قصة قصيدة إن الفاروق لم يردد كلابا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إن الفاروق لم يردد كلابا:

أمّا عن مناسبة قصيدة “إن الفاروق لم يردد كلابا” فيروى بأنه كان هنالك شابًا في فترة خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واسم هذا الشاب كلاب بن أمية الكناني، وقد كان كلاب وحيد والديه، وبارًا بهما، فقد كان يقوم بكل ما يحتاجه البيت، ويلبي لهما جميع احتياجاتهما، وفي يوم سمع كلاب بأن الجهاد في سبيل الله هو من أفضل الأعمال التي يمكن للمسلم أن يفعلها، فتوجه إلى الخليفة وطلب منه أن يرسله إلى الجهاد، فقال له الخليفة: أنت تعتني بوالديك، فقال له كلاب: استأذن منهما، وذهب إليهما وألح عليهما بأن يوافقا، فوافقا ولكن على مضض، فذهب إلى الجهاد.

وبعد أن مرت الأيام وهو بعيد عن أهله، وفي يوم من الأيام جلس والده تحت شجرة، وبينما هو جالس رأى حمامة تطعم أولادها، فأنشد قائلًا:

لمن شيخان قد نشدا كلابا
كتاب الله لو عقلا الكتابا

تركت أباك مرعشة يداه
وأمك لا تسيغ لها شرابا

طويلا شوقه يبكيك فردا
على حزن ولا يرجوا الإياب

إذا هتفت حمامة التياعا
على بيضاتها ذكرا كلابا

ثم اشتد به الحزن على بعد ابنه عنه، وطال عليه البكاء حتى ابيضت عيناه من كثر البكاء، وفقد بصره، وأصبح يذكر كلاب أينما ذهب، ومع كل من يجلس معهم، وبعد ذلك بدأ يدعو على الخليفة لأنه هو من بعث ابنه إلى الجهاد، وأبعده عنه، فأنسد في الخليفة قائلًا:

أعاذل قد عذلت بغير علم
وما تدرى أعاذل ما ألاقي

إن الفاروق لم يردد كلابا
على شيخين سامهما فراق

سأستعدى على الفاروق رباً
له دفع الحجيج إلى بساق

وادعو الله مجتهداً عليه
ببطن الأخشبين إلى زقاق

وفي يوم أخذه أحد رفاقه، وأدخله إلى مجلس للخليفة عمر بن الخطاب، من دون أن يعرف بأن الخليفة موجود هنالك، وجلسا في المجلس، وبينما هما جالسان، قال له رفيقه، أنشد لنا بعضًا من شعرك، فأنشده قائلًا:

إن الفاروق لم يردد كلابا
على شيخين سامهما فراق

سأستعدى على الفاروق ربا
له دفع الحجيج إلى بساق

وأدعوا الله مجتهدا عليه
ببطن الأخشبين إلى زقاق

فتفاجأ عمر بن الخطاب مما سمع، وسأل قائلًا: من هذا؟، فردوا عليه قائلين: هو أمية الكناني، فسألهم عن خبره، فأخبروه بأنه قد بعث بابنه إلى الجهاد، فبعث أمير المؤمنين من فوره إلى قادة الجيش بأن يبعثوا كلاب على أسرع وجه، وعندما وصلهم الكتاب بعثوه، وعندما وصل الخليفة، ومثل بين يداه، قال له: اجلس، فجلس، فقال له الخليفة: كيف كنت تبر أباك؟، فقال له: والله إني لم أكن أعلم بشيء يحبه إلا وفعلته له قبل أن يطلبه مني، ولم أكن أعلم بأنه يكره شيئًا إلا وتركته قبل أن يمنعه عني، وكنت إذا أردت أن أحلب الناقة لكي يشرب أبي من حليبها، آتيها في أول الليل وأبعدها عن بقية الإبل، وأنيخها وأربطها، لكي لا تتحرك، وآتيها في الصباح فأسقيها ماءًا باردًا، وأغسلها منه، ثم أحلبها وأسقيه من حليبها، فقال له الخليفة: عجبًا لك، أتفعل كل ذلك لكي تسقيه اللبن.

ثم أن أمير المؤمنين طلب من كلاب أن يفعل له كما كان يفعل لأبيه، ولكن كلاب أخبره بأنه يريد أن يذهب إلى أهله، وعد أن أصر عليه الخليفة، وافق، وقام على الناقة، وفعل كما ان يفعل لأبيه، وأحضر الإناء إلى أمير المؤمنين، فأخذه منه، وطلب منه أن يدخل إلى غرفة مجاورة، وأرسل في طلب أبيه، وعندما دخل وجلس ولم يكن يعلم سبب إحضاره، فسأله عمر قائلًا: ما الي تشتهيه من الدنيا؟، فقال له: لا شيء، إلا الموت، فأقسم عليه عمر بأن يخبره ما يشتهي، فقال أمية: والله إني أشتهي أن أضم ابني وأشم رائحته قبل أن أموت، فقال له الخليفة: خذ واشرب من هذا اللبن، فرفض أمية وقال: لا حاجة لي به، فأقسم عليه عمر بان يشرب، فأخذه وقربه من فمه، وقبل أن يشرب بدأ بالبكاء، وقال: والله إني أشم رائحة كلاب، فبكى الخليفة، وأمر بأن يفتحوا باب الغرفة، وخرج كلاب، وضم أباه ضمة شديدة، وطويلة، وهو يقبله مرة، ويشمه مرة أخرى، والخليفة يرى ذلك ويبكي.

نبذة عن أمية الكناني:

هو أمية بن حرثان بن الأسكر بن عبد الله سربال الموت بن زهرة بن زبينة بن جندع بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، صحابي من قبيلة كنانة.


شارك المقالة: