قصة قصيدة إن أدع مسكينا فإني ابن معشر:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إن أدع مسكينا فاني ابن معشر” فيروى بأن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان كان يحب الشاعر مسكين الدارمي، ويفضل الجلوس معه عن بقية الشعراء، ويصله، ويقضي له حوائجه عند أبيه الخليفة معاوية بن أبي سفيان.
وعندما أراد الخليفة أن تكون الخلافة ليزيد من بعده، تردد في ذلك، وخاف أن لا يوافق الناس على ذلك، وذلك لأنّ المرشحين للخلافة من بعده كثر، وجميعهم محبوبون بين الناس، ولا يوجد فيهم من يعيبه أي شيء، وعندما استشار المقربون منه في ذلك، وصله بأن سعيد بن العاص ومروان بن الحكم يقولون في يزيد كلامًا، وعندما سمع ما قالوا لم يعجبه.
وعندها قرّر يزيد أن يجعل مسكين الدارمي يقول فيه شعرًا أمام أباه، فدعاه إلى مجلسه، وعندما دخل إليه قال له: يا مسكين، أريد منك أن تقول في أبياتًا، وتقوم بإنشادها أمام أبي في مجلسه، وأريد أن تقوم بذلك أمام الحاضرين من أشراف المدينة، ووجوه بني أمية، واتفق معه على ذلك، وبعد ذلك في عدة أيام، كان الخليفة في مجلسه، وعن يمينه ابنه يزيد، ومحيط به وجوه بني أمية، وأشراف المدينة حاضرون، فدخل مسكين الدارمي، ووقف بين يدي الخليفة، وأنشد قائلًا:
إِن أَدعَ مسكيناً فاني ابن معشر
من الناس أَحمي عنهم وأَذودُ
إِليكَ أَمير المؤمنين رحلتها
تثير القطا ليلا وهن هجودُ
لَدى كل قرموص كأَنَّ فراخه
كُلى غير أَن كانَت لهن جلودُ
وَهاجرة ظلت كأَنَّ ظباءَها
إِذا ما اتقتها بالقرون سجودُ
تَلوذ لشؤبوب من الشمس فوقها
كَما لاذ من حر السنان طَريدُ
أَلا لَيتَ شعري ما يَقول ابنُ عامر
وَمروان أَم ماذا يَقول سَعيدُ
بَني خلفاء اللَه مهلا فانما
يبوءها الرحمن حيث يريدُ
إِذا المنبر الغَربي خلاه ربه
فان امير المؤمنين يزيدُ
على الطائر الميمون والجد صاعد
لكل أُناس طائر وجدودُ
فَلا زلت اعلى الناس كعباً ولا تزل
وفود تساميها إِليك وفودُ
فقال له الخليفة: ننظر فيما قلت ونستخير، فلم يتكلم أحد من بني أمية في ذلك إلّا بالموافقة والإقرار على يزيد، وذلك ما كان يريد يزيد أن يعرف، فقد كان يريد أن يتأكد من موافقتهم عليه، وقام كل من يزيد ومعاوية بوصل مسكين، وأجزلا عليه العطاء.
نبذة عن الشاعر مسكين الدارمي:
هو ربيعة بن عامر التميمي، من شعراء العصر الأموي، وسمي مسكين لأنّه كان يدعو نفسه مسكين في شعره، توفي في عام تسعون للهجرة.