قصة قصيدة أجاب الوابل الغدق

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أجاب الوابل الغدق

أمّا عن مناسبة قصيدة “أجاب الوابل الغدق” فيروى بأنّه في يوم من الأيام كان رجل يقال له أبا علي جالس مع المأمون في مجلسه، فاختلف الاثنان في بيت من الشعر وفيمن أنشده، ولفض الخلاف طلب المأمون امرأة يقال لها عريب، فذهب أحد رجاله، وأحضرها وأدخلها إلى مجلس الخليفة، وكانت وقتها محمومة، وعندما وقفت بين يديه سأله الخليفة عن البيت، فأخبرته عن قائله، فقال لها الخليفة أن تغني الشعر، فأرادت أن تخرج لكي تحضر عودًا وتغني وهي تعزف عليه، ولكن الخليفة أمرها بأن تغني من دون عود، فارتكزت على الحائط وأخذت تغني وهي مرتكزة.

وبينما هي تغني وإذ بعقربة تقترب منها، وتلدغها على يدها، ولكنها لم تبعد يدها، ولم تتوقف عن الغناء، ولم تسكت حتى أكملت الشعر، وعندها وقعت على الأرض مغميًا عليها.

وفي يوم من الأيام دخل رجل يقال له علي بن يحيى المنجم إلى مجلس عريب، وسلم عليها، وما كاد أن يجلس حتى بدأت السماء بالهطل، وكان هطلًا عظيمًا لم ير قبله من قبل، فقالت له عريب ابق اليوم عندي، فأغني عليك أنا وجواري، وقم بالبعث وراء من أردت من أصدقائك إلى المجلس، فأمر علي بن يحيى بدوابه، فأدخلوها إلى الاسطبل، وجلس معها يتحدث معها، وبينما هما جالسان سألته عن جلسته في مجلس الخليفة في اليوم السابق، وعن الأغاني التي غنيت فيه، وما استحسن منه، فقال لها: بأن الخليفة قد أعجب بشعر لرجل يقال له بنان بن الماخوري، فسألته عن الشعر، فأنشدها قائلًا:

تُجافِي ثم تَنطَبِقُ
جفونٌ حَشوُها الأرقُ

وذي كَلَفٍ بكى جَزَعاً
وسَفْرُ القوم مُنطلِقُ

به قَلَقٌ يُمَلْمِلُه
وكان وما به قَلَقُ

جوانحُهُ على خَطَرٍ
بِنارِ الشَّوق تَحترِقُ

فبعثت برسول إلى بنان، وأحضرته إلى مجلسها، ودخل وهو مبلول، فأمرت له بخلع لكي يجفف نفسه من الماء، وأمرت بالعشاء، فجلسوا يأكلون حتى شبعوا، ومن ثم طلبت منه أن ينشدها الشعر فأنشدها، فأمسكت بورقة وكتبت عليها:

أجاب الوابِلُ الغَدِقُ
وصاح النّرجس الغَرقُ

وقد غنّى بنان لنَا
جُفونٌ حَشوُها الأَرقُ

فهاتِ الكأسَ مُترعةً
كَأنَّ حُبابَها حدَقْ

فما شربوا من بعدها إلا على هذه الأبيات.

نبذة عن عريب

هي عريب المأمونية، وهي إحدى المغنيات المشهورات في العصر العباسي.


شارك المقالة: