قصة قصيدة إن التي أبصرتها
ينتظر العاشق كلمة أو كتاب أو رسالة ممن يعشق على أحر من الجمر، ومن هؤلاء العاشقين شاعرنا أبي نواس الذي كان ينتظر أي كلمة أو كتاب من محبوبته.
أما عن مناسبة قصيدة “إن التي أبصرتها” فيروى بأن رجلًا يقال له محمد بن حفص التميمي وهو من كان يتولى القضاء في مدينة البصرة، كان في يوم من الأيام خارجًا من المسجد، وعائدًا إلى بيته، وبينما هو في طريقه إلى بيته رأى أبو نواس جالسًا مع فتاة، وكان يتكلم معها، وكانت هذه الفتاة قد أتته برسالة من جنان محبوبته، وعندما مر من جانبه محمد بن حفص ورآه مع هذه الفتاة، قال له: اتق الله يا أبا نواس، فإن من تجلس معك ليست بحلالك، ولا يجوز أن تجلس معها، فقال له أبو نواس: ولكن هذه الامرأة هي حرمتي يا مولاي، وعندما علم محمد بن حفص بأن هذه الامرأة هي حرمة أبو نواس اعتذر منه عما قال له، وانصرف من عنده، فبعث إليه أبو نواس بكتاب، وكتب له في هذا الكتاب أبياتًا من الشعر، قال فيها:
إِنَّ الَّتي أَبصَرتَها
سَحَراً تُكَلِّمُني رَسولُ
لَيسَت هِيَ القَصدُ الَّذي
يومى إِلَيهِ وَلا السَبيلُ
أَدَّت إِلَيَّ رِسالَةً
كادَت لَها نَفسي تَسيلُ
يخاطب الشاعر في هذه الأبيات القاضي الذي رآه مع فتاة، وقال له: اتق الله، ويقول له: بأن من رآها معه ما هي إلا مرسال بينه وبين من يحب، وبأنه لا يبغى منها شيئًا، ولا هي مقصده، ولكنها أدت الرسالة التي بعثت معها إليه، والرسالة هي كل مبتغاه.
مِن ساحِرِ العَينَينِ يَجذِبُ
خَصرَهُ رِدفٌ ثَقيلُ
مُتَقَلِّدٌ قَوسَ الصِبا
يَرمي وَلَيسَ لَهُ رَسيلُ
فَلَوَ اِنَّ أُذنَكَ بَينَنا
حَتّى تَسَمَّعُ ما نَقولُ
لَرَأَيتَ ما اِستَقبَحتَهُ
مِن أَمرِنا وَهُوَ الجَميلُ
وَعَلِمتَ أَنّي في نَعيمٍ
لا يَحولُ وَلا يَزولُ
نبذة عن أبي نواس
أبو علي الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي، شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في الأهواز، وتوفي في بغداد.
الخلاصة من قصة القصيدة: كان أبو نواس جالسًا مع فتاة، وبينما هو جالس معها مر من عنده قاضي البصرة في ذلك الزمان محمد بن حفص التميمي، وقال له: اتق الله، فقال له أبو نواس: إنها حرمتي، ولكن وبعد أن انصرف بعث له بأبيات من الشعر يخبره فيها بأنها مجرد مرسال.