قصة قصيدة إذا أنا لا أبغي رضاك وأتقي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إذا أنا لا أبغي رضاك وأتقي

أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا أنا لا أبغي رضاك وأتقي” فيروى بأن الحجاج بن يوسف الثقفي عندما أكثر في قتل الأسرى من معركة دير الجماجم، وأكثر من إعطاء الأموال، ووصل خبر ذلك إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فغضب منه، وبعث له بكتاب، قال له فيه: لقد وصلني عنك بأنك تكثر من إسالة الدماء، وتبذر في العطاء، وقد حكمت عليك في الناس الذين قتلتهم عن غير قصد بالدية، وفي الناس الذين قتلتهم عمدًا القود، وفي الأموال التي أسرفتها أن تعيدها إلى مكانها، ثم تعمل فيها ما آمرك به، فإن المال هو مال الله تعالى، ونحن أمينون عليه، فإن كنت تريد رضى الناس فما أغناك عنهم، وإن كنت تريد تلك الأموال لنفسك فما أغناك عنها، ولك مني أمران، وهما: أن تكون لينًا وشديدًا، وإذا أعطاك الله عز وجل الظفر، فلا تقتل أسيرًا، ومن ثم كتب في أسفل الكتاب:

إذا أنت لم تترك أمورا كرهتها
وتطلب رضائي بالذي أنا طالبه

فإن تر مني غفلة قرشية
فيا ربما قد غص بالماء شاربه

وأن تر مني وثبة أموية
فهذا وهذا كل ذا أنا صاحبه

فلا تأمنني والحوادث جمة
فإنك تجزي بالذي أنت كاسبه

فلا تعد ما يأتيك مني وإن تعد
يقمن به يوما عليك نوادبه

فلا تمنعن الناس حقا علمته
ولا تعطين ما ليس للناس واجبه

فإنك إن تعطي الحقوق فإنما
النوافل شيء لا يثيبك واهبه

وعندما وصل الكتاب إلى الحجاج، وقرأ ما فيه، بعث للخليفة بكتاب قال له فيه: لقد أتاني كتابك الذي ذكرت فيه قتلي للأسرى، وتبذيري للأموال، وإني لم أبالغ قط في عقاب أهل المعصية، ولم أتردد عن إعطاء أهل الطاعة، فإن كان في قتلي أهل المعصية يعد إسرافًا، وإعطاء الأموال لأهل الطاعة يعد تبذيرًا، فليسر لي أمير المؤمنين، ومن ثم كتب في أسفل الكتاب:

إذا أنا لا أبغي رضاك وأتقي
أذاك فليلي لا توارى كواكبه

وما لامرىء بعد الخليفة جنة
تقيه من الأمر الذي هو راكبه

إذا قارف الحجاج فيك خطيئة
لقامت عليه بالصباح نوادبه

إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه
واقص الذي تسري إلي عقاربه

وأعط المواسي في البلاء عطية
لرد الذي ضاقت علي مذاهبه

فمن يتقي بؤسي ويرجو مودتي
ويخشى غدا والدهر جم نوائبه

وأمري إليك اليوم ما قلت قلته
وما لم تقله لم أقل ما يقاربه

ومهما أردت اليوم مني أردته
وما لم ترده اليوم إني مجانبه

وقف بي على حد الرضا لا أجوزه
مدى الدهر حتى يرجع الدر حالبه

وإلا فدعني والأمور فإنني
شفيق رفيق أحكمته تجاربه

وعندما وصل الكتاب إلى الخليفة، وقرأ ما فيه، قال لمن كان عنده بأن الحجاج قد خاف صولته، ولن يعاود أمر كرهه.

نبذة عن الحجاج بن يوسف الثقفي

هو أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي، ولد في الطائف، ونشأ فيها، ومن ثم انتقل إلى الشام، ولاه عبد الملك بن مروان إمارة العراق.

المصدر: كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: