قصة قصيدة أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا

أمّا عن مناسبة قصيدة “أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا” فيروى بأن أبو القاسم محمد بن هانئ الأزدي زار في يوم من الأيام جعفر بن علي الأندلسي، وهو أمير الزاب في الغرب الأوسط، ودخل إلى مجلسه، وكان يعلم بأن وزراءه وجلساءه وخواصه لا يمكن أن يتركوا أحد مثله يقترب من أميرهم، فقام قبل أن يدخل إلى المجلس بارتداء ملابس البرابرة، وقام بالكتابة على كتف شاة لا يوجد عليها لحم:

اللَّيْلُ لَيْلٌ وَالنَّهَارُ نَهَارُ
وَالبَغْلُ بَغْلٌ وَالحِمَارُ حِمَارُ

وَالدِّيكُ دِيكٌ وَالدَّجَاجَةُ زَوْجُهُ
وَكِلاهُمَا طَيْرٌ لَهُ مِنْقَارُ

ووقف أمام منزل الوزير حتى خرج منه، وقام بإيقافه، وقال له: أنا شاعر مفلق، وأريد أن أنشد هذا الشعر أمام الأمير، وكان يقصد بذلك أن يطرف الأمير، فأوصل الوزير الشعر إلى الأمير، فأمر الوزير بأن يحضره إليه، وعندما دخل ووجد المجلس ممتلئ بالشعراء عدل عن شعره، وأنشد الأمير قصيدته التي يصف فيها النجوم قائلًا:

أليلَتَنا إذ أرْسَلَتْ وارداً وَحْفَا
وبتنا نرى الجوزْاءَ في أُذنِها شَنفا

وباتَ لنَا ساقٍ يقومُ على الدّجَى
بشمعةِ نجمٍ لا تُقَطُّ ولا تُطْفى

أغَنُّ غضيضٌ خفّفَ اللّينُ قَدَّهُ
وثقّلَتِ الصّهباءُ أجفانَهُ الوُطْفا

ولم يُبْقِ إرعاشُ المُدامِ لَهُ يَداً
ولم يُبْقِ إعناتُ التثنّي له عِطفا

نَزيفٌ قضاهُ السِّكْرُ إلاّ ارتجاجَهُ
إذا كَلَّ عنه الخصْرُ حمَّله الرِّدفا

يقولون حِقْفٌ فوقه خَيْزُرانَةٌ
أما يعرِفونَ الخَيْزُرانَةَ والحِقفا

جعلنا حشايانا ثيابَ مُدامِنَا
وقدَّتْ لنا الظلماءُ من جِلدِها لُحفا

فمن كَبِدٍ تُدْني إلى كَبِدٍ هوىً
ومن شَفَةٍ تُوحي إلى شَفَةٍ رَشْفا

بعيشك نَبِّهْ كأسَه وجُفونَهُ
فقد نُبِّهَ الإبريقُ من بعدِ ما أغْفى

وقد وَلّتِ الظّلماءُ تقفو نجومَها
وقد قام جيشُ الفجرِ للّيل واصْطفّا

فقام إليه الأمير وقال له: بالله عليك، ألست أنت ابن هانئ؟، فقال له: نعم، أنا هو، فعانقه، وقام بوضع كرسي له بجانبه، وأجلسه إلى جانبه، وأمر بأن يلبسوه ملابس غير التي كان يرتديها، وأبقاه عنده حتى بعث إليه المعز الإسماعيلي بأن يبعثه إليه.

نبذة عن محمد بن هانئ الأزدي

هو  أبو القاسم محمد بن هانئ بن سعدون الأزدي، ولد في إشبيلية في الأندلس، عام ثلاثمائة وستة وعشرون للهجرة.


شارك المقالة: