أجل حياتك وحياتك من أجل دينك، واقض وقتك في إنشاء اسم جيد، وإذا كنت ترغب في الثروة، فتعلم القناعة، وفي الجانب الثالث: لا تحزنوا على ما هو مكسور أو مسروق أو محروق أو ضائع، ولا تصدر أوامر في منزل رجل آخر ؛ وتعوّد نفسك على أكل خبزك على مائدتك، ولا تجعل نفسك أسير النساء.
الجانب الرابع: لا تأخذ زوجة من عائلة سيئة ولا تجلس مع من لا يخجل، ابعد نفسك عن أولئك الذين لا يقهرون في العادات السيئة، ولا تصاحب ذلك الرجل الذي لا يتأثر بالطيبة، ولا تطمع في خيرات الآخرين، واحرس العبث مع الملوك، لأنهم مثل النار التي تشتعل ولكنها مهلكة، وكن واعيا لقيمتك الخاصة و تقدير قيمة الآخرين بشكل عادل، ولا تحارب من هم فوقك في الحظ.
وعلى الجانب الخامس كان قد كُتب: لتخف من الملوك والنساء والشعراء ولا تحسد أحدًا ولا تتعود على البحث عن أخطاء الآخرين، اجعلها عادة أن تكون سعيدًا وتجنب الانزعاج، وإلا ستمر حياتك في بؤس، احرص على احترام وحماية الإناث من عائلتك ولا تكن عبداً للغضب، وفي مسابقاتك اترك باب المصالحة مفتوحًا ولا تدع نفقاتك تتجاوز دخلك أبدًا، وازرع شجرة صغيرة أولا يمكنك أن تتوقع قطع شجرة قديمة.
لا تمد ساقيك بما لا يتجاوز حجم سجادتك، كان الخليفة هارون الرشيد بقراءة هذه الحكم أكثر سعادة من جميع الكنوز التي وجدها، وقال: اكتب هذه الوصايا في كتاب ليأكل المؤمنون من ثمر الحكمة، وعندما عاد إلى بغداد، تحدث عن وزيره المفضل جافيير بيرمكي، وكبار ضباطه الآخرين، كل ذلك مر وانتهى، وظل عار حسين بن سهيل الذي أوصى بنهب قبر نوشيروان، والعقاب النموذجي للخادم الذي ارتكب الفعل التدنسي لأخذ الخاتم من إصبع الملك الراحل.