قصة قصيدة أغائبة الشخص عن ناظري:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أغائبة الشخص عن ناظري” فيروى بأنه عندما انتهت سيطرة الأمويين على الأندلس والتي فرضها عليهم المنصور بن أبي عامر، أتى ابنه شنجول عبد الرحمن وأعلن نفسه خليفة عليها، مما أدى إلى انتهاء حقبة بني أمية، وكان كل ذلك سببًا في تحالف بني أمية مع البربر، لكي يتمكنوا من القضاء عليه، وتمكنوا من قتله، مما أدى إلى بداية الفتنة الكبرى، واستمرت هذه الفتنة لما يزيد عن العشرين عامًا، وشهدت هذه الأعوام سفكًا للدماء.
وفي هذه الأعوام ارتقى العديد من الخلفاء الأمويين، والذين كانوا ضعيفين، ومن بعدهم تمكنت أسرة من أسر البرابرة أن تتسلم مقاليد الحكم هنالك، وبعد هذا كله وفي عام أربعمائة واثنان وعشرون بدأت مرحلة جديدة في الأندلس وهي مرحلة ملوك الطوائف، وكان أول من تسلم الحكم هنالك القاضي إسماعيل بن عباد، وقد وثق به أهلها بسبب حكمته وعلمه، وأعاد الهدوء إليها، ومن بعده كان المعتضد بن إسماعيل بن عباد، وقد تمكن المعتضد من توسيع المملكة لتضم العديد من المدن الجديدة.
ومن بعده تسلم ابنه المعتمد بن عباد الحكم، فكان ثالث ملوك بني عباد في الأندلس، والذي يعتبر أحد أقوى ملوك الطوائف، واهتم المعتمد بالشعر، وكان مجلسه مليئًا بالشعراء، وقد أحب المعتمد بن عباد زوجته اعتماد حبًا شديدًا، وكان يتغزل فيها بالشعر كثيرًا، وكان مما قاله فيها:
أَغائِبَةَ الشَخصِ عَن ناظِري
وَحاضِرَةً في صَميمِ الفُؤادِ
عَلَيكِ السَلامُ بِقَدرِ الشُجون
وَدَمع الشُؤونِ وَقَدرِ السُهادِ
تملكتِ مِنّي صَعبَ المَرامي
وَصادَفتِ ودّي سَهلَ القيادِ
مُراديَ لُقياكِ في كُلِّ حين
فَيالَيتَ أَنّي أَعطى مُرادي
أَقيمي عَلى العهدِ ما بَينَنا
وَلا تَستَحيلي لِطولِ البِعادِ
دسَستُ اِسمَكِ الحُلوَ في طيّ شِعري
وَألّفتُ فيهِ حُروفَ اِعتِمادِ
نبذة عن المعتمد بن عباد:
هو أبو القاسم المعتمد على الله محمد بن عبَّاد، ثالث ملوك بني عباد في الأندلس، ولد في عام أربعمائة وواحد وثلاثون للهجرة في مدينة باجة، واستلم الحكم في عام أربعمائة وواحد وستون للهجرة، واستمر لمدة ثلاثة وعشرون عامًا.
توفي المعتمد بن عباد في عام أربعمائة وثمانية وثمانون للهجرة، ودفن بالقرب من مدينة مراكش في المغرب.