نروي لكم اليوم شيئًا من خبر بخل الخليفة عبد الملك بن مروان، حينما سأل ندمائه عن أفضل الشعراء، فعرض به بشعر يلوم به صاحبه أهل البخل.
من هو المقنع الكندي؟
هو محمد بن ظفر بن عمير بن أبي شمر الكندي، شاعر من شعراء العصر الأموي، وهو من قبيلة كندة من أهل حضرموت في اليمن، اشتهر بكرمه وجوده.
قصة قصيدة إني أحرض أهل البخل كلهم
أما عن مناسبة قصيدة “إني أحرض أهل البخل كلهم” فيروى بأن الخليفة عبد الملك بن مروان كان في يوم من الأيام في مجلسه، وكان عنده جمع من اهل العلم والشعر، وبينما هم جالسون قال لهم الخليفة: من أفضل الشعراء؟، فأجابه العديد من ندمائه، كل يقول له شاعرًا ويروي له شيئًا من شعره، وكان منهم رجلًا يقال له كثير بن هواسة، فوقف كثير وقال له يعرض به -حيث كان الخليفة عبد الملك بن مروان مشهورًا ببخله-: أفضل الشعراء المقنع الكندي حينما أنشد قائلًا:
إِنّي أُحَرِّض أَهلَ البُخلِ كُلِّهُم
لَو كانَ يَنفَعُ أَهلَ البُخلِ تَحريضي
ما قَلَّ ماليَ إِلّا زادَني كَرَماً
حَتّى يَكونَ برزقِ اللَهِ تَعويضي
يلوم الشاعر في هذه الأبيات أهل البخل على بخلهم، ويقول: إني أحرضهم جميعهم لو كان ينفعهم تحريضي لهم، فإن مالي لم يقل إلا وزادني ذلك كرمًا، وعندها سوف انتظر حتى يعوضني رزقي من الله عما جدت به.
وَالمالُ يَرفَعُ مَن لَولا دَراهِمُهُ
أَمسى يُقَلِّب فينا طرفَ مَخفوضِ
لَن تُخرِج البيضُ عَفواً مِن اكُفِّهُم
إِلا عَلى وَجَعٍ مِنهُم وَتَمريضِ
كَأَنَّها مِن جُلودِ الباخِلينَ بِها
عِندَ النَوائِبِ تُحذى بِالمَقاريضِ
ففهم الخليفة مقصد كثير بن هواسة بالشعر الذي ذكره، وقال له: ولكن الله أصدق منه، حيث يقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}.