قصة قصيدة بنفسي هما ما متعا بهواهما
أمّا عن مناسبة قصيدة “بنفسي هما ما متعا بهواهما” فيروى بأنه في يوم من الأيام كان كامل بن الرضين في السوق، وبينما هو يسير في طرقاته رأى فتاة اسمها أسماء بنت عبد الله بن مسافر، وهي ابنة عمه، ولكنه لم يرها من قبل، وكانت أسماء فتاة شديدة الجمال، فأعجب بجمالها، وأوقفها، وتكلم معها، وعرف بأنها ابنة عمه، وأعجب بكلامها، وفصاحتها، ووقع غرامها في قلبه، وعشقها، وبقي عشقها في قلبه، وأخذ يزداد شيئًا فشيئًا حتى أصابه مرض عضال، لم يستطع أي من حكماء المدينة شفائه.
وفي يوم جلس معه والده، وأقسم عليه أن يخبره سبب ما هو به، فأخبره بخبر عشقه لابنة عمه، فخرج اباه من المنزل، وتوجه إلى بيت أخيه، وشكا له حال ابنه، فوافق أخوه على أن يزوجه من ابنته، فعاد والده إلى البيت وأخبره بأن عمه قد وافق على تزويجه من ابنته، فطلب من أباه أن يأخذه إلى بيت عمه، فحملوه وأخذوه إلى بيتها.
وعندما دخل إلى بيتها، وكان يتنفس أنفاسه الأخيرة، أجلسوه، فقال: هل يمكن لأسماء أن تسمع ما أقول؟، فقالوا له: نعم، إنها تسمعك، فشهق شهقة ومات من فوره، فحملوه وأخرجوه من بيت عمه، ومن ثم أخبروا أسماء بخبر ما حصل له، فقالت لهم: والله لألحقن به، ولن أعيش من بعده، وقد كنت أستطيع أن أزوره في مرضه، ولكن منعني من ذلك الريبة وسماجة الغيبة، ومرضت مرضًا شديدًا، وعندما اشتد المرض عليها، وعرفت بأنها مفارقة، قالت لإحدى النساء القريبات منها: صوري لي صورته، فإني أريد أن أراه قبل أن أموت، ففعلت، وعندما رأت صورته، حضنتها إلى صدرها، وشهقت شهقة، وماتت من فورها، فقاموا بدفنها في نفس قبر ابن عمها، وكتب على رأس القبر:
بنفسي هما ما متّعا بهواهما
على الدّهر حتّى غيّبا في المقابر
أقاما على غير التزاور برهةً
فلمّا أصيبا قرّبا بالتزاور
فيا حسن قبرٍ زار قبراً يحبّه
ويا زورةً جاءت بريب المقادر
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الحزن على حال الحبيبين اللذان لم يستطيعان التمتع بحبهما وهما على قيد الحياة.