قصة قصيدة أما ومسيح الله لو كنت عاشقا

اقرأ في هذا المقال


إن أحب الرجل فتاة حبًا صادقًا فلن يستطيع العيش من دونها، وإن عاش من بعدها، فإنه لن يهنأ بحياته، وسوف يعيش حزينًا، وهذا ما حصل مع شاعرنا الذي عاش أربعون عامًا من بعد أن ماتت حبيبته، وهو حزين عليها، ويتمنى الموت لكي يلحق بها.

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه الأبيات الحزن على موت حبيبته، ويتمنى بأن يموت ويلحق بها.

قصة قصيدة أما ومسيح الله لو كنت عاشقا

أما عن مناسبة قصيدة “أما ومسيح الله لو كنت عاشقا” فيروى بأن الأصمعي خرج في يوم من الأيام يطوف البلاد ويبحث عن أعاجيب الأحاديث، وبينما هو في مسيره، رأى بلدة بيضاء كأنها الغمامة، فتوجه إليها، ودخلها، فوجدها خراب، ولا يوجد فيها بيت ولا أنسان، وبينما هو يدور في نواحي هذه البلدة سمع صوت، فطار قلبه خوفًا، وأنصت جيدًا إلى ذلك الصوت، فإذا هو كلام موحش، فأخرج سيفه من غمده، وتوجه صوب ذلك الصوت، فإذا هو برجل جالس، وأمامه صنم، وبين يديه قطعة من حديد، ينكت فيها الأرض، وهو ينشد قائلًا:

أما ومسيح الله لو كنت عاشقاً
لمت كما ماتت، وقد ضمني لحدي

وكم أتسلى بالحديث وبالمنى
وبالعبرات السائلات على خدي

وإني وإن لم يأتني الموت سرعةً
لأمسي على جهد وأضحي على جهد

يدعو الشاعر في هذه الأبيات الله أن يميته كما ماتت حبيبته، ويقول بأن الموت إن لم يأتيه فسوف يمسي ويصبح على جهد.

وعندما سمع الأصمعي ذلك منه، اقترب منه، ولكن الرجل لم يشعر به إلا حينما قال له: السلام عليكم، فرفع رأسه ونظر إليه، وقال له: وعليكم السلام، من أنت، ومن أين أنت، وما الذي أتى بك إلى هذه القرية؟، فقال له الأصمعي: الله جاء بي، فقال له الرجل: نعم، والله إنك قد صدقت، وهو الذي وضعني لوحدي في هذا المكان، فقال له الأصمعي: ولم تشير إلى ذلك الصنم الذي بين يديك؟، فقال له الرجل: إن قصتي عجيبة، وأمري غريب، فقال له الأصمعي: أخبرني به، ولا تخف عني منه شيئًا.

فقال له الرجل: إنني من قوم بني تميم، وقد كنا على دين المسيح، وكنا إذا دعونا دعوة أجيبت، وهذه التي أمامي هي ابنة عمي، وكنت قد تربيت أنا وإياها سويًا، وعندما كبرت كبر حبها في قلبي، ولكن أحدًا لم يعلم بأمر حبي لها، وفي ليلة من الليالي وأنا عندها وإذ بعمي يطرق الباب، فأدخلتني في سرداب، وقامت بفتح الباب لأبيها، فقال لها عمي: أين ابن أخي؟، فقالت له: لم أره، فقال لها: ولكني سمعت صوته وهو يتكلم معك، فقالت له: لم تسمع صوته وإنما خيل لك، فقال لها: قولي لي الحقيقة، وإلا دعوت الله أن يمسخك حجرًا، فقالت له: والله إني أخبرك الحقيقة.

وأكمل قائلًا: فرفع عمي يديه إلى السماء، ودعا الله أن يمسخها حجرًا إن كانت تكذب عليه، فمسخها الله حجرًا، وأنا في هذا المكان منذ أربعون عامًا، وأنا آكل من نباتات الأرض، وأشرب من ماء النهر، وأتسلى بالنظر إليها، إلى أن يحكم الله بالموت علي، ومن ثم أخذ ينشد قائلًا:

وحق الذي أبكى وأضحك والذي
أمات وأحيا والذي خلق الخلقا

لئن قلت إن الحب قد يقتل الفتى
وإن الفتى بعد التفرق لا يبقى

لقد قلت حقاً واسأل العبرة التي
تسيل وسيل الدمع مني لا يرقا

ومن ثم قام الرجل، وتوارى عن نظر الأصمعي، ونزع ما عليه من ملابس، ولم يبق عليه سوى ما يداريه، ومن ثم عاد إليه، وكان يريد من ذلك أن يريه كيف أصبح جسده نحيلًا، ووقف أمام الأصمعي، وقال له: يا بني، خذ عني هذه الأبيات، وإن مت فكفني أنا وإياها في هذه الجبة، وادفنا في هذا المكان، واكتب الأبيات على قبرنا، ومن ثم أنشده قائلًا:

من لم يكن يحسب أن الهوى
يقتل، فلينظر إلى مضجعي

لم يبق لي حولٌ ولا قوةٌ
إلا خيال الشمس في موضعي

أشكو إلى الرحمن جهد البلا
إشارة بالطرف والإصبع

ومن ثم شهق شهقة ومات من فوره، فكفنهما، ودفنهما في مكانهما، وكتب على قبرهما الأبيات التي أنشده إياها.

الخلاصة من قصة القصيدة: لقي الأصمعي رجلًا في يوم، وكان جالس في مكان موحش، لا يوجد فيه أحد، فسأله عن خبره، فأخبره قصته مع ابنة عمه التي كان يحبها.


شارك المقالة: