قصة قصيدة أتينا نمت بأرحامنا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أتينا نمت بأرحامنا” فيروى بأنّه في يوم من الأيام، خرج قوم من أهل المدينة المنورة إلى الشام، يريدون لقاء الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان، وكان منة بينهم الشاعر عروة بن أذينة، وعندما وصلوا إلى الشام، توجهوا إلى قصر الخليفة، وقفوا على بابه، واستأذنوا للدخول عليه، فدخل عليه حاجبه، وأخبره بأنّهم على بابه يريدون الدخول، فأمره أن يدخلهم، فخرج وأدخلهم، وعندما دخلوا، ووقفوا بين يديه، سألهم عن نسبهم، فانتسبوا له، فقال لعروة: ما الذي أحضرك يا ابن أذينة؟، فقال له عروة:
أتينا نمت بأرحامنا
وجئنـا بـإذن أبـي شـاكـر
فإن الذي سار معروفه
بنجدٍ وغار مـع الـغـائر
إلى خير خندف في ملكها
لبادٍ من الناس أو حاضر
وكان أبو شاكر هو ابن الخليفة هشام بن عبد الملك، وفي موسم الحج من ذلك العام، كان قد التقى بهم في المدينة، وأذن لهم بأن يحضروا إلى قصر أبيه في الشام، فقال له الخليفة: يا ابن أذينة، ما أراك إلا قد كذبت نفسك بقدومك إلي، فأنت قد قلت شعرًا من قبل، تتكلم فيه بأنك لا ترد على الخلفاء والأمراء، وبأنّك لا تحتاج غليهم، فقال له عروة: والله إنّي لم أكذب نفسي يا أمير المؤمنين، بل صدقتها، وما هذا إلا من ذاك، ومن بعد ذلك أمر الخليفة له ولمن ان معه بالأعطيات، فلم يقبل بها عروة، وخرج، وركب على حصانه، وتوجه عائدًا نحو المدينة المنورة.
وعندما أراد أن يوزعها عليهم، لم يتمكن من العثور على عروة، فسأل عنه، وأخبره من كان عنده بأنّه قد غضب من كلامه، وتوجه عائدًا إلى دياره، فقام الخليفة ببعث جائزته له إلى المينة المنورة.
نبذة عن الشاعر عروة بن أذينة:
هو أبو عامر عروة بن يحيى بن مالك بن الحارث بن عمرو بن عبد الله بن رجل بن يعمر الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث، من محدثي وفقهاء لمدينة المنورة، وشاعر من شعراء التابعين.
ولد في المدينة المنورة، ومن ثم انتقل إلى البصرة، واتصل بالخلفاء الأمويين.