قصة قصيدة بلد مظلم وملك ظلوم
أمّا عن مناسبة قصيدة “بلد مظلم وملك ظلوم” فيروى بأن رجلًا يقال له أبو الفضل ابن فتوح المصري وهو تاجر من تجار مصر سكن في يوم من الأيام في بيت في منطقة تدعى دويرة خلف، وعندما دخل البيت لأول مرة وجد جميع جدرانه مكتوبة بالبديع من الأخبار، والمستحسن من الأشعار، وكان مما كان مكتوبًا على الجدار، أن رجلًا يقول: عندما دخلت إلى مدينة بجاية بينما كنت في ترحالي، توجهت إلى صديق لي، وقد كان معلمًا، ودخلت إلى مكتبه، وصبيانه جالسون من حوله، فقام بإحضار أحد الصبيان، وقال لي: اختبر مدى معرفته في الشعر، فقلت له: اجز:
وشادنٍ ذي شطاط
فقال:
حجي له ورباطي
فقلت:
موكل بضميري
فقال:
معلق بنياطي
فتعجبت من سرعة بديهة هذا الصبي، وعندما كبر هذا الصبي، اشتهر بقول الشعر، ووصل في يوم من الأيام الخبر إلى السلطان تميم بن المعز بأنه قد قام بهجائه، وبأنه قد أنشد فيه قائلًا:
بلد مظلم وملك ظلوم
وهما فيح حمةً وتميم
هو فيها كمالك والمقيمون
بها المجرمون وهي الجحيم
فأمر السلطان أحد غلمانه أن يذهب إلى بيته، ويحضره إلى مجلسه، فتوجه الغلام إلى منزل هذا الشاب، ودق عليه بابه، فخرج له، وأخبره الغلام بان السلطان يريده في مجلسه، فخرج معه مسرعًا إلى مجلس السلطان، ووقف على باب مجلسه، حتى يأذن له بالدخول، وعندما سمح له بالدخول، دخل إلى مجلسه، ووقف بين يديه، ورد عليه السلام بأفضل ما يكون، فرد عليه السلطان سلامه، ومن ثم سأله عن خبر الشعر الذي قاله فيه هاجيًا، فأنكر قوله، وقال له: والله يا مولاي، إني لم أقل هذا، وإنما قلت فيك شعرًا قلت فيه:
عرجا بي فذا مناخ كريم
هذه حمنة وهذا تميم
هذه الجنة التي وعد الله
وهذا صراطه المستقيم
فاستظرفه السلطان واستلطفه، وقام بإكرامه، ومن ثم أمره بالانصراف.
وبعد أن استقصى أبو الفضل ابن فتوح عن صاحب هذا البيت، وجد بأنه قد كان لأبي الصلت عندما عاش في مصر.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الحزن على حال بلده، وحاكمها الذي كان كأنه يملك هذه البلد، وبأن الناس كلهم كالعبيد عنده.