يُعد قصر كيو من أهم وأبرز المعالم التاريخية التي تمتاز بمكانة كبيرة بين الناس، إذ كان يعكس طبيعة الحياة الشخصية والاجتماعية التي كان يعيشها الملوك والملكات في مملكة بريطانيا العظمى خلال القرن الثامن عشر، فقد كان هذا القصر الصغير من الداخل يطغى على تصميمه أسلوب البساطة والرقي.
نبذة عن قصر كيو
لقد كان قصر كيو من أصغر القصور الملكية من حيث المساحة، فعند التفكير في بناءه كان يريد أفراد العائلة المالكة بناء قصر حديث وعصري وعلى أحدث طراز وتصميم؛ وذلك حتى يتم استقبال كافة الشخصيات التي تعمل في مجال التجارة والتي كانت تمر بهذا القصر أثناء توجهها من مدينة لندن إلى ما يعرف باسم طريق الحرير في ذلك الوقت، وقد كانوا هؤلاء التجار يتمتعون بثراء وغنى كبير.
عند إتمام بناء القصر حاز على إعجاب الملك جورج الثاني وعقيلته الملكة كارولين، فقد كان بناءه صغير ولطيف، وقد رأوا أنه المكان المناسب لتربية عائلتهم الصغيرة في ذلك الوقت، لكن على مرّ العصور أقامت به العديد من الأجيال المتتالية مثل الملكين الجورجيين وأقضوا به كامل حياتهم، وقد كان القصر صغير الحجم مما جعل كل من يقيم به يتخذ مكان قريب منه يعرف باسم نُزل ريتشموند لتغير جوهم وقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وقد كان القصر بمثابة مكان لقضاء فترة نقاهة واسترخاء بعيداً عن صخب الحياة المليئة بالضجر في الخارج.
كان قصر كيو قد بني في العصر القديم، وقد كان يُعد من أقدم القصور التي بنيت، وقد كان محاط بمجموعة كبيرة من الحدائق، فهو كان أول مكان يُفكر به لقضاء العطلة الصيفية لكل من الملك جورج الثاني وجورج الثالث في بداية القرن الثامن عشر، فقد كانت يحتل القصر مكانة عريقة وكان تصميم البناء مذهل لكل من يشاهده، وقد تم بناءه سنة 1631م.
كما كان القصر المكان المخصص الذي يقضي فيه التاجر الثري صموئيل فورتري فترة راحته أثناء طريقة في السفر باتجاه طريق الحرير، وأول ما تم بناء القصر كان يُطلق عليه اسم البيت الهولندي العظيم، ولكن بعد فترة من الوقت كان الملك جورج الثالث يتلقى تعليمه في ذلك القصر خلال أبرز الفترات التي كانت مؤثرة وعميقة في عصره، ومنذ تلك اللحظة بدأت تنطلق الأفكار المبدعة والمتحضرة في مجال العلوم والفن والصناعة حتل وصل بهم الأمر إلى مزيد من التقدم والازدهار.
من ميزات الملك جورج الثالث أن كان يحب الحياة التي تتميز بالبساطة لا الحياة المليئة بالصخب، وهذا ما كان يدفعه في كل فصل صيف إلى أخذ زوجته التي كانت تعرف باسم الملكة شارلوت وأطفاله والمكوث في قصر كيو، وقد كان القصر في ذلك الوقت عبارة عن بيت واحد فقط مشرق، فقد كان يطل على واحدة من أجمل الغابات في مدينة لندن، والتي كانت تعرف باسم غابات بلوبيل.
وقد كان يرجع عمرها إلى ما يقارب 300 سنة، ومن الجهة المقابلة كان البيت يطل على مكان ريفي يمتاز بجماليته ويعيش فيه زوجين من بعض أنواع الحيوانات الأليفة والفريدة مثل وجود جوز من الكوغا وهي أحد أنواع الحيوانات المنقرضة كما كان يضم أول كنغر قد دخل إلى المملكة المتحدة، ومع مرور الوقت تم شراء تلك الجهتين وضمهم إلى محيط القصر في سنة 1898م، ومن هنا بدأت فتحه أمام العديد من الجماهير.
