قصة قصيدة أعطيتني يا ولي الحق مبتدئا
أمّا عن مناسبة قصيدة “أعطيتني يا ولي الحق مبتدئا” فيروى بأن علي بن جبلة خرج في يوم من الأيام من دياره بغية اللحاق بالحسن بن سهل وزير الخليفة العباسي المأمون، ووالد زوجته، ونيل ما يمكن له الحصول عليه منه، وبقي في أثره حتى أدركه في يوم وهو في عسكره، وكان يومها المأمون في العسكر عند زوجته خديجة ابنة الحسن بن سهل، وكان يومها يجري على ما يقارب النيف والسبعون ألف فلاح، وكانوا في غاية الانشغال في تنظيم جميع هؤلاء الفلاحين، فنزل عند رجل يقال له الحسن بن رجاء وهو كاتب الحسن بن سهل، وقال له: أريد أن أقابل الأمير، فاجعل لي سبيل لذلك، فقال له الحسن بن رجاء: إن الأمير في غاية الانشغال، فقال له علي: فهل تستطيع أن تخبره بأني قد أتيت للقائه؟، فقال له الحسن: حسنًا، لك ذلك، وأقامه عنده حتى اليوم التالي.
وفي صباح اليوم التالي، دخل الحسن بن رجاء إلى الحسن بن سهل، وكان الحسن بن سهل يهم بالخروج لقضاء عمله، فأوقفه، وأخبره بأن علي بن جبله يريد لقائه، فقال له الحسن بن سهل: ألا ترى بأني مشغول عن أن ألتقي به؟، ومن ثم قال له: أعطه هذه الدراهم، حتى أتفرغ لأن أقابله، فأخذ الحسن بن رجاء الدراهم، وخرج صوب علي بن جبله، وأعطاه إياها، وأخبره بخبر الحسن بن سهل، فقال له علي: أخبره عني بأني أقول:
أَعطَيتَني يا وَلِيَّ الحَقِّ مُبتَدِئاً
عَـطِـيَّةـً كـافَأَت مَدحي وَلَم تَرَني
مـا شِـمـتُ بَـرقَكَ حَتّى نِلتُ رَيِّقَهُ
كَـأَنَّمـا كُنتَ بِالجَدوى تُبادِرُني
نبذة عن علي بن جبلة
هو أبو الحسن علي بن جبلة بن عبد الله الأبناوي، ولد في مدينة بغداد في العراق في عام سبعمائة وستة وسبعون ميلادي، وهو شاعر من شعراء العصر العباسي، ويلقب بالعكوك، وتعني السمين القصير، ويقال بأن الذي لقبه بذلك هو الأصمعي، فقد كان يحسده، وذلك لما كان يلقاه من ثناء وإعجاب من قبل الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي كان متقبلاً له، معجباّ به حين ينشده بعض مدائحه الجيدة.