قصة قصيدة إذا اللّه عادى أهل لؤم ورقة:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا اللّه عادى أهل لؤم ورقة” فيروى بأنه في يوم قام الشاعر النجاشي الحارثي بهجاء بني عجلان، بقوله:
إذا اللّه عادى أهل لؤم ورقّة
فعادى بني العجلان رهط ابن مقبل
قبيّلة لا يغدرون بذمّة
ولا يظلمون الناس حبّة خردل
ولا يردون الماء إلا عشيّة
إذا صدر الورّاد عن كل منهل
تعاف الكلاب الضاريات لحومهم
وتأكل من كعب وعوف ونهشل
وما سمّي العجلان إلاّ لقولهم
خذ القعب واحلب، أيها العبد، وأعجل
وعندما وصلهم ما قال فيهم، ذهبوا من فورهم إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وشكوه له، وقالوا له بأنّه قد هجاهم، فقال لهم: وماذا قال فيكم؟، فقالوا له: لقد قال:
إذا الله عادى أهل لؤم وقلة
فعادى بني العجلان رهط ابن مقبل
فقال لهم الخليفة: إنّه يدعوا لكم، وإن كان من المظلومين، فأرجو الله أن يقبل دعوته، فقالوا له: وأين أنت من قوله:
قبيلته لا يغدرون بذمة
ولا يظلمون الناس حبة خردل
فقال لهم الخليفة: ليت آل الخطاب هكذا، فقالوا له: وأين أنت من قوله:
ولا يردون الماء إلا عشية
إذا صدر الوراد عن كل منهل
فقال لهم أمير المؤمنين: ذاك أفضل للإبل فتشرب الماء براحتها، وأقل جمهورًا. قالوا: فأين أنت من قوله:
تعاف الكلاب الضاريات لحومهم
ويأكلن من عوف وكلب ونهشل
فقال الخليفة: ذلك لأنّهم لا يدفنون موتاهم وقتلاهم كما جاء في السنة، قالوا فأين أنت من قوله:
وما سمي العجلان إلا لقولهم
خذ القعب واحلب أيها العبد واعجل
فقال لهم الخليفة: سيد القوم خادمهم، وكلنا عبيد الله.
ولم يكن هذا من الخليفة لسوء معرفته بانتقاد الشعر ولكنه قد قام باستعمال قول النبي عليه السلام: ” ادرؤا الحدود بالشبهات، وادرؤوا الحدود ما استطعتم “.
نبذة عن الشاعر النجاشي الحارثي:
هو قيس بن عمرو بن مالك من بني الحارث بن كعب، لقب بالنجاشي بسبب لون بشرته الأسود، والذي كان يشبه لون بشرة سكان الحبشة، ولد في في اليمن، ونشأ فيها، ثم انتقل إلى الحجاز، وقد اشتهر بأنّه كثير الهجاء في شعره.