قصة قصيدة أراحل أنت أبا جعفر
أمّا عن مناسبة قصيدة “أراحل أنت أبا جعفر” فيروى بأنه كان هنالك جارية من أهل المدينة المنورة يقال لها بصبص، وكانت بصبص حلوة الوجه، صاحبة صوت جميل، وكانت قد تعلمت الغناء على يد الطبقة الأولى من المغنيين في المدينة، وكانت بصبص مملوكة من قبل رجل يقال له يحيى بن نفيس، وهو صاحب قيان.
وكان أهل المدينة المنورة وأشرافها يأتون إلى يحيى بن نفيس، ويسمعون بصبص وهي تغني، وفي يوم من الأيام سمع الخليفة المهدي صوت بصبص، وكان وقتها ولي عهد الخليفة، فأعجب بجمالها وبصوتها، وقرر شرائها،، فبعث لمولاها بسبعة عشر ألف دينار، واشترتها منه، ووضعها عنده في القصر، ويقال بأنها قد أنجبت له فتاة سماها علية.
وكان عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير يأتي إليها، ويسمع غنائها، وكان يأتيها أيضًا فتيان من قريش ويسمعونها وهي تغني، وفي يوم أنشد عبد الله بن مصعب، حينما أتى المنصور إلى المدينة، وهو في طريقه إلى الحج، قائلًا:
أراحلٌ أنت أبا جعفرٍ
من قبل أن تسمع من بصبصا
هيهات أن تسمع منها إذا
جاوزت العيس بك الأعوصا
فخذ عليها مجلسي لذةٍ
ومجلساً من قبل أن تشخصا
أحلف بالله يميناً ومن
يحلف بالله فقد أخلصا
لو أنها تدعو إلى بيعةٍ
بايعتها ثم شققت العصا
وعندما وصل ما قال من شعر إلى الخليفة أبي جعفر المنصور، غضب غضبًا شديدًا، وأمر بإحضاره إليه، وعندما أتاه، وأدخلوه إلى مجلسه، قال له: أما إنكم يا آل زبير قد كنتم فيما مضى منقادون من نساءكم، وكنتم قد شققتم معهن العصا، حتى أصبحت أنت آخر الحمقى منهم، وأنت تتبع المغنيات، فدونك هذا المرتع الوخيم.
وكان ممن أنشد في بصبص الشعر هارون بن محمد بن عبد الملك، حينما قال:
بصبص أنت الشمس مزدانةً
فإن تبدلت فأنت الهلال
سبحانك اللهم ما هكذا
فيما مضى كان يكون الجمال
إذا دعت بالعود في مشهدٍ
وعاونت يمنى يدها الشمال
غنت غناءً يستفز الفتى
حذقاً وزان الحذق منها الدلال
نبذة عن عبد الله بن مصعب
هو عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، سكن في بغداد، وتوفي في الرقة في سوريا.