قصة قصر كيو
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في العشرينيات من القرن الثامن عشر، عندما توجهت العائلة المالكة المكونة من الملك جورج الثاني وزوجته الملكة كارولين بصحبة أطفالهم وسكنوا في القصر، حيث قاموا باستئجار بعض من الأماكن المحيطة التي في الجوانب القريبة من قصر كيو، فقد اعتقدوا أن هذا القصر هو المكان الذي يمكن أن يقضوا به حياتهم، ويحصلوا على حياة طبيعية بعيدة عن زخم الحفلات والرسميات، تمت زراعة الحدائق وأصبحت جميلة وممتعة والمكان الأنسب للاسترخاء، ولكن بعد ذلك أصبح هذا القصر هو الملجأ الوحيد للملك جورج الثالث حين تمت إصابته بمرض عقلي وقد اعتقد أنه قد أصيب بالجنون.
في بداية الأمر كان يعتبر قصر كيو أنه مصدر للنقاهة في العطلة الصيفية والاستمتاع بالحياة الأسرية للملك، إلا أنه فيما بعد تحول إلى مكان ينفى إليه الملك بعد مرضه العقلي، إذ تم تقييد الملك بالالتزام بالقصر أثناء تعرضه لإحدى النوبات العقلية الحادة وقد كانت أول نوبة له، وقد تم وضعه في هذا القصر ليبقى بعيد عن عيون المجتمع، حتى يرقد بسلام وعزلة عن المجتمع الصاخب داخل قصر كيو، سعت مجموعة كبيرة من الأطباء بشكل كبير للوصول إلى علاج له، ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل.
لكن في المحاولة الأخيرة اقترحوا علاج الملك عن طريق إعطاءه مقيئات وملينات قوية ثم يتم وضعه بعد ذلك في حمامات شديدة البرودة إلى حد الجليد، كما عزموا على ارتدائه ملابس ضيقة خوفاً من معارضته لذلك العلاج، وبالفعل نجحت تلك المحاولة وشفي من ذلك المرض بعد فترة من الوقت، لكن بعد فترة بسيطة أصبحت تظهر عليه بعض الانتكاسات، وقد كان ذلك قبل أن يصل إلى حالة تدهور حادة، وعلى أثر تلك الانتكاسات التي يتم علاجها تم سحب الوصاية منه، ومن هنا بدأت زيارات العائلة المالكة لقصر كيو تقل يوماً عن يوم.
وطيلة فترة الزواج بين الملك جورج الثالث والملكة شارلوت أنجبوا 15 طفلاً في فترة زواجهما الطويل، ومن هنا بدأ التفكير في زواج الأبناء للحصول على وريث للعائلة المالكة، وبينما كانت فترة الحكم تدخل في أزمة كبيرة في أمر الوصاية وتسليم الحكم اقترح أن يقوم كل من أبناء الملك بالزواج، وبالفعل توجه أحدهم إلى دولة ألمانيا وحصل على مواصفات الزوجات المطلوبة وقد كانت تدعى أديليدي وعروس أخرى تدعى فكتوريا.
وأقيم حفل الزفاف المشترك في قصر كيو، ومن هنا بدأ السباق والصراع على إنجاب وريث للعائلة في أقرب وقت، وفي تلك الأثناء أصيبت الملكة شارلوت بمرض وأصبحت حالتها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، مما جعلها ترقد بشكل دائم في قصر كيو، ولم تلبث طويلاً فسرعان ما توفت.
وبعد فترة وجيزة كان الأمير الذي يدعى إدوارد وزوجته قد سبقهم الدوق كينت ودوقته فيكتوريا في إنجاب الوريث، وقد أنجبوا طفلة كان قد ولدت بعد تسعة أشهر من حفل الزفاف، وقد كانت هذه الابنة هي الوريثة الوحيدة الشرعية والتي سوف تحكم العرش وقد أطلق عليها اسم ألكسندرينا فيكتوريا، وقد كانت هذه الطفلة الصغيرة هي التي سوف تكبر وتصبح الملكة فيكتوريا، وتعد الملكة فيكتوريا هي جدة الملكة إليزابيث الثانية، وقد أقامت الملكة إليزابيت حفل في عيد ميلادها الثمانين في سنة 2006 من خلال مأدبة عشاء تقتصر على العائلة في قصر كيو.