قصة قصيدة أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت
أمّا عن مناسبة قصيدة “أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت” فيروى بأنه في يوم وصل خبر مقتل مروان على يد عامر بن إسماعيل وبأن عامرًا عندما قطع له رأسه دخل إلى بيته وأكل من طعامه، وجلس على فراشه، واحتوى على أمره، وحكم في مملكته، فقالت له ابنة مروان: يا عامر، إن الذي أنزل أبي عن عرشه، وأجلسك مكانه، فأكلت من طعامه، وأخذت ما كان له، وحكمت مكانه، لقادر على أن يغير ما أصابك من نعمة.
وعندما وصل خبر ما فعل عامر وما قالت ابنة مروان إلى أبي العباس السفاح، غضب غضبًا شديدًا، وبعث إليه بكتاب، كتب له فيه: الويل لك يا عامر، ألم تأخذ من آداب الإسلام ما يمنعك عن أن تجلس على فراش الرجل، وتأكل من طعامه، وتتمكن من حكمه، أما والله لولا أن الخليفة قد فسر ما فعلت على غير اعتقاد منك لذلك، ولا أملًا لأن يكتم غضبه ما يكون لك رادعًا، ولغيرك واعظًا، فإن وصلك رسولي، وقرأت كتابي، فعد إلى الله وتقرب منه من خلال التصدق على المحتاجين، وبذلك تطفئ غضبه عليك، وصلي له لعله يتوب عليك، وصم ثلاثة أيام، ومر من معك من رجال أن يفعلوا كما فعلت.
وعندما أحضروا رأس مروان إلى السفاح ووضعوها بين يديه، نزل إلى الأرض وسجد سجدة طويلة، ثم رفع رأسه عن الأرض، وقال لمن كان حاضرًا: الحمد لله الذي أظفرني بك، وأظهرني عليك، ولم يتركني من دون الثأر منك، ثم قال: والله إني لا أبالي متى يأتيني الموت، فوالله إني قتلت من بني أمية مائتين مقابل الحسين وبني أبيه، وقتلت مروان لأنه قتل أخي إبراهيم، وأحرقت لحم هشام بابن عمي زيد بن علي، ثم أنشد قائلًا:
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم
ولا دماؤهم للغيظ ترويني
ثم وَجّهَ وجهه صوب القبلة، وسجد، وأطال السجود، ثم جلس، وأنشد أبياتًا للعباس بن عبد المطلب، قائلًا:
أبى قومنا أن ينصفونا، فأنصفت
قواطع في أيماننا تقطر الدما
تورثن من أشياخ صدق تقربوا
بهن إلى يوم الوغى فتقدما
إذا خالطت هام الرجال تركنها
كبيض نعام في الوغى متحطما
نبذة عن العباس بن عبد المطلب
هو العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، وهو عم الرسول صل الله عليه وسلم، وهو صحابي من صحابته،