عندما يموت رجل من كبار القوم في علمه، فإن هنالك من يحزن عليه، ويبكي لموته، ومن هؤلاء الكسائي ومحمد بن الحسن الفقيه، حيث قام اليزيدي برثائهما عندما ماتا.
من هو أبو محمد اليزيدي؟
أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي، ولد في البصرة، وسكن في بغداد.
قصة قصيدة تضرمت الدنيا فليس خلود
أما عن مناسبة قصيدة “تضرمت الدنيا فليس خلود” فيروى بأن الكسائي قد خرج في يوم من الأيام مع أمير المؤمنين هارون الرشيد من بغداد، وتوجهوا إلى خراسان، وكان معه رجل يقال له محمد بن الحسن الفقيه الذي كان صاحبًا للإمام أبي حنيفة، وبينما هما في الطريق إلى هنالك ماتا، فأنشد الكسائي قصيدة يرثاهما بها قائلًا:
تَصَرَّمتِ الدنيا فليسَ خلودُ
وما قد ترى من بهجةٍ سَيبَيِدُ
يقول الشاعر في هذا البيت بأنه لا يوجد شخص إلا وسوف ينال منه الموت، فليس على الأرض رجل لن يرد عليه.
لكلِّ امرئ منا من الموت منهلٌ
وليس له إلا عليه ورود
ألم تر شيباً شاملاً يُنذرُ البِلى
وإن الشبابَ الغضَّ ليس يعودُ
سيأتيك ما أفنى القرونَ التي خَلَتْ
فكن مستعداً فالفناءُ عتيدُ
أسيتُ على قاضي القضاةِ محمدٍ
فأذرَيتُ دمعي والفؤادُ عميدُ
وقلتُ إذا ما الخطبُ أشكلَ مَنْ لنا
بإيضاحه يوماً وأنت فقيدُ
وأقلقني موتُ الكسائيّ بعدهُ
وكادتْ بي الأرضُ الفضاءُ تَميدُ
فأذهلني عن كلِّ عيشٍ ولذةٍ
وأرَّقَ عيني والعيونُ هُجود
هما عالمانا أود يا وتخرّما
وما لهما في العالمين نَديِدُ
فخرنيَ إنْ تَخْطُر على القلبِ خَطرةٌ
بذكرهما حتى المماتِ جديدُ
ويروى بأن الخليفة المأمون قد عزل محمد بن عبد الرحمن المخزومي عن القضاء في مدينة بغداد، ووضع مكانه بشر بن وليد الكندي، فأنشد أبو محمد اليزيدي مخاطبًا للخليفة المأمون، قائلًا:
يا أيها الملك الموحد ربه
قاضيك بشر بن الوليد حمار
ينفي شهادة من يدين بما به
نطق الكتاب وجاءت الآثار
ويعد عدلاً من يقول برأيه
شيخٌ تحيط بجمه الأقدار
عند المريسي اليقين بربه
لو لم يشب توحيده إجبار
لكن من جمع المحاسن كلها
كهلٌ يقال لشيخه مردار
ومردار هو أبو موسى بن المردار شيخ بشر بن الوليد.
الخلاصة من قصة القصيدة: بينما كان كل من الكسائي ومحمد بن حسن الفقيه في طريقهما إلى خراسان توفيا، فرثاهما اليزيدي بأبيات من الشعر.