قصة قصيدة أرى بغداد من بعد اغبرار

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أرى بغداد من بعد اغبرار

أمّا عن مناسبة قصيدة “أرى بغداد من بعد اغبرار” بأنه كان في مدينة بغداد في العصر العثماني شاعران من أصول كردية، وهما معروف الرصافي وصدقي الزهراوي، وقد كان هذان الشاعران على خلاف، حتى أن جميع أهل بغداد قد سمعوا بما بينهما من خلاف، حتى أن هذا الخلاف قد أذهب النوم من أعينهما وأقض مضجعهما، وكان السبب الأكبر لهذا الخلاف أن الزهراوي قد كان نائبًا في مجلس النواب العراقي، في حين كان معروف مغضوبًا عليه، حيث كان معارضًا للسلطة في ذلك الوقت.

ويروى بأن الملك فيصل حاول أن يصلح بين هذين الشاعرين، فقام في يوم بدعوتهما إلى العشاء، وكان العشاء أرز فوقه ديك رومي، فأخذ الزهراوي ينظر إلى الأرز وينتظر أن يأكل، وفي تلك اللحظة وقع الديك على جانبه، فأخذ الزهراوي ينشد قائلًا:

عرف الفضل أهله فتقدما!

فقاطعه الرصافي، وأكمل البيت فقال:

كثر النبش تحته فتهدما

فضحك الملك فيصل والحاضرون.

وفي يوم من الأيام سألوا الزهراوي عن رأيه بالشاعر أحمد شوقي، فرد عليهم متهكمًا بأنه لا يجيد الشعر، وبأن تلميذه الرصافي يجيد الشعر أكثر منه، ولم يكتف بذلك بل أنشد في يوم قائلًا:

وللشعر في بغداد روح
وللشعر أعباء أقوم بها وحدي

وكان ذلك كافيًا لكي يغيظ الرصافي وبقية شعراء بغداد، وفي يوم قامت الحكومة بنفي الرصافي خارج البلاد، بسبب هجومه على الإنجليز والحكومة العراقية، وبعد ذلك بسنين قامت الحكومة بالعفو عنه، فعاد إلى العراق، وأقيم حفل كبير للترحيب بعودته، وكان الزهاوي من بين المشاركين في ذلك الحفل، فأنشد قصيدة للترحيب به قائلًا:

لقد عاد معروف أخي بعد غيبة
فأهلاً برب الفضل والأدب الوفر

كلانا يريد الحق فيما يقوله
وإني وإياه إلى غاية نجري

فخذ بيدي اللهم في كل دعوة
وهذا أخي معروف اشدد به أزري

فغضب الرصافي من هذه الأبيات، ولكنه لم يبد أي ردة فعل، وفي مناسبة أخرى كانت بمناسبة عودة الزهاوي من مصر، أنشد الرصافي قائلًا:

أرى بغداد من بعد أغبرار
زهت بقدوم شاعرها الزهاوي

زهت بكبيرها أدباً وعلماً
زهت بطبيب علّتها المداوي

وكادت مصر تسبقها فَخاراً
به لو ظلّ وهو هناك ثاو

ولكن عاد مُحتَقباً إليها
فَخار الأرض والشرف السماوي

فأهلاً بالحكيم وألف أهل
بمَن لازال مُرشِد كل غاو

وما الآداب في بغداد لولا
يراع جميلها إلاّ دعاو

إذا ما قال في بغداد شعراً
رواه له بأقصى الأرض راو

تفرَّد في بديع الشعر معنىً
فجَلّ عن المُعادل والمُساوي

أُعيذك يا جميل الشعر مِن أن
يسوءك نقد أرباب المَساوي

يداوون السقيم من المعاني
بفَهم كان أجدرَ بالتداوي

نبذة عن معروف الرصافي

معروف عبد الغني البغدادي الرصافي، يعد شاعر العراق في عصره، وهو واحد من أعضاء المجمع العلمي العربي في دمشق أصله من عشيرة الجبارة في كركوك.

المصدر: كتاب "مجلة الرسالة" تأليف أحمد حسن الزيات كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: